هل انتابتك الحيرة من صوت ضوضاء خافتة تناهت إلى مسامعك وأنت تحاول اكتشاف ماهيتها؟ ربما استدرت برأسك تجاه مصدر الضوضاء أو ضممت كفك قليلًا خلف أذنك على أمل أن تسمع الصوت على نحو أفضل. ماذا لو كان بوسعنا أن نجعل يدك التي تضمها قليلًا هذه أكبر؟ لهذا السؤال إجابة لدى بعض الحيوانات التي لديها حاسة سمع استثنائية؛ إذ لها آذانٌ كبيرة. قط السرفال (ويُعرَف أيضًا باسم القط الأنمر، وهو نوعٌ من القطط البرية الأفريقية) على سبيل المثال، بإمكانه أن يسمع صوت فأر يشق طريقه تحت الأرض. كما أن الخفافيش -التي تعتمد على الصوت لمساعدتها على التجول في الظلام- لها آذان تشتهر بضخامتها الشديدة على رؤوسها الصغيرة.
في هذه التجربة، سوف تصمم “أدوات تساعدك على السمع” تشبه الأذن وتختبرها، بالنظر إلى آذان الحيوانات للتعرف على ما يساعد في تحسين حاسة السمع.
معلومات أساسية
يسافر الصوت عبر الهواء في شكل موجات ضغط، وبعد أن تدخل تلك الموجات قنوات الأذن لديك (الثقوب الموجودة على جانبي رأسك)، تدخل الأذن الداخلية (الجزء الموجود داخل رأسك) دائرة العمل؛ فتقوم بترجمة موجات الصوت إلى إشارات عصبية –نوع من الرموز- يجري إرسالها إلى المخ لمعالجتها. وحينها فقط تسمع الصوت.
يبدو الأمر كما لو كانت الأذن الداخلية هي التي تؤدي الجزء الأكبر من العمل، فلماذا إذًا توجد امتدادات للأذن تبرز على جانبي الرأس؟ اتضح أن هذا الجزء البارز -الذي يُطلَق عليه أيضًا صيوان الأذن– يقوم بوظيفة تشبه وظيفة القمع؛ إذ يعمل على تجميع الموجات الصوتية وتضخيمها وتوجيهها إلى قناة الأذن.
لم يُخلق صيوان الأذن الخارجية عبثًا، بل له وظيفة محددة. لنأخذ صيوان الأذن الخارجية عند الإنسان على سبيل المثال؛ فانثناءاته وتعاريجه تعزِّز بصورة خاصة الأصوات التي لها طبقة صوت مطابقة للصوت البشري، أي الأصوات التي يهتم بها البشر. فهي تعزِّز تلك الأصوات بمقدار 100 مرة وتترك طبقات الصوت الأخرى على حالها. بعبارة أخرى، فهي أداة استماع داخلية مفيدة تقلل الضوضاء في الخلفية.
ويساعد صيوان الأذن البشرية أيضًا على تحديد اتجاه الصوت. ففي حين يجري تعزيز الأصوات القادمة من الأمام والجانبين بواسطة صيوان الأذن، فإن الأصوات القادمة من الخلف يجري تقليلها، ويؤدي هذا إلى فروق بسيطة في قوة الصوت المُدخَل بواسطة أذنينا. وهذا -بالإضافة إلى الفرق في زمن وصول الصوت- يساعدنا على استنتاج موقع مصدر الصوت.
الآن، أصبحت تعرف أكثر قليلاً عن صيوان الأذن البشرية. ولكن، ماذا يمكن أن يكون عليه الحال إذا كان لدينا صيوان أذن يشبه صيوان آذان الحيوانات؟ هل ستحسِّن حواف الأذن الضخمة المتدلِّية (مثل تلك التي لدى الفيلة) من حاسة السمع لدينا؟ ربما يمكننا أن نجرب صيوان الأذن المقبَّب الذي يدور؟ وماذا عن الشكل المخروطي العملاق؟
أدوات التجربة
- ورق مقوّى ثقيل
- مقص
- شريط
راديو أو مشغل أقراص مدمجة أو جهاز موسيقي آخر له مكبر صوت أو سماعات رأس (لا تعمل سماعات الأذن الصغيرة جيدًا في هذه التجربة).
- طبقان ورقيان (اختياري)
- أقلام تخطيط أو غير ذلك من مواد الزخرفة (اختياري)
- الإعداد للتجربة
للإعداد للتجربة، عليك صناعة نوعين أو ثلاثة أنواع من صيوانات الأذن. وصيوان الأذن هو الاسم العلمي لامتداد الأذن البارز إلى الخارج من جانب الرأس.
أولاً، اعمل على إنشاء زوجين من صيوانات الأذن الخارجية مخروطية الشكل، والتي يُطلق عليها أيضًا “أبواق”. ثم لف ورقة من الأوراق المقواة الثقيلة في صورة مخروط واسع. ويجب أن يحتوي أحد الجانبين على ثقب صغير بما يكفي بحيث يمكن أن يوضع على أذنك الخارجية، بالقرب من قناة الأذن (لتجنب الإصابة، لا تضع أي شيء داخل قناة الأذن). استخدم الشريط لتثبيت شكل المخروط. عليك إعداد مخروطٍ ثانٍ مطابق للأول لإكمال زوجَي الأبواق.
ولإعداد الزوجين الآخرين، اصنع صيوان أذن كبيرًا ومتدليًا كأذن الفيلة. ضع قطعتين من الورق المقوى بعضهما على بعض واعمل على تقليم الحواف لإنشاء شكلين على صورة أذن الفيل.
خطوة اختيارية: يمكنك صنع أذن مقببة عن طريق قطع جزء مثلث من طبق ورقي. تخيل أن طبقك عبارة عن كعكة مستديرة ثم اقتطع ربع الكعكة موتخلص منها، ثم قم بوضع أو لصق الجانبين المقطوعين من الطبق معًا -وستَلحظ أنه قد أصبح فيها ثقب- وسينتج عنه صيوان مقبب يشبه الفنجان يمكنك أن تضعه على أذنك. اصنع واحدة ثانية مطابقة لوضعها على أذنك الأخرى. ولأنك ستضع هذين الصيوانين حول أذنيك، ربا ترغب في تغطية الحواف المقطوعة بشريط.
خطوة اختيارية: يمكنك تزيين الصيوانات التي صنعتها.
خطوات التجربة
- اضبط جهاز الراديو أو مشغل الأقراص المدمجة -أو أي جهاز تشغيل موسيقى آخر مزود بمكبر صوت- على صوت منخفض، بحيث يمكنك بصعوبة اكتشاف الصوت. إذا كنت تستخدم سماعات رأس، اتركها على الطاولة وارفع الصوت بحيث يمكنك سماع صوت خافت دون أن ترتديها، ثم قف بالقرب من مكبر الصوت أو سماعات الرأس، مع وضع إحدى أذنيك في اتجاهها. اترك مسافة كافية بحيث يمكنك أن تضع بوقًا بين أذنك ومكبر الصوت أو سماعات الرأس. استمع إلى الصوت. كيف يبدو الصوت؟ خافتًا؟ بالكاد مسموعًا؟
- ضع أبواق الأذن في أذنيك بحيث تكون الثقوب الصغيرة في الأذن الخارجية، بالقرب من قناة الأذن. وجِّه الطرف ذو الفتحة الواسعة لأحد المخروطين في اتجاه مكبر الصوت أو سماعات الرأس، ووجِّه المخروط الآخر في الاتجاه المعاكس (بعيدًا عن مكبر الصوت أو السماعة). ينبغي أن يكون رأسك في نفس الموضع تقريبًا الذي كان عليه في الخطوة الأولى، ثم استمع إلى الصوت. كيف يبدو هذه المرة؟ هل كان أعلى قليلًا أم خافتًا أكثر؟ هل لا يزال بإمكانك الاستماع إلى الصوت؟ إذا كان الصوت أعلى، اخفض الصوت قليلاً حتى لا يكون بوسعك سماعه إلا لمامًا. أزل أبواق الأذن واستمع مجددًا. هل بوسعك الاستماع إلى الصوت من المسافة نفسها دون وضع الأبواق مخروطية الشكل؟
- ضع الأبواق مخروطية الشكل مجددًا بحيث تكون الثقوب الصغيرة في اتجاه قناة الأذن وتشير واحدة من الفتحات الواسعة في اتجاه مكبر الصوت. اختبر الأمر لتتأكد من أنه لا يزال بوسعك الاستماع إلى الصوت. الآن أدر رأسك بحيث تنظر إلى مكبر الصوت وتكون الأبواق بحيث تشير في اتجاه الجانب. كيف يبدو الصوت هذه المرة؟ هل لا يزال بإمكانك الاستماع إلى الصوت؟
- ولاختبار ما يمكن أن تكون عليه صيوانات الأذن المقببة، ضم يديك على شكل يشبه الفنجان حول صيوان أذنك، مع ضمها قليلًا إلى الأمام. أنصت إلى الصوت الخافت وأنت توجه بصرك إلى مكبر الصوت. هل تساعدك يدك في سماع الصوت؟ وأي وضع لليد يحسِّن الصوت على أفضل نحو ممكن؟
- غالبًا ما تلوي الحيوانات آذانها قليلًا. هل تعتقد أن ثني صيوان الأذن المقبب سيُحدث فارقًا؟ لاختبار هذا، اجعل يدك المضمومة قليلًا هذه في اتجاه مصدر الصوت، ثم إلى أسفل ثم تراجع إلى الخلف قليلًا (بعيدًا عن مصدر الصوت). هل يساعدك وضع محدد على سماع الصوت الضعيف على نحو أفضل؟
- لدى بعض الحيوانات آذان ضخمة ومتدلية. هل تظن أن هذه الآذان تساعدها على سماع الأصوات جيدًا؟ لاختبار هذا الأمر، ضع الصيوان الضخم المتدلي الذي يشبه أذن الفيل خلف أذنيك الخارجيتين بحيث تمثل امتدادًا للصيوان الخارجي لأذنيك، ثم أنصت إلى الصوت، كيف يبدو؟ هل تحتاج إلى ضبط الصوت لجعل اكتشافه ممكنًا؟ أدر رأسك لاختبار كافة الاتجاهات. هل ساعدك هذا على الاستماع بشكل أفضل؟
- نظرًا لأن صيوان الأذن يمثل جزءًا من الأذن، فإننا غالبًا ما نميل إلى الربط بينه وبين السمع، ولكن ربما تكون صيوانات آذان الحيوانات قد تطورت لتساعدها بطرق أخرى. فهل يمكنك أن تفكر في أسباب أخرى لكبر حجم صيوانات آذان الحيوانات؟
- نشاط إضافي: اختبر الصيوانين المقببين المصنوعين من الطبق الورقي بنفس الطريقة التي اختبرت بها ضم يديك على شكل فنجان؟
- نشاط إضافي: لنكون أكثر إبداعًا، دعنا نجمع بين استخدام صيوانات الأذن الخارجية المختلفة معًا. فماذا يحدث إذا جمعنا بين استخدام الصيوان الخارجي الذي يشبه أذن الفيل على الأذن اليمنى والصيوان الذي على شكل بوق على الأذن اليسرى؟ وماذا يحدث إذا ضممت يدك اليمنى حول أذنك بحيث تكون متجهة إلى الأمام، ثم ضممت يدك اليسرى حول أذنك الأخرى بحيث تكون متجهة إلى الخلف؟ أغلق عينيك وأنصت باهتمام. كيف يتغير مقدار علو الصوت؟ هل يمكنك أيضًا تخمين اتجاه الصوت؟
- نشاط إضافي: انظر إلى أشكال آذان الحيوانات الموجودة على أرض الواقع وأماكنها واتجاهاتها، من خلال صورها في أحد الكتب أو عبر الإنترنت أو عندما تراها بنفسك. كيف تظن أن خصائص صيوانات الآذان تساعدها؟ هل يمكن لتلك الصيوانات أن تؤدي مهام أخرى أكثر من السمع؟
- نشاط إضافي: استخدم أفضل تصميم لديك سعيًا وراء الكشف عن الضوضاء. كم عدد الأصوات المختلفة التي يمكنك الكشف عنها؟ هل يمكنك أن تحدد الموقع الذي جاءت منه؟ قد تندهش من كم الضوضاء التي يمكنك الكشف عنها بمجرد أن توجِّه انتباهك وتنصت باهتمام.
الملحوظات والنتائج
هل حسَّنَت أبواق الأذن والصيوانات المقببة من حاسة السمع لديك عند توجيه الجزء الواسع أو المفتوح باتجاه مصدر الصوت، ولكن انخفضت قدرتك على السمع عند توجيهها إلى مكان آخر؟ هذا أمر متوقع، لأن صيوان الأذن يعمل بمنزلة قمع لتجميع الموجات الصوتية. وتعمل الأقماع الأكبر (مثل أبواق الأذن أو ضم اليد على شكل فنجان) على جمع المزيد من الموجات الصوتية، وبذلك تستمع إلى الصوت على نحو أفضل. ولكن نظرًا لأنها كبيرة الحجم فإنها يمكن أيضًا أن تعوق الصوت من الوصول إلى قناة الأذن. ولهذا السبب جعلت الصوت يبدو أضعف عندما أدرت رأسك أو وجهت يديك المضمومة إلى الخلف (بعيدًا عن مصدر الصوت).
على الأرجح لم تساعد الأذن الضخمة المتدلية التي تشبه أذن الفيل في تحسين قدرتك على التقاط الأصوات. فمن بين استخداماتها غير المتعلقة بحاسة السمع مساعدة الحيوانات على ترطيب أجسامها؛ فهذه الآذان مليئة بالأوعية الدموية الدقيقة التي تطلق حرارة الجسم من خلالها، أما البشر فيساعد العرق على ترطيب أجسامهم. وعلى الرغم من أن الآذان الكبيرة المتدلية مفيدة عمومًا، فإنها غير مفيدة في المساعدة على السمع.
وبخلاف البشر، يمكن للعديد من الحيوانات أن تحرك آذانها عمدًا. بل إن بعضها -كالحصان على سبيل المثال- يمكنه أن يحرك كل أذن مستقلة، فيمكنه توجيه الأذن المقببة وفق حاجته لتحسين الصوت وتحديد مصدره. ودماغ الإنسان غير مدرب على استخدام الآذان التي تتحرك، لذا عند اختبار الاتجاهات المختلفة، يمكن أن تكون قد شعرت بشيء من الحيرة وعدم القدرة على تحديد المصدر جيدًا. ويمكن أن تشعر بحيرة مشابهة عندما تدمج أنواعًا مختلفة من صيوانات الآذان. ولاستخدام تلك الصيوانات الجديدة بفاعلية، ستحتاج إلى ارتدائها مدةً من الزمن لإعادة تدريب الدماغ.
ويساعد صيوان الأذن البشرية في التركيز على الأصوات المثيرة للاهتمام بالنسبة للبشر، وذلك من خلال اختيار تضخيم الأصوات التي لها طبقة صوت شبيهة بطبقة صوت الإنسان. وجدير بالملاحظة أن صيوانات الآذان التي صنعتها أبسط من أن تتمكن من تضخيم طبقات صوت محددة، ولكن آذان الحيوانات أو أدوات السمع المساعدة بوسعها فعل ذلك. وعند معالجة الأصوات، يساعد الدماغ بصورة إضافية على تجاهل ضوضاء الخلفية. ومن المحتمل أن يساعدك سعيك لاستكشاف الضوضاء على اكتشاف أصوات مثيرة للاهتمام حولك، وهي غالبًا ما ستكون أصواتًا اعتدت تجاهلها. وربما تكون صيوانات الآذان التي ابتكرتها مفيدةً جدًّا في استكشاف الأصوات الضعيفة وتحديد موقعها.
اقرأ أيضًا: الإنسان الأول هاجر إلى السعودية قبل 85 ألف سنة
تم نقل المقال من Scientific American بالتصرف.