التغير المناخي يكشف ديناميكيات معقدة للحواجز الإنجابية في الكائنات البحرية

توصل علماء من جامعة موناش إلى فهم أعمق لكيفية تأثير ارتفاع درجات الحرارة على التفاعلات التناسلية وحدود الأنواع في الكائنات البحرية.

في ظل إعادة تشكيل النظم البيئية بسبب تغير المناخ، تُلقي دراسة جديدة من كلية العلوم بجامعة موناش الضوء على التفاعل المعقد بين درجات الحرارة وجنس الوالدين والعوائق التناسلية لدى ديدان البحر الأنبوبية، المعروفة باسم جاليولاريا، من منطقة التنوع البيولوجي ذات الاحترار السريع في جنوب أستراليا.

تُعد ديدان جاليولاريا الأنبوبية من الأنواع الأساسية التي تُشكل بنية حيوية على طول السواحل الصخرية لأستراليا المعتدلة. تتميز هذه الديدان بقدرتها على بناء مستعمرات كثيفة من الأنابيب الصخرية وشغلها، ولهذه المستعمرات دور هام في تعزيز التنوع البيولوجي الساحلي من خلال توفير الموائل والمأوى من الإجهاد الحراري لأنواع أخرى لا يمكنها النجاة دون هذه المكونات.

أثارت نتائج هذه الدراسة اهتمام الباحثين لفهم آثار التغيّر المناخي على نطاقات الأنواع وتفاعلاتها، إذ يُتيح هذا التغيّر فرصًا جديدة للتزاوج والتهجين بين الأنواع. نُشرت نتائج هذه الدراسة في مجلة إيفوليوشن.

أجرى فريق البحث دراسة شاملة لتقييم مختلف العوائق التي تحول دون حدوث عملية التكاثر لدى نوعين من الجاليولاريا خلال مراحل حياتها المختلفة. شملت الدراسة نطاقات درجات حرارة مُتباينة، بدءًا من كيب أوتواي في ولاية فيكتوريا، وصولًا إلى تاترا في نيو ساوث ويلز. تُعدّ هذه المنطقة ذات أهمية عالمية لاحتوائها على تنوعٍ هائلٍ للحياة البحرية، فضلًا عن معاناتها من ظاهرة الاحترار بوتيرة أسرع بكثير من معدل المتوسط العالمي.

تشير النتائج إلى أن الحواجز البيولوجية التي تحول دون حدوث التكاثر بين الأنواع تكون أضعف خلال مرحلتي الإخصاب والتكون الجنيني، بينما تزداد قوّة وتصبح أكثر حساسية لدرجات الحرارة خلال مرحلة تطوّر اليرقات.

توضّح الدراسة الاختلاف في قدرة الجنسين الوالدين على إنتاج نسل ناجح في ظل ظروف درجات حرارة مختلفة. قد يكون هذا الاختلاف ناتجًا عن تفاعل معقد بين تباين الأنواع في قدرتها على تحمل درجات حرارة مختلفة وانتقال بعض الصفات الوراثية من الأم إلى نسلها.

وفقًا للدكتور كين مونرو، المؤلف الرئيسي للدراسة من كلية العلوم البيولوجية بجامعة موناش، يسلط البحث الضوء على الدور المحوري لدرجة الحرارة في تشكيل العزل الانجابي بين أنواع الجاليولاريا،  ويضيف: « يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى تحولات في قوة الحواجز الإنجابية ما له تداعيات مهمة على ديناميكيات تفاعلات الأنواع والتنوع البيولوجي في المستقبل».

«تُقدم نتائج الدراسة أدلة على أن الدور المهم لدرجة الحرارة في العزل الإنجابي. مع ذلك، لا تزال هناك العديد من التحديات للتنبؤ بكيفية تأثير تغير المناخ على هذا العزل في المستقبل».

تُؤكد الدراسة على أهمية فهم العوامل البيئية والبيولوجية التي تُؤثر على العزل الإنجابي، خاصةً في ظلّ ظاهرة تغير المناخ.

يسعى الباحثون من خلال دراسة الحواجز التي تواجهها الأنواع في مختلف مراحل حياتها وظروفها البيئية، إلى اكتساب رؤى قيّمة للآليات التي تُحدد حساسية الأنواع للتغيرات المناخية والتهجين فيما بينها.

تؤكد كاي الأستاذة المشاركة في الدراسة من كلية العلوم البيولوجية بجامعة موناش: «تشدد نتائجنا على ضرورة إجراء تقييمات شاملة للحواجز الإنجابية عبر بيئات متنوعة».

«تُعد هذه المعرفة حاسمة للتنبؤ بمصير حدود الأنواع وتوجيه جهود الحفاظ على التنوع البيولوجي البحري في عالم يتغير بسرعة».

وتضيف هودجينز: « ُمكّن كشف العلاقة المعقدة بين درجات الحرارة والحواجز الإنجابية والتفاعلات بين الأنواع العلماء من حماية التنوع البيولوجي البحري والحفاظ عليه بشكل أفضل في مواجهة التغيرات البيئية».

مع تصاعد التحديات غير المسبوقة التي تواجهها النظم البيئية البحرية من جراء تغير المناخ، تُقدم دراسات مثل هذه رؤى جوهرية لفهم استراتيجيات التكيف والديناميكيات البيئية للكائنات البحرية.

 

ترجمة: علاء شاهين

المصدر: phys.org

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *