ديناصور «السيتاكوصور» كان يستخدم الألوان الصبغية ورائحة المسك في منطقة المَجمَع كإشارات جنسية لجذب الطرف الآخر في أثناء المغازلة
بمنقار يشبه الببغاء وحجم مماثل لكلب “اللابرادور” وريشات طويلة تزين الذيل، ترقد مومياء كاملة الحفظ لديناصور “السيتاكوصور” (Psittacosaurus) في متحف “سينكنبرج” بألمانيا.
يُعد ديناصور “السيتاكوصور” تصنيفيًّا من الديناصورات غير الطيرية (الأورنثيشيانز)؛ إذ تُقسم الديناصورات وفق عظام حوضها إلى طيرية وغير طيرية، لكن المميز في هذه الحفرية هو حفظ منطقة الحوض كاملة بأجزائها الرخوة.
أثارت تلك الحفرية فضول فريق دولي مكون من “جاكوب فينثر” الأستاذ في كلية علوم الأرض بجامعة “بريستول” البريطانية، و”روبرت نيكولز” الرسام المتخصص في رسم الأحياء القديمة، و”ديان كيلي” الخبيرة في الأعضاء الذكرية في الفقاريات وأنظمة الجماع من جامعة “ماساتشوستس أمهيرست” الأمريكية.
وتُعَدُّ الدراسة التي نشرتها دورية “كارنت بيولوجي” (Current Biology)، اليوم “الثلاثاء”، 19 يناير، أول دراسة تفصيلية تصف منطقة فتحة المجمع في ديناصور السيتاكوصور، مع مقارنتها بفتحات المَجمَع للحيوانات الفقارية الحديثة التي تعيش على الأرض، كبعض السحالي والضفادع والطيور والثعابين والثدييات.
وبصورة عامة، يمكننا القول بأننا نعلم الكثير عن المظهر الخارجي للديناصورات، مثل كونها ذات ريش أو حراشيف مثلًا، أو أن لها قرونًا، في حين توجد ديناصورات أخرى ذات منقار، وبلغ الأمر أن بعض العلماء توصلوا إلى اللون الحقيقي لكثير من الديناصورات.
لكننا في المقابل لا نعلم كيف تبدو فتحة المَجمَع (الفتحة التي يخرج منها البيض والبول والبراز) لدى الديناصورات؛ إذ إن رباعيات الأقدام عادةً كالزواحف والبرمائيات والطيور لديها فتحة واحدة، أما الثدييات فالوضع مختلف؛ إذ لديها فتحات متخصصة لكل وظيفة.
يقول “فينثر” في تصريحات لـ”للعلم”: تمكنَّا من وصف أول فتحة مجمع لديناصور، وهذا بدوره يخبرنا الكثير عن سلوك الديناصورات وحياتها الاجتماعية، لكن للأسف لم نستطع التعرُّف بشكل كافٍ على كيفية استخدام الفتحة.
يضيف “فينثر”: كشفت الحفرية وجود مظهر متفرد للفتحة يشير إلى وجود اختلافات جوهرية بين الديناصور وأقرب أقربائه من الطيور، ووجود تشابه طفيف جدًّا بينه وبين قريبه الآخر التمساح.
وبسؤاله عما إذا كان بإمكانهم تحديد جنس الحفرية، أجاب “فينثر” قائلًا: للأسف لا يمكننا قول الكثير حول هذا، فلدى الديناصورات بالتأكيد أعضاء ذكرية، وفتحة المجمع هذه مهيئة تمامًا لاستقبال القضيب، لكن تحديد الفروق في فتحات المجمع بين الذكر والأنثى أمرٌ بالغ الدقة.
من جهتها، تقول “كيلي”، في البيان الصحفي المصاحب للدراسة، الذي حصلت “للعلم” على نسخة منه: “إن فتحة المَجمَع غير مصنّفة إلى حدٍّ ما، ورغم أننا وجدنا اختلافات كبيرة في الشكل بين رباعيات الأرجل، إلا أنها لا تستطيع أن تخبرك عن جنس الحيوان”.
لاحظ العلماء وجود تصبُّغات شديدة من الميلانين حول الفتحة، تشبه تلك التي توجد في قرود البابون الحديثة وسحالي السلمندر.
وأشارت الدراسة إلى أن هذه التصبغات للإشارات المرئية، وليست للحماية الميكروبية كما كان يُعتقد من قبل، موضحةً أن “الطيور الحديثة من الفقاريات القليلة التي تستخدم الإشارات المرئية، مما يرجح وجود سلف مشترك بين الأورنيثيشيانز والطيور، إضافةً إلى وجود غدد منتجة للمسك حول الفتحة، كما في التماسيح الحديثة، تستخدمها في الإشارات كذلك”.
يعقب “فينثر” قائلًا: تمكَّنَّا من تحديد اللون الفعلي للتصبغات، ونستطيع القول بأن السيتاكوصور كان يستخدم الألوان الصبغية ورائحة المسك في منطقة المَجمَع كإشارات جنسية لجذب الطرف الآخر في أثناء المغازلة.
بدوره، يقول “نيكولز”: بصفتي رسامًا للحفريات، أرى أنه من المثير حقًّا أن تتخيل كيف تغازل الديناصورات بعضها بعضًا، تلك المنطقة المجهولة التي لم يكن يُعرف عنها شيء من قبل، أنا ممتن للعلم؛ لنجاحه في تغيير قواعد اللعبة.
تم نقل المقال من Scientific American بالتصرف.
اقرأ أيضًا: الكلاب تكتسب بعض القدرات المعرفية مثل الأطفال الرضع