إن فهم آلية أكل الديناصورات «العاشبة» لطعامها يساعدنا بفهم تطورها.
الديناصورات متنوعة الأشكال والأحجام، وتتنوع طرق تعاملها مع الطعام. أظهرت دراسة جديدة وجود عدد مذهل من الطرائق التي تعاملت بها الديناصورات «العاشبة»، حتى الأنواع وثيقة القرابة، مع الأطعمة النباتية، وأوضحت الدراسة أن هذه الاختلافات مهمة لتوضيح خرائط تطورها اللاحق.
استخدم علماء من متحف التاريخ الطبيعي، وجامعتي بريستول وبرمنغهام مسوحات بالتصوير المقطعي المحوسب
لخمسة ديناصورات عاشبة – هيترودونتوصور و الليستوصورو والسيليدوصور و هيبسيلوفودون والسيتاكوصور التي تنتمي إلى مجموعة طيريات الورك. رغم دراسة طرائق الأكل للأنواع اللاحقة في هذه المجموعة، مثل تريسيراتوبس و ستيغوصور، إلا أن أسلافها السابقة قد أوليت اهتمامًا أقل.
استخدم العلماء بيانات أنواع الطيور والتماسيح الحالية لتحديد مكان وجود العضلات على جماجمها. بعد إجراء تحليل «بطريقة العناصر المنتهية»وهي تقنية تجزّء الجماجم إلى آلاف القطع أو العناصر الصغيرة، قام الفريق بمحاكاة الجماجم وهي تعض شيئًا لترى استجابة العناصر المختلفة للقوة.
أظهرت النماذج خريطة حرارية لأجزاء الجماجم التي كانت مشدودة بشكل كبير أو تلك المشدودة بالكاد. هذا يعني أنه برغم تناول الديناصورات للنباتات، إلا أن طرق تناولها لها لم تكن هي ذاتها.
وقال الدكتور ستيفان لوتنشلاغر من جامعة برمنغهام، في بيان إن البحث أظهر كيف «تعامل كل ديناصور مع خصوصيات النظام الغذائي النباتي عبر اتباعه تقنيات أكل مختلفة تمامًا. وقد عوض بعضها عن قصور أدائها في تناول الطعام بزيادة حجمها، في حين طور بعضها الآخر عضلات فكية أكبر، أو زادت من كفاءة فكيها، أو كلا الطريقتين معًا».
«على الرغم من التشابه الكبير لهذه الحيوانات، إلا أن حلولها الفردية للمشاكل ذاتها توضح طبيعة التطور العصية على التنبؤ».
وأضاف البروفيسور بول باريت، عالم الإحاثات في متحف التاريخ الطبيعي «إن رغبنا أن نفهم كيف تشعبت الديناصورات إلى هذا العدد من الأنواع المختلفة بفعالية كبيرة، فمن الأهمية بمكان أن نفهم كيف تطورت لتتغذى على هكذا مجموعة متنوعة من النباتات بطرق شتى. هذا التنوع في طرق الأكل سهل لها أن تسود الأرض لملايين السنين التي تلت».
كان لدى الهيترودونتوصور الذي عاش في أوائل العصر الجوراسي عضلات فكية كبيرة أعطته قوة قضم كبيرة ما سهّل له تناول النباتات القاسية. وعلى الرغم من تمتع معاصره، السيليدوصور، بقوة قضم مماثلة، إلا أن عضلات فكه كانت أصغر بكثير مقارنة بجمجمته. وفقًا للدراسة، حقق السيليدوصور قوة قضمه الكبيرة عبر تمتعه «بحجم جسم مطلق أكبر».
ولدينا أيضًا الهيبسيلوفودون ، وهو جنس من الديناصورات من العصر الطباشيري المبكر، وكان لجمجمته عضلات أصغر بكثير، ولكنها كانت أكثر كفاءة في قضم النباتات بسبب قدرتها على إعادة توجيه عضلات فكها. وعلى غرار الهيبسيلوفودون ، استفاد السيتاكوصور وهو جنس آخر من العصر الطباشيري المبكر من وجود عضلات فكية كبيرة ولكنه طور أيضًا كفاءة أكبر في طريقته.
يعد البحث خطوة مهمة في فهمنا لكيفية تطور الحيوانات كي تسود بيئات مختلفة وجديدة. يوضح أيضًا أنه حتى الحيوانات وثيقة القرابة وذات الأنظمة الغذائية المماثلة قد لا تطور السمات أو التكيفات ذاتها لبيئتها. وفقًا للدكتور ديفيد باتون، المؤلف الرئيسي للدراسة فإن هذا «يسلط الضوء على مدى ابتكارية التطور واستحالة التنبؤ بمساراته».
نُشرت الدراسة في مجلة Current Biology.
ترجمة: حاتم زيداني
المصدر: iflscience