السبب الرئيسي لذلك هو الدور الوقائي للتصبغ.
أظهرت دراسة جديدة أن عدد الضفادع شبه السوداء يفوق عدد الضفادع ذات اللون الأصفر المميز في النظم البيئية التي تأثرت بالإشعاع في تشيرنوبيل، في مثال مباشر على «التطور في الواقع». لاحظت الدراسة التي نُشرت في 29 أغسطس في مجلة Evolutionary Applications أن ضفادع الأشجار الشرقية (Hyla orientalis) التي تحتوي على صبغة الميلانين التي تغمق الجلد كانت أكثر عرضة للنجاة من الحادث النووي عام 1986 في أوكرانيا مقارنة بالضفادع ذات لون الجلد الفاتح. أدى ذلك إلى وجود تجمعات تسودها الضفادع الداكنة.
كتب الباحثون في مقال نُشر في موقع The Conversation عن بحثهم: «يمكن للإشعاع أن يدمر المادة الجينية للكائنات الحية ويولد طفرات غير مرغوب فيها. ومع ذلك، فإن أحد الموضوعات البحثية الأكثر إثارة للاهتمام في تشيرنوبيل هو محاولة اكتشاف ما إذا كانت بعض الأنواع تتكيف بالفعل لتعيش مع الإشعاع. مثلما هو الحال مع الملوثات الأخرى، قد يكون الإشعاع عاملًا انتقائيًا قويًا للغاية، ويفضل الكائنات الحية ذات الآليات التي تزيد من بقائها في المناطق الملوثة بالمواد المشعة».
في 26 أبريل 1986، انفجر مفاعل في محطة تشيرنوبيل للطاقة النووية في أوكرانيا، مما أدى إلى إطلاق مواد مشعة عبر دائرة نصف قطرها 18 ميلاً (30 كيلومترًا).
قال بابلو بوراكو، المؤلف الرئيسي للدراسة وعالم الأحياء في محطة دونانا البيولوجية في إشبيلية، إسبانيا: «لقد أطلق حادث تشيرنوبيل حوالي 100 ضعف الطاقة المنبعثة من القنابل النووية لهيروشيما وناغازاكي».
أجلى المسؤولون السكان من المنطقة الملوثة في أعقاب الكارثة وأنشأوا منطقة حظر بمساحة 1040 ميلاً مربعاً (2700 كيلومتر مربع). في العقود التي تلت ذلك، أصبحت المنطقة المهجورة ملجأ للحياة البرية. أراد بوراكو وفريقه أن يفهموا كيف دفع الإشعاع النووي التطور في الحيوانات التي تعيش هناك.
بعد دراسة أكثر من 200 ذكر من الضفادع التي انتشرت موائلها عبر 12 بركة تكاثر مختلفة في جميع أنحاء منطقة التلوث الإشعاعي، وجد الباحثون أنه في المتوسط، 44% من الضفادع كانت أغمق من تلك الموجودة خارج تشيرنوبيل، يقول بوراكو: «نحن نعتبر أن التفسير الأكثر منطقية للماذا تغير لون الضفادع داخل منطقة تأثير الإشعاعات هو أن مستويات الإشعاع العالية للغاية في لحظة وقوع الحادث اصطفت الضفادع ذات البشرة الداكنة».
لماذا البشرة الداكنة؟ اتضح أن مستويات الميلانين المرتفعة في جلد الضفادع تحميها من الإشعاع.
قال بوراكو: «من المعروف أن الميلانين يحمي من الإشعاع لأنه يمكن أن يتجنب ميكانيكيًا إنتاج الجذور الحرة الناتجة عن التأثير المباشر للجسيمات المشعة على الخلايا. يمكن للإشعاع أن يحرض الإجهاد التأكسدي ويتلف الهياكل الأساسية للحياة مثل غشاء الخلايا أو حتى الحمض النووي».
تعرضت الخلايا في الضفادع فاتحة اللون إلى مستويات أعلى من الإشعاع المدمر، مما أدى إلى موتها بمعدلات أعلى من نظيراتها الأكثر قتامة. وخلصت الدراسة إلى أنه بعد الانفجار، زادت احتمالية بقاء الضفادع الداكنة على قيد الحياة.
درس الباحثون أيضًا الآثار السلبية المحتملة لزيادة الميلانين على ضفادع ما بعد تشيرنوبيل الداكنة. وجدوا أنه مثلما هو الحال في الأنواع الأخرى، بما في ذلك أنواع معينة من الفطريات، فإن وجود جلد داكن اللون لا يضر بالصحة العامة للبرمائيات ويساعد في الواقع على تأين الإشعاع، مما يمنع الجزيئات المتأينة من الدخول إلى الخلايا وإتلافها.
وقال بوراكو «إنتاج الميلانين يمكن أن يكون مكلفًا من الناحية الأيضية، وأُثبت ذلك في العديد من أنواع الطيور. ومع ذلك، في الضفادع، تسمى صبغة الميلانين الرئيسية إيوميلانين (eumelanin) ويبدو أن إنتاجها لا يتحمل تكاليف أيضية».
ترجمة: ولاء سليمان
المصدر: livescience