يعتمد تطوير طرق حماية رفاهية الإنسان في مناخ متغير على فهم أعمق لتكيف خلايا الثدييات والكائنات الحية مع التغيرات الدراماتيكية في درجات الحرارة وفي توافر الغذاء والماء. للمساعدة في بناء قاعدة المعرفة هذه، يعرّض باحثو معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا خلايا من أنواع متعددة من الثدييات لدرجات حرارة متزايدة ومنخفضة، ثم يراقبون الآليات التي قد تستخدمها هذه الخلايا للبقاء على قيد الحياة في الظروف القاسية.
تدرس سينيسا هرفاتين أحد أعضاء المعهد والأستاذة المساعدة في علم الأحياء في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا سبات الحيوانات. تشرح: «للبقاء على قيد الحياة في فصول الشتاء الباردة والتي يكون توافر الطعام فيها محدودًا، تدخل بعض الحيوانات حالة السبات، مما يقلل من التمثيل الغذائي ودرجة حرارة الجسم للحفاظ على الطاقة. ومع ذلك، يبدو أن زيادة درجات الحرارة البيئية تمنع الحيوانات من الدخول في سبات عميق، مما قد يقلل من بقائها خلال الشتاء». يعمل مختبر هرفاتين على توسيع تحقيقاته حول كيفية تأثير التغيرات في درجة حرارة البيئة على قدرة الحيوانات على الدخول بشكل كامل في حالة السبات.
ومن المتوقع أيضًا أن يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى إحداث العقم في أنواع كثيرة من الحشرات والأسماك والثدييات، مما قد يؤدي إلى تفاقم الانخفاض العالمي الكبير في الخصوبة. يستفيد باحثو المعهد من أبحاثهم المشهورة عالميًا عن الخلايا الجنسية (سلائف خلايا البويضات والحيوانات المنوية) لاستكشاف هذه الظاهرة والبحث عن طرق لمكافحتها.
يوضح باحث ما بعد الدكتوراه في مختبر ليمان أرجونا راجكومار: «لقد بدأنا بدراسة في بعض الكائنات الحية التي طورت قدرة معينة على التكيف مع درجات الحرارة غير الطبيعية في بيئاتها. السؤال الرئيسي الذي نطرحه هو ما إذا كانت تلك الكائنات الحية عدلت خطها الجنسي لاكتساب هذه القدرة. لقد بدأنا بمراقبة وتتبع الآليات الجزيئية الكامنة لاستشعار درجة حرارة الخلايا الجنسية في أنواع متعددة من ذبابة الفاكهة».
طورت بعض الأنواع الحيوانية والنباتية قدراتها على البقاء، وحتى الازدهار على الرغم من التغيرات البيئية الشديدة. قد يشكل فهم كيفية عمل هذه القدرات على المستويين الجزيئي والخلوي نقطة انطلاق للتقنيات الحيوية الجديدة التي تمكن الأنواع الأخرى من التكيف مع تغير المناخ. فمثلًا، يدرس أحد أعضاء المعهد أنكور جاين الدور الذي تلعبه البروتينات المرتبطة بالتكوين الجنيني المتأخر (LEA) في القدرة على النجاة من الجفاف الشديد (وهي قدرة تُعرف باسم تحمل الجفاف) تظهرها بعض الحيوانات والبكتيريا والنباتات.
يشرح جاين: «في مرحلة معينة، تخضع بذور النبات للجفاف المبرمج، وتفقد حوالي 90% من محتواها المائي. وفي حين أنه ليس من الواضح كيف تظل قابلة للحياة بعد ذلك، فإننا ندرك أن العملية مرتبطة بالتنظيم الهائل لبروتينات LEA». توجد هذه العائلة من البروتينات في الحيوانات التي يمكنها تحمل الجفاف الشديد أيضًا، مثل بطيئات المشية والعقارب الصحراوية. ويضيف التعبير عن بروتينات LEA عند بكتيريا معينة القدرة على تحمل الجفاف أيضًا.
يقول جاين وهو أيضًا أستاذ مساعد في علم الأحياء وأستاذ التطوير المهني توماس دي وفيرجينيا كابوت في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا «يتابع فريقنا العمل الذي يقترح أن البروتينات تشكل شبكة شبيهة بالهلام تحتفظ بالماء، بمجرد أن نفهم بشكل أفضل الآليات التي ينطوي عليها تحمل الجفاف، نعتزم تطوير نماذج معدلة وراثيًا تتحمل الجفاف بكفاءة أكبر».
ترجمة: ولاء سليمان
المصدر: phys.org