البحث عن الأساس الجيني لمشكلة تشوُّه الأنياب لدى سلالة “شتلاند” يقود إلى ارتباط ذلك بالجينات التي تؤثر على النمو
اكتشف باحثون أمريكيون مجموعةً من الاختلافات الوراثية، التي تُسهم في صغر حجم الجسم لدى بعض الكلاب، وخاصةً التي تنتمي إلى سلالة “شتلاند” (Shetland Sheepdogs) التي تمتاز بأحجام أجسامها الصغيرة.
وأوضح الباحثون في الدراسة، التي نشرتها دورية “بروسيدينجز أوف ذا ناشيونال أكاديمي أوف ساينسس” (PNAS)، أن هذا الاكتشاف جاء عن طريق الصدفة، عندما كانوا يحققون في الأصل الوراثي لمشكلة تشوُّه الأسنان التي تعاني منها تلك السلالة.
عكفت “لي آن كلارك” -الأستاذ المساعد في قسم علم الوراثة والكيمياء الحيوية بجامعة “كليمسون”- وطالبتها التي تخرجت حديثًا وتدرس الماجستير في الجامعة ذاتها “سيدني أبرامز”، على دراسة الأسباب الوراثية التي تقود إلى إصابة هذه السلالة بمشكلات في الأنياب، وهي مشكلة طالما سعى مربو هذه السلالة طويلًا للحصول على تفسيرات لها. لكن بحثهما المتواصل أدى إلى اكتشاف رائد.
تقول “كلارك” -المؤلف الرئيسي للبحث- في تصريحات لـ”للعلم”: كان هدفنا الأساسي اكتشاف الأساس الجيني لمشكلة الأنياب لدى سلالة “شتلاند”، وانتهى بنا المطاف إلى اكتشاف أن ذلك مرتبطٌ بحجم جسم تلك الكلاب. وهذه واحدة من المرات الأولى التي تُنسب فيها سمةٌ في الكلاب مباشرةً إلى الجينات التي تؤثر على النمو.
وتضيف: في هذه الحالة، تتجه السن النابية إلى الأمام مثل الرمح، بدلًا من توجهها إلى الأسفل كما ينبغي. ويمكن خلع الناب أو إصلاحه بتقويم الأسنان، لكن هذا لا يعالج السبب. وإذا تُركت المشكلة دون علاج، فيمكن أن تسبب تقرحات في الشفة أو تمنع الكلب من إغلاق فمه، ويمكن أن تؤدي أيضًا إلى أمراض اللثة.
ولأن الحالة نادرًا ما تُرى خارج سلالة “شتلاند”، تؤكد “كلارك” أنها ترجع إلى عوامل وراثية موروثة، وأن معرفة أصلها الجيني ستساعد المربين في العمل على القضاء على هذه المشكلة.
وتَواصل الفريق مع عددٍ من مربِّي تلك السلالة حول العالم، ونجحوا في جمع أكثر من 200 عينة، وانتهى بهم المطاف إلى استخدام 78 عينةً في أبحاث على مستوى الجينوم، واستبعدوا باقي العينات التي كانت مأخوذةً من كلاب تنتمي إلى أجداد مشتركة.
تقول “كلارك”: آتت جهود الفريق ثمارها بطريقة مفاجئة؛ فقد وجدنا ارتباطًا بين ظهور تلك المشكلة التي تعاني منها الكلاب والجينات الموجودة في “كروموسوم 9″، كان هناك حوالي 30 جينًا، وقد فحصنا تلك الجينات الـ30 بحثًا عن اختلاف قد يكون له تأثيرٌ في مشكلة الأسنان، ووجدنا تبايُنًا في جينين مختلفين، يسببان هذه المشكلة، وكان أحدهما هو هرمون النمو.
ولأن هذا الجين (هرمون النمو) ضروريٌّ للنمو الطبيعي، عاد فريق البحث إلى مالكي العينات المستخدمة في الدراسة، وطلبوا منهم تقديم معلومات عن أطوال كلابهم وأوزانها.
تقول “كلارك”: ما اكتشفناه هو أن الكلاب التي تعاني من مشكلة تشوه الأنياب كانت في المتوسط أقصر ببوصة واحدة، وكانت أخف بمقدار 6 أرطال، مقارنةً بأقرانها من السلالة التي لا تعاني من هذه المشكلة.
وتابعت: بعد ذلك، نظرنا في هذين الاختلافين في جينومات 224 سلالةً أخرى، بينها كلاب برية، ووجدنا أن الاختلاف كان في سلالات الكلاب صغيرة الحجم، نتيجة الطفرة الجينية لهرمون النمو، الناتجة عن بروتين متحور مماثل تمامًا للبروتين الموجود في البشر المصابين بالتقزم.
وأشارت إلى أن هذا يرجع إلى أن العديد من أمراض البشر والكلاب ترتبط بحجم الجسم. لقد توصلنا إلى أن صغر حجم الجسم في هذه السلالة يعرضها لخطر تشوُّه الأسنان، وهذه ملحوظةٌ لم يرصدها أحدٌ من قبل.
وعن خطواتهم المستقبلية، نوهت بأن هناك المزيد من العمل الذي يتعين فعله، بما في ذلك استكشاف سبب فقدان الأسنان، وعلاقته بالمشكلات الصحية الأخرى؛ إذ إن الأسنان المفقودة مثيرة للاهتمام لأنها موجودة في جميع سلالات الكلاب، ولكنها أكثر شيوعًا بين السلالات صغيرة الحجم. ومن المرجح أن الكلاب التي تعاني من مشكلة الأنياب يكون لديها أسنان مفقودة أكثر من غيرها.
واختتمت حديثها بالقول: السمات الوراثية التي اكتشفناها في سلالة “شتلاند” موجودة في سلالات من الكلاب تمتاز بحجمها الصغير جدًّا، وسيتم إجراء دراسات مستقبلية لتحديد ما إذا كانت هذه السمات مرتبطةً بتشوهات أخرى شائعة في تلك السلالات.
تم نقل المقال من Scientific American بالتصرف.
اقرأ أيضًا: أصول التيروصور تلوح في دائرة الضوء