يقدم علماء الأحياء من جامعة ستوكهولم وجامعة نوشاتيل بحثًا رائدًا يلقي ضوءًا جديدًا على تطور الروابط الاجتماعية والتعاون بين الحيوانات التي تعيش في مجموعات. ونشرت الدراسة في مجلة PNAS.
غالبًا ما تظهر الحيوانات التي تعيش في مجموعات مستقرة سلوكيات اجتماعية مثيرة للاهتمام، بما في ذلك التعاون والمساعدة المتبادلة. ولاحظ علماء الأحياء منذ فترة طويلة أن الأفراد ضمن هذه المجموعات يشكلون روابط اجتماعية أو صداقات، تتميز بأفعال اجتماعية إيجابية مثل تقاسم الطعام. ومع ذلك، ظلت التفسيرات التطورية لهذه الصداقات موضوعًا للنقاش.
لأكثر من 50 عامًا، حاول علماء الأحياء تفسير هذه السلوكيات باستخدام نظرية الألعاب، مع التركيز بشكل خاص على المعاملة بالمثل، إذ يرجع الأفراد المساعدة إذا كانوا قد تلقواها سابقًا. ومع ذلك، تفشل النماذج التقليدية للمعاملة بالمثل الصارمة والفورية في استيعاب مدى تعقيد العلاقات الحقيقية بشكل كامل.
في دراستهم الجديدة، قدم باحثون من جامعة ستوكهولم وجامعة نوشاتيل تفسيرًا جديدًا لتطور سلوك المساعدة مع الروابط الاجتماعية التي تتوافق بشكل أوثق مع الظواهر المرصودة. ووفقًا لتحليلهم، تتطور الروابط الاجتماعية تدريجيًا مع مرور الوقت. تتميز الروابط القوية بتاريخ من المساعدة المتبادلة والأنشطة المشتركة مؤخرًا بين الأفراد.
يمكن أن يحدث هذا التراكم التدريجي للروابط في مجموعات صغيرة أو كبيرة، بشرط أن تتاح للأفراد فرص التفاعل مع الشركاء المرتبطين في مجموعات فرعية أصغر. ومن المثير للاهتمام أن الدراسة تظهر أن أعضاء المجموعة الحاليين يبدؤون بنشاط الروابط الاجتماعية مع الأعضاء الجدد، مما يؤدي إلى توسيع الشبكة الاجتماعية داخل المجموعة. يؤكد هذا الإجراء المزدوج المتمثل في الحفاظ على الصداقات الحالية وتكوين صداقات جديدة على أهمية التماسك الاجتماعي في الحيوانات التي تعيش في مجموعات.
يقول أولوف ليمار، الأستاذ الفخري في كلية الطب بجامعة هارفارد قسم علم الحيوان في جامعة ستوكهولم «ناقش العلماء كيفية تفاعل أعضاء المجموعة مع الأفراد الجدد كثيرًا، ومؤخرًا تأكدوا من فكرة أن الصداقات مع الأفراد الجدد لن تتطور إلا ببطء شديد. ويشير تحليلنا إلى أن هذا ليس هو الحال بالضرورة. في الواقع، في المناقشات الأصلية حول تطور المساعدة، طُرح احتمال أن يحاول أعضاء المجموعة بنشاط تطوير صداقات جديدة، وتحليلنا يتفق مع هذا».
وتستمد الدراسة الإلهام من الطبيعة المتبادلة للعلاقة بين الأم ونسلها، إذ تتدفق المساعدة في المقام الأول في اتجاه واحد. تدعم الكثير من الملاحظات المنشورة حول مشاركة الطعام في مجموعات من الخفافيش مصاصة الدماء الإطار النظري الذي اقترحه الباحثون.
يقول ليمار: «نأمل أن تلهم نتائجنا علماء الأحياء لمواصلة التحقيق في ديناميكيات الروابط الاجتماعية في مختلف الأنواع التي تعيش في مجموعات، بما في ذلك دراسات حول كيفية تكوين روابط جديدة».
يلقي هذا الجهد التعاوني بين باحثين من جامعة ستوكهولم وجامعة نوشاتيل ضوءًا جديدًا على الأصول التطورية للصداقة والتعاون بين الحيوانات التي تعيش في مجموعات.
ترجمة: ولاء سليمان
المصدر: phys.org