زودت ذبابة الفاكهة العلماء برؤية جديدة للأساس الجيني للتطور السريع للأعضاء التناسلية الخارجية الذكرية المدفوعة بالانتقاء الجنسي.
من المعروف أن الخصائص الجنسية الثانوية، مثل ذيول الطاووس والأعضاء التناسلية الخارجية للحشرات، من بين أسرع أجزاء جسم الحيوان تطورًا.
يُعتقد أن هذا مدفوعًا بالانتقاء الجنسي من خلال اختيارات الإناث والاحتياجات التطورية المختلفة لكل جنس للعثور على الشريك المناسب وزيادة لياقته البدنية.
اكتشف العلماء في جامعة دورهام وجامعة أكسفورد بروكس بالمملكة المتحدة أحد الجينات التي تساهم في تطور الأعضاء التناسلية بين نوعين وثيقي الصلة من ذبابة الفاكهة. ونشرت الدراسة في مجلة Current Biology.
درس الباحثون الفصوص الخلفية للأعضاء التناسلية الذكرية لذبابة الفاكهة دروسوفيلا سيمولانس simulans و دروسوفيلا ماوريتيانا Drosophila mauritiana. كلاهما نوعان من مجموعة فرعية من ذباب الفاكهة دروسوفيلا ميلانوغاستر Drosophila melanogaster.
لقد تغيرت هذه الفصوص بسرعة في الشكل والحجم في أقل من 240 ألف سنة، وكانت هذه التغيرات عند ذبابة دروسوفيلا سيمولانس أكبر بكثير من تلك الموجودة في ذبابة الفاكهة ماوريتيانا.
ووجدوا تغيرات تطورية في جين Sox21b أدت إلى قمع حجم الفصوص التناسلية في ذبابة الفاكهة ماوريتيانا، مما ساهم في امتلاك فصوص تناسلية أصغر من ذبابة دروسوفيلا سيمولانس.
وبما أن الذكر يستخدم الفصوص الخلفية للإمساك بأنثى الذباب أثناء ممارسة الجنس، يقول الباحثون إن النتائج التي توصلوا إليها يمكن أن تساعد الآن في فهم أفضل لتأثير الانتقاء الجنسي على الجينوم لإحداث تغييرات في شكل وحجم الأعضاء التناسلية.
تبين أن الانتقاء الجنسي يؤدي إلى تغير تطوري في الأعضاء التناسلية للحشرات والحيوانات الأخرى، ولكن هذه حالة نادرة يتعرف فيها العلماء على الجين الذي يقف وراء ذلك.
درس فريق البحث جينوم ذبابة الفاكهة مورفولوجيًا لإظهار أن التغييرات في Sox21b غيرت شكل وحجم الفص الخلفي. وأثر هذا أيضًا على مدة تزاوج الذباب.
وقال رئيس المشروع البروفيسور أليستير ماكجريجور، من قسم العلوم الحيوية بجامعة دورهام: «تلعب الفصوص التناسلية الخلفية لذكور ذبابة الفاكهة دورًا هامًا في ممارسة الجنس».
«إن تحديد الجينات المسؤولة عن الاختلافات في حجم وشكل الهياكل التناسلية بين الأنواع يسمح بالتلاعب بالأعضاء التناسلية الذكرية لذبابة الفاكهة بطريقة تكرر الاختلاف الموجود في الطبيعة. يمكننا الآن إجراء تجارب سلوكية أكثر تفصيلاً لتحديد ما إذا كان هذا الاختلاف ناتج عن اختيار الإناث، أو إذا كان يمنح الذكور قدرة أكبر على تأمين التزاوج، إذ يبدو أن زيادة مدة التزاوج تشير إلى هذا الاحتمال، أو إذا كانت هذه الاختلافات مدفوعة بالمصالح المتضاربة بين الذكور والإناث».
وقالت الدكتورة دانييلا سانتوس نونيس، المؤلفة المشاركة في البحث، من قسم العلوم البيولوجية والطبية في جامعة أكسفورد بروكس: «على الرغم من أن ذبابة دروسوفيلا سيمولانس وذبابة الماوريتيانا يمكن أن تتزاوج مع بعضها البعض، لكن نادرًا ما يحدث ذلك، وبالفعل فإن إناث ذبابة الفاكهة الماوريتانية أكثر اختيارًا من إناث ذبابة دروسوفيلا سيمولانس».
«لذلك قد يكون تحديد الأنواع الخاصة بها حسب حجم الأعضاء التناسلية إحدى الطرق التي تضمن بها هذه الأنواع المعينة أنها تتزاوج بشكل أكثر كفاءة، وبالتالي تعزز الاختلاف بين أنواعها».
«يكشف هذا جزءًا من الأساس الجيني لكيفية تطور الأعضاء التناسلية الذكرية على مدى آلاف السنين بسبب الانتقاء الجنسي».
ترجمة: ولاء سليمان
المصدر: phys.org