تحكي الرحلة التاريخية لحبوب بقلة الماش قصة تطور وهجرة وتكيف مع المناخ
لعبت حبوب بقلة الماش (أو المجاج أو اللوبياء الشعاعية)، المعروفة باسم الغرام الأخضر، دورًا محوريًا كمصدر بروتين رخيص في المناطق التي يكون فيها الوصول إلى اللحوم محدودًا. على مدى 4500 عام، ساعدت زراعة هذه البقوليات في الحفاظ على الحضارات لوقت طويل. في حين أن طرق الهجرة والتوسع الزراعي كانت لغزًا، كشفت دراسة جديدة أجراها باحثون في كلية الآداب والفنون والعلوم بجامعة كاليفورنيا في دورنسيف نُشرت في مجلة eLife عن رؤى ثاقبة في ملحمة هذا المحصول.
استخدمت الدراسة التي شارك في قيادتها سيرجي نوزدين، أستاذ العلوم البيولوجية في جامعة كاليفورنيا في دورنسيف تقنيات جينومية متطورة لتتبع المسار التطوري لحبوب بقلة الماش. حلل الفريق بذور بقلة الماش من ثلاثة بنوك بذور عالمية، بما في ذلك لوحة التنوع الأسترالية، والمركز العالمي للخضروات في تايوان، ومعهد فافيلوف للصناعة النباتية في روسيا.
كشف البحث عن مسار زراعي مميز وسلط الضوء على العوامل المؤثرة في توسعها. على عكس الافتراضات السابقة، استنادًا إلى القرب الجغرافي بين جنوب ووسط آسيا، تشير الأدلة الجينية إلى أن بقلة الماش انتشرت أولًا من جنوب آسيا إلى جنوب شرق آسيا، ثم وصلت أخيرًا إلى آسيا الوسطى، بما في ذلك غرب الصين ومنغوليا وأفغانستان وإيران وروسيا.
التكيف مع المناخ
استخدم نوزدين وفريقه من العلماء الدوليين نهجًا متعدد التخصصات في البحث عن المعلومات السكانية والظروف البيئية والتحقيقات الميدانية التجريبية والمخبرية والسجلات التاريخية من المصادر الصينية القديمة. من خلال هذا التحليل، اكتشفوا أن الظروف المناخية المتباينة والممارسات الزراعية في جميع أنحاء آسيا شكلت المسار الفريد لحبوب بقلة الماش، وليس خيارات الزراعة البشرية المتعمدة.
فوجئ نوزدين بأن التطور لم يكن مدفوعًا فقط بالنشاط البشري من خلال التدجين بل كان متشابكًا بشكل معقد مع تكيف حبوب بقلة الماش مع المناخات المتنوعة التي واجهتها طوال رحلتها.
كشف البحث عن وجود تعديلين متميزين لبقلة الماش، كل منهما مفضل في مواقع جغرافية محددة. النوع الجنوبي، الذي نشأ في جنوب آسيا قبل 1068-1077 م، يتميز ببذور أكبر، وذو إنتاجية أعلى في المناطق ذات المناخات الحارة. على النقيض من ذلك، أظهر النوع الشمالي، الذي نشأ في شمال الصين حوالي 544 م تحملًا أعلى للجفاف وفترة خضرية قصيرة خلال موسم الزراعة الصيفي. ثم انتشرت حبوب بقلة الماش في وقت لاحق إلى بقية الصين وجنوب شرق آسيا بما في ذلك كمبوديا وإندونيسيا والفلبين وتايلاند وفيتنام وتايوان.
الاختلافات الجينية
في حين أن الاكتشافات التاريخية للدراسة مقنعة في حد ذاتها، لكنها تؤثر أيضًا على الطرق الجديدة التي يمكن اتباعها لتربية المحاصيل. إن التركيب الجيني لحبوب بقلة الماش، بما في ذلك موسم نموها القصير ومرونتها في المناخات الحارة جدًا، يحمل إمكانات كبيرة للتخفيف من تأثير تغير المناخ على الزراعة، خاصة في جنوب شرق آسيا، حيث تهدد موجات الحرارة الطويلة وشدة وتأثير الفيضانات مناطق زراعية قيمة. قد تثبت هذه المتغيرات الجينية أنها قادرة على تغيير قواعد اللعبة في مواجهة تغير المناخ.
وقال نوزدين «تقدم النتائج التي توصلنا إليها خارطة طريق مهمة للمزارعين بهدف تعزيز إنتاج حبوب بقلة الماش في مواجهة تنبؤات تغير المناخ، خاصة في المناطق الجنوبية. لهذا البحث الأساسي أهمية كبيرة في توجيه اختيار المواد الجينية لبرامج التربية».
ترجمة: ولاء سليمان
المصدر: phys.org