كثيرًا ما كانت العلاقة بين نظرية التطور وأصل الانسان الشغل الشاغل للكثيرين، سواءً من العامة أو غير المختصين، وحتى العلماء ذوي الصلة، إذ إن معرفة تاريخ الأنواع البشرية أو حتى اصل الانسان ـ إن أمكن ـ تفتح الباب واسعًا أمام أفكار غير مألوفة ربّما قد تغير نظرتنا للكون وأصله ومستقبله.
تفرد البشر في كوكب الأرض بالعديد من الميزات الخالصة، التي لا نراها عند أحد الكائنات، لكن هذا الأمر لم يكن ثابتًا على مدى الأعوام الغابرة، حيث يختلف العلماء حول إمكانية تطورنا من أسلاف غريبة كتلك التي تشبه الهوبيتس (Hobbits) في فيلم سيد الخواتم (The Lord of the Rings).
فما مدى صحة هذه الفرضيات، وما الأساس الذي تقوم عليه، هذا ما تبينه الأبحاث والاكتشافات المرتبطة في نظرية التطور وأصل الانسان بمفاهيمها وفرضياتها المختلفة.
تطور الإنسان
تطور الإنسان على مدى عقود ماضية عبر سلسلة من التغييرات التي طالت الأسلاف البدائية، وتبين الأدلة العلمية على أن الصفات البدائية التي يتشاركها البشر جميعًا نشأت من أسلاف بدائية على مدى 6 ملايين عام منصرم.
لقد كانت إحدى أهم الصفات التي ميزت الإنسان هي القدرة على المشي على ساقين، والتي اكتسبها منذ 4 ملايين عام بشكل تقريبي، ثم تطورت باقي الخصائص البشرية الهامة الأخرى، كالدماغ الكبير المعقد، والقدرة على صنع الأدوات واستخدامها، واللغة، وغيرها الكثير من الصفات التي برزت خلال 100 ألف عام مضى.
وبحسب دراسات نظرية التطور وأصل الانسان والصفات البشرية، وأوجه التشابه مع الكائنات المختلفة، وجد العلماء أن اصل الانسان والجنس البشري الحالي له علاقة وثيقة بمجموعة أخرى من الرئيسيات، وهي القردة؛ حيث بينت الدراسات المختلفة أوجه التشابه المادية والجينية مع القردة، وبشكل خاص مع قردة البنبوس (التي يطلق عليها اسم الشمبانزي القزم) والغوريلات، ويضيف العلماء أن تطور الإنسان ـ أو البشر ـ بدأ في إفريقيا للمرة الأولى، وذلك بحسب ما بنيت دراسة الأحافير المختلفة.
ويظهر للعلماء وجود حوالي 15 إلى 20 نوعًا مختلفًا من البشر، غير أنهم لا يتفقون حول كيفية ارتباطها سويًا، أو حتى كيفية تصنيفها وتحديد أنواعها.
لا يزال سبب تطور وانقراض هذه الأنواع يشكل أكثر المسائل إثارة للحيرة لدى العلماء حتى يومنا هذا.1
بعض الأنواع البشرية المكتشفة
الإنسان الحالي هو الوحيد الباقي من الجنس البشري القديم، لكن العلوم لم تكن قاصرة عن اكتشاف بعض ملامح تطور الإنسان التي لحقت بالأنواع المختلفة، حتى وصلت الأنواع المختلفة إلى المزيج الذي نحن عليه الآن.
لكن، وعلى الرغم من اكتشاف العديد من الأنواع البشرية المنقرضة، إلا أن الثغرات لا تزال تملأ شجرة تطورنا، وإن ما تم اكتشافه حتى الآن يوضح العديد من النقاط حول اصل الانسان وتطوره، ويعطينا صورة واضحة للأشكال التي مر بها خلال العصور.
- إنسان هايدلبرغ (Heidelbergensis)
كان هايدلبرغ طويل القامة بشكل كبير، إلا أنه تميز بالذكاء، فكان يستخدم الرماح الحجرية المدببة للصيد، كما يعتقد أنه أول الأسلاف التي عمدت إلى دفن الموتى.
- هومو رودولفينسيس (Homo Rudolfensis)
كلُّ ما استطاع العلماء الوصول إليه حول هذا النوع هو بعض بقايا العظام المتحجرة، وتشير الأدلة إلى أن دماغه كان أكبر من بقية الأنواع البشرية الأخرى.
- إنسان جاوة (Java)
يعود اصل الانسان من هذا النوع إلى منطقة جاوة، حيث عُثر على بعض بقاياه عام 1890، كالأسنان وبعض العظام، لذا أطلق عليه هذا الاسم، ويعتبر العلماء أن إنسان جاوة يشكل حلقة الوصل بين القردة والبشر.
- إنسان دينيسوفا (Denisova)
اكتشف العلماء بقايا الأنواع البشرية هذه خلال بعض الحفريات الحديثة عام 2008 في كهف دينيسوفا في سيبيريا، ولم يستطيعوا اكتشاف سوى بقايا قليلة.
- بينغو مان (Penghu)
اكتشف الفك السفلي المتحجر لرجل بنغو من قبل بعض الصيادين الذين يعملون بالقرب من جزر بينغو قبالة سواحل تايوان، ويظهر الفك سميكًا جدًا والأسنان عملاقة ضخمة مقارنة مع الأنواع الأخرى.
- إنسان دمانيسي (Dmanisi)
أو ما يعرف بالإنسان جورجيوس، الذي عثر على بقاياه في دمانيسي في جورجيا، تميز بدماغ صغير جدًا على عكس أسلافنا المنقرضين، لكن يتكهن بعض العلماء أن الدماغ الصغير ليس دليلًا على وجود هذا النوع.
- إنسان كهف ريد دير (Red Deer Cave People)
- هومو ناليدي (Homo Naledi)
اكتشفت بعض العظام أثناء القيام ببعض الحفريات عام 2013 في جنوب إفريقيا، وشكلت هذه العظام دليلًا واضحًا على وجود إنسان ناليدي، إلا أن هذه العظام وجدت تحت الأرض بعمق وصل حتى 98 قدم تحت سطح الأرض متناثرة بين آلاف العظام الفريدة.
تبين وجود ناليدي منذ حوالي 250 ألف عام مضى، ولم يستطع العلماء تحديد ما إذا قد عاشت الأنواع البشرية هذه في الكهف أو أنها عمدت إلى دفن موتاها هناك.
- الهوبيت أو إنسان فلوريس (The Hobbit)
أعلن العلماء عن اكتشاف هذا النوع في جزيرة فلوريس باندونيسيا عام 2004، وأعطي فيما بعد اسم الهوبيت.
تميز بقامة بلغت حوالي 3.5 مترًا وأقدام كبيرة ودماغ صغير. لكنه استطاع استخدام النار والأدوات المختلفة للصيد.
تم نقل المقال من مجلة أراجيك بالتصرف.
اقرأ أيضًا: هل تدعو نظرية التطور إلى الإلحاد؟