وقالت الدراسة المنشورة في دورية نيتشر العلمية إن هجرة الطيور والحشرات لا تعتمد على الاستدلال المغناطيسي لمجال الأرض فحسب، بل أيضًا على المعالم المرئية والروائح ومواقع النجوم والشمس.
وجاء في الدراسة أن تلك الكائنات تعتمد خلال هجرتها على ثلاث مراحل، يجري خلالها استخدام إشارات واستراتيجيات توجيه مختلفة، وليس إشارة واحدة أو استراتيجية واحدة خلال تلك الرحلات الطويلة.
وتقول الدراسة إن الطيور المهاجرة تستطيع اكتشاف المجال المغناطيسي للأرض عبر آلية حسية رائعة تعتمد على ميكانيكا الكم؛ إذ ترصد البروتينات المُشفرة في شبكية عين الطائر الانحراف البسيط للإلكترونات الناجم عن تعرُّضها للحقول المغناطيسية.
كل عام، تهاجر مليارات من الطيور والحشرات التي يزن معظمها بضعة جرامات وتطير لمسافات تُقدر بمئات الكيلومترات، تترك الطيور مواطنها الأصلية وتقطع المحيطات والصحاري واليابسة لتستقر في الأماكن المعتدلة للتناسل وتضع بيضها.
تتمكن الطيور الشابة من الهجرة دون اتصال منتظم مع الطيور من ذوات الخبرة، وبالتالي فإن قدرتها الملاحية فطرية، ورغم عدم مرور تلك الطيور بتجارب سابقة، فإن قدرتها على التنقل والاستقرار في أماكن هجرتها مذهلة، ودقيقة بدرجة كبيرة، تصل إلى سنتيمترات قليلة ضمن مسافات تزيد عن الـ5000 كيلومتر.
فعلى سبيل المثال، تقطع طيور البقويقة السلطانية مخططة الذيل المسافة من آلاسكا إلى نيوزلاندا في رحلة واحدة تستمر 9 أيام متواصلة دون توقف، في حين تطير بعض أنواع طيور البحر مسافات تُقدر بـ100 ألف كيلومتر سنويًّا في رحلات ملحمية إلى جزر محيطية لإجراء عملية التزواج.
ليست الطيور فحسب، بل حتى الفراشات الصغيرة وبعض أنواع الحشرات يمكنها أداء مهمات ملاحية مثيرة للإعجاب، فعلى سبيل المثال، تهاجر الفراشات الملكية monarch Butterfly من الولايات المتحدة الأمريكية وكندا إلى المكسيك، قاطعةً مسافة 3000 كيلومتر للوصول إلى نوع من الأشجار المكسيكية الزرقاء لوضع يرقاتها.
وجاء في الدراسة أن الطيور والحشرات تبدأ رحلتها إلى المكان عبر الاستدلال المغناطيسي، ثم تَتَتَبَّع ذلك المكان عن طريق النجوم وضوء الشمس، مستخدمةً بوصلة مغناطيسية تعتمد على الانحرافات البسيطة في الضوء، لتحدد الاتجاهات الصحيحية بدقة تصل إلى 1 كل 10 ملايين سنتيمتر.
ويقول هنريك مورشتاين، مؤلف الدراسة والباحث في مجال هجرات الطيور بجامعة أولدينبرج الألمانية، في تصريحات خاصة لـ”للعلم”: إن الورقة البحثية تهدف لـ”محاولة إثبات أن البوصلة المغناطيسية الموجودة عند الطيور تعتمد اعتمادًا أساسيًّا على ميكانيكا الكم”.
ويشير الباحث إلى أن الطيور تستخدم شبكيتها لتعرُّف الانحراف في الضوء، الناجم عن تغيُّر زاوية الميل المغناطيسي طبقًا للقرب -أو البعد- من القطب الشمالي للأرض، وبالتالي تستطيع تحديد الانحراف الزاوي بين الشمال المغناطيسي والشمال الجغرافي بدقة متناهية.
تم نقل المقال من Scientific American بالتصرف.