في الحقيقة تشعر الحيوانات بالكثير مما لا يستطيع الإنسان الشعور به. يمكن لبعض الحيوانات أن تشعر بأنواع طاقة خفية بالنسبة للإنسان، كالطاقة المغناطيسية، والمجالات الكهربية. ويمكن للبعض الآخر أن يرى أضواءً ويسمع أصواتًا خارج المجال السمعي والبصري للإدراك البشري.
فمثلًا: يمكن للسلاحف البحرية الشعور بالمجالات المغناطيسية مما يساعدهم على التنقل وتحديد وجهاتهم. يعتقد العلماء بوجود بروتين كاشف للضوء في أعينها يسمى كريبتو كروم (Cryptochrome) يعمل كمستشعر للمجال المغناطيسي. يوجد نفس البروتين في جسم الإنسان، وله دور في الساعة البيولوجية للجسم، لهذا بدأ العلماء في التساؤل حول إمكانية استطاعة الإنسان الشعور بالطاقة المغناطيسية.
يمكن للقروش أن تشعر بالمجال الكهربي الذي تسببه حركة عضلات الفريسة. فالقروش بالإضافة إلى الأسماك المفلطحة كأسماك الراي اللاسعة والأسماك الورنكية (Rays and skates) تشعر بالمجال الكهربي عن طريق أعضاء خاصة تسمى بمصابيح لورينزيني (Ampullae of Lorentzian). تلك المسام المملوءة بالهلام والتي تتصل بأجهزة استشعار للكهرباء توجد في الجلد المحيط برأس السمكة.
كما تستطيع بعض أنواع الثعابين أن ترى الحرارة، فيمكنها صنع صورة حرارية للفريسة. فالمسام الواسعة بين العينين وفتحات الأنف تحوي ألياف عصبيّة حسيّة توصل المعلومات لمركز المعلومات البصرية الموجود بالدماغ. تُفعل الحرارة تلك المستقبلات الحسية عن طريق فتح نوع خاص من القنوات الأيونية (Ion channels). والقنوات الأيونية هي بروتينات صغيرة في الغشاء الخلوي تسمح بحركة الأيونات أو الأجسام المشحونة مِن وإلى الخلية. تُسمى تلك القنوات (TRPA1) ولكن في جسم الإنسان تُعرف «بمستقبلات الوسابي»، فهي يتم تفعيلها بالمواد اللاذعة الموجودة في الوسابي والفجل الحار.
أما حيوانات الرنة فتستطيع أن ترى الأشعة فوق البنفسجية لتجد غذاءها ولتتجنب الحيوانات المفترسة. فالثلج المنتشر في القطب الشمالي يعكس الكثير من الأشعة فوق البنفسجية. وتمتص الأشنات -الغذاء المفضل للرنة- تلك الأشعة، لذا تظهر بسهولة في وسط الثلج. كما اتضح أيضًا أن فراء الثعالب يمتص ذات الأشعة، مما يسهل على الرنة الابتعاد عن أعدائها الطبيعية.
الكثير من الطيور مثل عصافير الزيبرا يمكنها أن ترى مجموعة إضافية من الألوان. تحوي شبكية العين لتلك الطيور أربعة مستقبلات مخروطية للألوان، على عكس شبكية الإنسان التي تحوي ثلاثة أنواع فقط من مستقبلات الألوان. وفي حالات نادرة، نتيجة لحدوث تحور جيني، قد تمتلك شبكية الإنسان أربع أنواع من المستقبلات، فيرى ألوانًا إضافية.
أما الأفيال فتستطيع التواصل مع بعضها على مسافات طويلة عن طريق الموجات دون السمعية، وهي الأصوات التي يقل ترددها عن 20 هرتز، وهو الحد الأدنى لقدرة السمع البشرى. يمكن للأفيال الأفريقية أن تتواصل مع أصدقائها على بعد 6 أميال (حوالي 10 كيلومتر) عن طريق الموجات منخفضة التردد.
يمكن للعث أن تسمع صدى الموجات فوق الصوتية التي تصدرها الخفافيش. يزيد تردد الموجات فوق الصوتية عن 20,000 هرتز، وهو الحد الأقصى لقدرة الإنسان السماعية. تُصدِر الخفافيش الموجات فوق الصوتية، وتُقدِّر الوقت الذي يعود فيه صدى الموجات إليها، لتصنع خريطة دماغية للبيئة المحيطة بها، وليعينها على إيجاد وجبتها التالية. وربما طوَّرَ العث ذلك السمع الحساس ليتفادى هذه المفترسات. أما عث الشمع فهو الأكثر حساسية، فالترددات التي يسمعها قد تصل إلى 300,000 هرتز.
وأخيرًا الناموس، والذي يتتبع رائحة ثاني أكسيد الكربون الموجود في الزفير، ليجد وجبته التالية. حيث توجد مستشعرات لثاني أكسيد الكربون في الأعضاء الحسية الشبيهة بالهوائيات الخاصة بها (Maxillary palp).
تم نقل المقال من مجلة الباحثون المصريون بالتصرف
اقرأ أيضًا: نظرة على الحياة الخفية لثلاثة عشر نوعًا من الحيوانات كنتَ تخال أنك تعرفها