دراسة علمية هي الأولى من نوعها تُحلل أصوات الليمور الفريدة
كشفت دراسة علمية حديثة عن قدرة الليمور، تلك الرئيسيات الصغيرة التي موطنها مدغشقر، على تضخيم حجمها بفضل التركيب الفريد لحنجرتها.
كشفت دراسة حديثة نُشرت مؤخرًا في مجلة «ساينتيفيك ريبورتس»، عن وجود ميزة تشريحية فريدة لم تُرصد مسبقًا لدى جميع أنواع الليمور، تميزها عن جميع الرئيسيات الأخرى، وهي زوج إضافي من الثنيات/الطيّات الصوتية. تمكن الباحثون من خلال هذه الدراسة من إثبات وظيفة هذا التركيب الفريد من نوعه.
شارك الدكتور جاكوب دن من جامعة أنجليا روسكين في المملكة المتحدة مع زملاء من جامعة كيوتو في اليابان في تأليف هذه الدراسة. استخدم الباحثون تقنية التصوير المقطعي المحوسب (سي تي) لفحص حنجرة أنواع مختلفة من الليمور كمرحلة تسبق إنشاء نموذج سيليكوني لحنجرة الليمور لمحاكاة واختبار الخصائص الصوتية لهذه الطيّات الصوتية الإضافية.
أجرى الباحثون الدراسة على خصائص الحنجرة لدى عائلتي الليموريات الرئيسيتين: الليموريات الحقيقية، والليموريات القزمية. وتشمل الليموريات الحقيقية أنواعًا مشهورة مثل الليمور ذو (الذيل الحلقي)، والليمور ذو العنق الأبيض والأسود (ليمور مكشكش أبلق)، بينما تشمل الليموريات القزمية نوعًا مثل (الليمور الفأري الرمادي). أظهرت الدراسة أن كلتا العائلتين تمتلكان طيات صوتية دهليزية فريدة من نوعها.
تشير النتائج إلى أن الليموريات قد اكتسبت طيات صوتية مزدوجة كتكيّف تطوري فريد، وأن هذه الميزة قد اكتسبها على الأرجح سلفها المشترك منذ ما لا يقل عن 35 مليون سنة.
تتمتع الرئيسيات غير البشرية بمجموعة متنوعة من أنواع النداءات، وتُنتجها باستخدام نفس المبادئ الأساسية لإنتاج الكلام لدى البشر. ينشأ الضجيج الأولي من تدفق الهواء من الرئتين ما يتسبب في اهتزازات في الحنجرة. تُحدّد سعة (قوة) وتردد (درجة) النداء بواسطة الخصائص الصوتية المحددة للحنجرة والجهاز الصوتي.
يتشابه الليمور في قدرته على التواصل لمسافات طويلة مع سعدان العواء/الزَّيَّاط، الذي يمتلك حنجرة متضخمة تتضمن كيسًا هوائيًا حنجريًا. يعتقد الباحثون أن طيات الصوت الإضافية لدى الليمور تقدم فوائد عملية مماثلة.
يرجّح الباحثون أن تكون هذه الطيات مسؤولة عن إثراء مجموعة النداءات الصوتية لدى الليمور ما يسمح لها بإصدار مجموعة واسعة من النداءات، كما تجعل التواصل أكثر كفاءة، أي أنها تستهلك طاقة أقل عند التواصل عبر مسافات طويلة.
أجرى الباحثون اختبارات باستخدام نموذج سيليكونيّ لحنجرة الليمور، واكتشفوا أن الطيات الصوتية الإضافية تُساهم في خفض تردد الأصوات المُنتجة. وبالتالي، تُضفي هذه الخاصية على الليمور صوتًا أكبر من حجمه الفعلي، ما قد يُوفر فوائد هامة في سياق التنافس بين الأفراد.
يُعلق الدكتور جاكوب دن، أستاذ مشارك في علم الأحياء التطوري بجامعة أنجليا روسكين (إيه آر يو)، أحد مؤلفي الدراسة، قائلًا: «تتمتع جميع الرئيسيات بزوج من الثنيات الصوتية في حنجرتها، والتي تهتز لتنظيم تدفق الهواء. تُظهر أبحاثنا أن جميع أنواع الليمور في مدغشقر تمتلك زوجًا إضافيًا فريدًا من الطيّات في المنطقة الدهليزية، موازية للطيات الصوتية».
يُعتقد أن هذا التكيف قد تطور لدى أسلاف الليمور الذين امتلكوا هذه الطيات الصوتية المزدوجة، حيث منحهم ميزة انتقائية مقارنة بأفراد نفس النوع الذين يفتقرون إلى هذا التكيف.
«نعتقد أن طيات الحنجرة المزدوجة لدى الليمور تلعب دورًا حاسماً في تعزيز تعقيد نداءاتها، ما قد يُسهم في تضخيم حجم جسمها، الأمر الذي يعود عليها بفوائد هامة في سلوكها التنافسي على الموارد مثل الأراضي أو شركاء التزاوج».
أكد البروفيسور تاكاشي نيشيمورا، كبير الباحثين في مركز أصول السلوك البشري التطوري بجامعة كيوتو، أن الرئيسيات تستخدم مجموعة متنوعة من الأصوات للتواصل، وأن الحنجرة تلعب دورًا رئيسيًا في توليد هذه النداءات.
ويُضيف: «من خلال إعادة بناء التركيب الصوتي الفريد لليمور عبر نموذجنا ودراسة خصائص اهتزازه، وجدنا أن الاهتزازات المتزامنة للأزواج التوأم من الطيات الصوتية تُخفّض تردد النداءات المنتجة -الأمر الذي يساعد الليمور على الظهور بحجم أكبر من حجمه الفعلي- كما أنها تخدم في تحسين كفاءة الصوت».
ترجمة: علاء شاهين
المصدر: phys.org