الميتوكوندريا هي مصنع الطاقة للخلية حقيقية النواة، المكون للبشر والحيوانات والنباتات والفطريات. كل الخلايا حقيقيات النواة تحتوي على نواة وبعض العضيات الصغيرة؛ أحد أشهر تلك العضيات هي الميتوكوندريا.
تُعتبر الميتوكوندريا من المكونات الحيوية جدًا للخلايا حقيقيات النواة ولا يمكن التخلي عنها، فهي ميزة خاصة بها. لكن دراسة آنا كانكوسكا Anna Karnkowska الجديدة قامت بتغيير ذلك!
تمتلك الميتوكوندريا حمضها النووي الخاص، مما دفع العلماء للاعتقاد بأنها كانت قديمًا بكتيريا حرة، ولكن تم بلعها بواسطة خلايا بدائية سحيقة كانت تتطور لتصبح أشكال الحياة المعقدة التي نعرفها ونراها اليوم.
لعقود من الزمان، حاول الباحثون العثور على خلية حقيقية النواة لا تمتلك ميتوكوندريا. ولفترة ظنوا أنهم قد عثروا عليها. فالجيارديا Giardia، وهو طفيل معوي يصيب البشر ويسبب الإسهال، تم اعتباره نوعًا من الحفريات الحية بسبب امتلاكه لنواة ولكن عدم اكتسابه لميتوكوندريا.
لكن بعد فترة، تمكن العلماء من العثور على ميتوكوندريا كانت مختبئة داخل خلية ذلك الطفيل. فاتضح أن كل خلية للطفيل تحتوي على نوع من أنواع الميتوكوندريا رغم أنها كانت ضئيلة نوعًا ما.
تقوم الميتوكوندريا بوظائف أخرى غير توليد الطاقة في الخلية، أحد أهم تلك الوظائف هو تجميع كتل من الحديد-الكبريت لتكوين بروتينات معينة. لذا فحتى إذا تمكن ميكروب من الاستمرار بطريقة مختلفة عن طريق امتلاك أشكال عضيات تختلف عن الميتوكوندريا، فتلك العضيات لابد من أن تقوم بوظائف الميتوكوندريا الهامة.
هذا النوع من شبيه الميتوكوندريا هو ماتوقعت آنا أن تجده حين كانت تبحث في أمور ميكروب معوي تم عزله من حيوان شينشيلة (نوع من القوارض). بعد أن قامت هي وزملاؤها في جامعة تشارلز بتحليل جينوم الميكروب المعوي، لم يجدوا أي أثر للبروتينات الميتوكوندرية على الإطلاق، مما شكل مفاجأةً كبيرةً لهم!
ذلك يعني أن الخلية يجب أن تكون ميتة ولا يمكن أن تكون حية. لكن ما علموه لاحقًا هو أنه فضلًا عن الاعتماد على الميتوكوندريا لتجميع كتل الحديد-الكبريت فإن تلك الخلية تعتمد على نوع مختلف من المعدات، والتي يبدو أنها قد قامت باكتسابه من بكتيريا ما.
يقول الباحثون أن هذا أول مثال على خلية حقيقية النواة خالية تمامًا من الميتوكوندريا. ويعد هذا سبقًا فريدًا من نوعه حيث أنه يوضح أن خلية حقيقية النواة يمكنها أن تظل خلية حقيقية النواة بدون امتلاك ميتوكوندريا. ولكن هذه النتائج لا تغير من حقيقة أن اكتساب نواة كان خطوة هامة ومحورية في تطور الخلايا حقيقية النواة.
ويبدو من الواضح هنا أن أسلاف هذا الميكروب قد قاموا باكتساب ميتوكوندريا ثم فقدوها لاحقًا بعد أن اكتسبت الخلايا نظامها الغير ميتوكوندري لتكوين كتل الحديد-الكبريت. فهذا ليس مثالًا على الحلقة المفقودة في سلم تطور الخلايا حقيقيات النواة، ولكنه فضلًا عن ذلك مثالٌ على مرونة الحياة. حيث أن هذا الميكروب يعيش في بيئة خالية من الأكسجين ولذا يمكنه التخلص من العديد من أوجه الكيمياء العضوية التي نحتاجها أنا وأنت للحياة. لقد تطور هذا الكائن وتأقلم بطريقة سمحت له بالتخلي عن عضي من عضياته، وهذا هو ما تخبرك به الكتب الدراسية أنه خاصية فريدة للخلايا حقيقيات النواة. ويعطينا هذا لمحةً عن أن الحياة مبدعة للغاية في إيجاد طريقة للحفاظ على بقائها.
تم نقل المقال من مجلة الباحثون المصريون بالتصرف.
اقرأ أيضًا: لماذا لا نزال نمتلك حمضا نوويا للميتوكوندريا ؟