كلما تم اختيار اللون الأحمر كان أفضل، ونحن لا نتحدث هنا عن البنجر، أو الورود، أو الألوانِ الخاصة بالدعاية لمرشحي الرئاسة؛ بل نتحدث اليوم عن الطيور، أو بمعنى أدق عن بعض أنواعها. ففي العديد من أنواع الطيور، يُعَد احمرارُ ريش الذكر أو منقارِه مؤشرًا على الصحة الجيدة. بالإضافة إلى أن اللون الأحمر يجتذب الإناث، ويساعد على تحذير الذكور المنافسة.
وقد توصل الآن فريقان من الباحثين إلى العمليات الكيميائية التي تلجأ إليها الطيور ليكتسب ريشُها اللونَ الأحمر الزاهي. فهي تأكل نباتاتٍ ذاتَ صبغة صفراء مميزة، ثم تحولها كيميائيًّا إلى الصبغة الحمراء التي تصبح أبرز سماتها.
وعقد العلماء مقارنةً بين الطيورالتي تنتج مركبات حمراء اللون وتلك التي تعجِز عن ذلك.
فدرس الفريق البحثي الأول طائر الكناري الأحمر، وهو نتاج تهجين حدث منذ قرن تقريبًا بين الكناريا الأصفر المألوف وطائرٍ يسمى السسكن الأحمر. ونقّب الباحثون في العوامل الوراثية للأنواع الثلاثة لمعرفة ما إذا كانت جينات اللون في الكناري الأحمر -التي يفتقر إليها الكناري الأصفر– قد جاءته من السسكن أم لا. وقادهم بحثهم إلى إنزيم من عائلة السيتوكروم بي 450، وهو نوع من الإنزيمات التي تسهم في عملية تحلل السموم. واكتشف الباحثون أن مستويات الإنزيم الخاصِّ بتحويل اللون الأصفر إلى الأحمر في جلد الكناري الأحمر كانت أعلى ألفَ مرة لدى المقارنة بقرينه الأصفر.
وتوصل الفريق الثاني إلى استنتاجٍ مماثل بعد دراسات أجراها على عصافير زيبرا، التي تملك عادة منقارًا زاهيًا يتراوح لونه بين البرتقالي والأحمر. لكنهم وجدوا أحد عصافير زيبرا بمنقار أصفر .واتضح للباحثين أن جينات بي 450 في الطيور ذات المنقار الأصفر قد تعرضت لطفرات متعددة، جعلت مستويات إنزيم تحويل اللون الأصفر إلى الأحمر في مناقيرها ينخفض إلى صفر.
والأمر المثير للاهتمام هنا هو أن العديد من الطيور غير الحمراء لديها جينات السيتوكروم بي 450 لإنتاج الصبغات الحمراء في شبكية العين؛ لتعزيز قدرتها على تمييز الألوان. ولو تمكنت تلك الطيورمن تنشيط هذا الإنزيم في أجزاءٍ أخرى من أجسامها بطريقة ما، لأمكنها -إلى جانب تحسين الإبصار- أن تبدوَ بمظهر أفضل، أو على الأقل أن تكتسب اللون الأحمر.
اقرأ أيضًا: الإنسان الأول هاجر إلى السعودية قبل 85 ألف سنة
تم نقل المقال من Scientific American بالتصرف.