قالت دراسة علمية نشرتها دورية “ساينتيفيك رييورتس” اليوم إن صغر حجم أدمغة البشر البدائيين (النياندرتال) تسببت في انقراضهم قبل نحو 40 ألف عام.
وجاء في الدراسة، التي نفذها باحثون من جامعات كيئو وناجويا وطوكيو اليابانية، بالإضافة إلى علماء من معاهد أوروبية مختلفة، أن الإنسان العاقل المبكر –جد البشر الحاليين- طوّر دماغًا أكبر بكثير من أدمغة النياندرتال، ما ساعده على استنباط لغة وفهم سلوكيات اجتماعية أسهَمَت في بقائه إلى الآن.
وأشارت الدراسة إلى أن دماغ الإنسان العاقل الأول (الإنسان الحديث) طورت قدرات الذاكرة العاملة والمرونة المعرفية، ما أثر في قدرته على التكيُّف مع البيئات المتغيرة، وهو الأمر الذي زاد من فرص بقائه على قيد الحياة مُقارنةً بالبشر البدائيين (إنسان النياندرتال).
وفحص الباحثون جماجم أربعة من النياندرتال عاشوا جنبًا إلى جنب مع الإنسان الحديث (هومو سابينس)، وقاموا بإعادة بناء أدمغتهم لمعرفة حجمها على وجه الدقة، ثم قارنوا حجم تلك الأدمغة مع أدمغة 1185 متطوعًا شاركوا في الدراسة، وهو الأمر الذي سمح لهم بالتنبؤ بالفروق الجوهرية بين أدمغة الإنسان العاقل والإنسان البدائي، كما كشف عن الاختلاف في مناطق الدماغ الفردية بين النوعين.
وتقول الدراسة، التي بدأت قبل 8 أعوام، إن “الإنسان العاقل المبكر كان لديه مُخيخ أكبر نسبيًّا من إنسان النياندرتال، كما أن نصفي الكرة المخية “الأيمن والأيسر” لدى الإنسان العاقل المبكر كانا أكبر منهما لدى إنسان النياندرتال بنسبة كبيرة.
يقول “ناوميتشي أوجيهارا”، أحد الباحثين المشاركين في الدراسة، لـ”للعلم”: “إن محاولتنا لإعادة بناء أدمغة النياندرتال لاستنتاج الاختلافات الوظيفية المحتملة بين النوعين –الإنسان البدائي والإنسان العاقل- تُعد الأولى من نوعها في التاريخ”.
ويضيف: استخدمنا منهجية رياضية جديدة، تعتمد على تحليل إحصائي للأدمغة المُعاد بناؤها لاكتشاف الفروق الجوهرية بينها وبين أدمغة البشر الحاليين”.
واستخدم الباحثون بيانات سلوكية وفسيولوجية لمعرفة القدرات التي تتمتع بها الأدمغة الحالية، كالانتباه واللغة والذاكرة العاملة، ومن المعروف أن بعض تلك القدرات يرتبط بالمخيخ، أما بعضها الآخر فيرتبط بالقدرة على تنظيم الإشارات العصبية بين نصفي المخ.
ولأن إعادة بناء أدمغة الإنسان البدائي أثبتت أن حجم دماغه أصغر من حجم دماغ الإنسان الحديث، فهذا يعني أن تلك القدرات كانت أقل لدى الأول بالنسبة للثاني، وهو الأمر الذي ربما يكون سببًا في ضعف قدرته على التواصل مع بني جنسه أو مواجهة الطقس المتغير.
ولم تؤكد الدراسة الأسباب النهائية والدقيقة لانقراض النياندرتال وانتشار الإنسان الحديث، إلا أنها تلقي بالضوء على نظرية جديدة تقول إن “الاختلافات التشريحية والوظيفية للدماغ قد تكون عامل حسم في بقاء النوع أو انقراضه”.
تم نقل المقال من Scientific American بالتصرف.