كيف تتكيف براغيث الماء لتشكل مكونات واقية من الشمس
تشير دراسة جديدة حول كيفية تأثير الوقاية من الشمس على النظم البيئية للمياه العذبة إلى أن التأثير قد يكون أقل إثارة للقلق مما كان يعتقد في البداية، وتثير أسئلة جديدة حول ما إذا كانت الدراسات المخبرية حول الملوثات البيئية تعكس بدقة ما يحدث في البرية.
يقول آرون بويد، المؤلف الرئيسي للدراسة والحاصل على درجة الدكتوراه في قسم العلوم البيولوجية بجامعة ألبرتا: «هناك نوع من الانفصال بين الطريقة التي نحاول بها دراسة الملوثات والمشاكل البيئية في بيئة المختبر وما هي النتائج المحتملة في العالم الحقيقي».
«أحد الأهداف الرئيسية لهذا المشروع هو معرفة ما إذا كانت نماذجنا المعملية البسيطة تتوافق بالفعل مع ما نتوقع رؤيته في بيئة طبيعية».
في عام 2020، كان بويد جزءًا من البحث الذي أشرفت عليه الأستاذة المساعدة والمؤلفة الرئيسية تامزين بلويت، والذي أظهر أن تعريض أنواع دافنيا ماغنا Daphnia magna من براغيث الماء للأشعة فوق البنفسجية على مدى أسبوعين كان قاتلًا لهذه القشريات الصغيرة.
في دراسة المتابعة هذه، أراد الفريق معرفة ما سيحدث إذا تعرضت خمسة أجيال من البراغيث لبعض الأشعة فوق البنفسجية. لقد لاحظوا أن الأنواع أصبحت متكيفة مع الأشعة بمرور الوقت.
توجد واقيات الأشعة فوق البنفسجية العضوية في العديد من منتجات العناية بالبشرة مثل الواقي الشمسي وبلسم الشفاه، ومن الممكن أن يتسرب الواقي الشمسي من بشرتنا إلى الماء. حظرت عدد متزايد من الوجهات السياحية، بما في ذلك أروبا، وبالاو، وتايلاند وهاواي الواقيات من الشمس التي تحتوي على واقيات الأشعة فوق البنفسجية العضوية.
ومع ذلك، في حين تظهر الدراسات قصيرة المدى أن الأشعة فوق البنفسجية يمكن أن تشكل خطرًا على أنواع اللافقارية مثل الشعاب المرجانية، لكن يوجد عدد قليل جدًا من الدراسات طويلة المدى.
نهج طويل الأمد
تُجرى معظم اختبارات السمية على مدى يومين إلى 21 يومًا، لكن دراسة بويد الأخيرة امتدت حوالي ثلاثة أشهر، مع ملاحظة آثار التعرض على مدى خمسة أجيال من البراغيث. تعرضوا جميعًا لنفس تركيزات المواد الكيميائية، والتي تعكس الجانب المرتفع لما يمكن العثور عليه بشكل معقول في البيئة.
أظهرت النتائج أن معدلات الوفيات تنخفض مع كل جيل. قُتل ثلثا براغيث الجيل الأول، مع انخفاض هذا العدد إلى الثلث في الجيل الثاني وصفر تقريبًا في الأجيال الثالث والرابع والخامس.
لاحظ الباحثون أن براغيث الماء حديثي الولادة كانت معرضة خلال تعرض الوالدين لها، وهو أمر لا يلاحظ عادة في الدراسات قصيرة المدى.
يقول بويد: «يتيح لنا هذا العرض لمدة ثلاثة أسابيع أن نرى كيف يؤثر على نموهم عندما يكونون صغارًا وكيف يؤثر على قدرتهم على التكاثر».
على الرغم من أن النتائج تثبت أن معدلات الوفيات انخفضت، لكن من غير المعروف كيف تأقلمت البراغيث المائية مع الأشعة فوق البنفسجية أو ما إذا كانت المواد تسببت في أي آثار سيئة في الأجيال اللاحقة.
يقول بويد: «لقد تأقلمت أنواع دافنيا بالفعل وظلوا على قيد الحياة طوال الوقت، لكننا لا نعرف ما إذا كانوا لا يزالون في نفس الحالة الصحية التي كانوا عليها قبل التعرض».
تتحكم عملية بيولوجية تسمى اللدونة الشكلية في قدرة الكائن الحي على تغيير الجينات النشطة في أي لحظة معينة استجابة لظروف بيئية معينة. يقول بويد إنه في حالة براغيث الدافنيا، إذا كان التأقلم ناجحًا ولكنه تطلب الكثير من طاقته، فقد تكون هناك تداعيات في نهاية المطاف.
«قد يكونوا على قيد الحياة ولكنهم معرضون بشدة لحدث آخر مرهق، مثل ملوث جديد أو موجة حر».
تتعاون بلويت وفريقها مع الأستاذ المساعد غلين أوريج في قسم الأحياء من أجل الخطوات التالية للمشروع، وهي فحص عينات أنسجة الدافنيا والتغييرات في البروتينات. تساعد هذه المعلومات في الإشارة إلى الجينات النشطة وغير النشطة.
يقول بويد: «إنه يتيح لنا أن نرى بالضبط كيف يستجيبون لوجود هذه الملوثات. سيساعدنا ذلك في تحديد الآليات الفعلية التي يحدث من خلالها هذا التأقلم».
يجب علينا الحذر فالخطر قادم
الأنواع اللافقارية مثل الدافنيا ليست معقدة مثل الأسماك أو الثدييات. نتيجة لذلك، فهم أكثر حساسية للملوثات البيئية.
«يتعرض البشر للكثير من الملوثات طوال الوقت، لكنها ليست مشكلة بالنسبة لنا لأن أجسامنا يمكنها تكسير هذه المواد الكيميائية وإزالتها بكفاءة تامة. لا تتمتع الكائنات الحية الأقل تعقيدًا بنفس القدرة على القيام بذلك».
هذه الحساسية تجعلهم في محط الحذر، فهم في خطر، مثل «الكناري الذي يضرب به المثل في منجم الفحم» تأثير التعرض للأشعة فوق البنفسجية.
يقول بويد: «إذا لم يكن لدى الأنواع الأكثر حساسية أي مشاكل مع هذه المواد الكيميائية، فهذا مؤشر جيد على أن هذه ليست أشياء نحتاج إلى القلق بشأنها. أما وجود هذه الحساسية يعني أنه يتعين علينا دراستها بشكل أكبر، وإجراء المزيد من الاختبارات، خاصة على الأنواع الأخرى التي قد لا تكون حساسة للغاية، حتى نتمكن من الحصول على فكرة جيدة عن مدى المشكلة».
الأنواع الأخرى المستخدمة لدراسة التعرض للمواد السامة، مثل الزرد، موجودة فقط في أجزاء معينة من العالم، ولكن يوجد الدافنيا في بحيرات المياه العذبة على مستوى العالم.
يشير البحث الجديد، الذي نُشر الآن في مجلة Journal of Hazardous Materials، إلى أن الدراسات قصيرة المدى قد تكون مبالغة في تقدير مستوى السمية طويلة المدى التي تمتلكها الأشعة فوق البنفسجية على الدافنيا ماغنا. يقول بويد إن هناك تداعيات أوسع أيضًا، مشيرًا إلى أن النتائج المثيرة للقلق من الدراسات قصيرة المدى تؤثر على سياسات حماية الأنواع اللافقارية الحساسة على الرغم من أن هذه الدراسات قد لا تمثل بدقة نتائج طويلة الأجل.
يقول بويد إن النتائج الجديدة دفعته أيضًا إلى التساؤل عما إذا كانت الأشعة فوق البنفسجية، خاصة بالنظر إلى أهميتها في حماية الجلد من التعرض الضار لأشعة الشمس، قد لا تكون مصدر القلق الأكثر إلحاحًا للباحثين البيئيين.
يقول: «هذه الأشعة فوق البنفسجية هي شيء يجب مراقبته، وإذا زادت التركيزات في البيئة أكثر، فهي بالتأكيد مصدر قلق».
«لكنني أعتقد أنه نظرًا لأنها في الأساس مصدر قلق لأنواع محددة جدًا، وأنها توفر فائدة كبيرة لصحة الإنسان بشكل مباشر، فهناك المزيد من المواد الكيميائية السامة في البيئة، ويمكننا بذلك تخصيص مواردنا البحثية المحدودة بدلاً من ذلك».
ترجمة: ولاء سليمان
المصدر: phys.org