سوف نذكركم في هذا المقال ببعض أساسيات التصنيف البيولوجي، كيف نعتبر أنَّ الكائنين مختلفين في النوع: لا يحدث بينهم أي تزاوج، مختلفين فى المحتوى الجيني (DNA).
تحدث التغيرات بسبب الإنتقاء الجنسي أو الإنتقاء الطبيعي أو التكييف لكي تتغير صفات فى الكائن المولود حتى تتراكم التغيرات ويكون الناتج غير قادر على التزاوج مع سلفه ومختلفين في المحتوى الجيني، وحينها يكون الأبناء والأسلاف مختلفين فى النوع، ومع تتابع التغيرات فى الأسلاف المتتابعة نجد أفراد مختلفة بشكل كبير عن أسلافها، وسنستكمل الأمثلة الحية التي سجلناها.
بإمكانك بالطبع البحث عن أسماء العلماء واكتشافاتهم التي سنذكرها فى المقالة لكي تتأكد بنفسك من النتائج و المصداقية، ولن تكون المصادر مجرد مدونات أو منتديات بل مواقع تعليميّة تابعة لجامعات ينتهي رابطها بـ(EDU).
عصافير داروين:
في عام 1973، عالمان بيولوجيا تطوريّة في جامعة بريستون، هما بيتر وروسماري جرانت (Peter & Rosemary Grant)، بدأوا بدراسة على نهج تشارلز داروين في جزيرة داروين، جالاباجوس (Galapagos Island) يراقبون عصافير داروين.
في البداية افترضوا أنه سيتعيّن عليهم البحث على استدلالات على تطور تلك العصافير عن طريق توزيع الأنواع المختلفة من هذه العصافير على الجزيرة أو على مجموعة الجزر المحيطة، وهذا يشبه الى حد كبير ما فعله داروين، وسرعان ما أدرك جرانت أن أفضل مكان لدراسته هى جزيرة صحرواية صغيرة تسمى (Daphne Major) قريبة من مركز الأرخبيل، حيث كانت العصافير هناك تتطور بشكل سريع، حيث كانت الظروف على هذه الجزيرة تتغير وبشكل سريع جدًا ومتقلب.
أحيانًا تمر سنوات ممطرة وسنوات أخرى جافة، وكان يجب على العصافير التأقلم مع هذه الظروف المتقلبة من جيل إلى جيل، وبمساعدة مجموعة من الخريجين تمكن جرانت أن يقضى فترة من كل عام على جزيرة (Daphne) وهو يراقب التطور الذى يحدث أمام عينه فى شكل مناقير تلك العصافير، وفى نفس الوقت، كان مجموعة من علماء البيولوجيا يقومون بنفس الإكتشافات فى أماكن أخرى، وواحد منهم هو جون إيندلر(John A.Endler) عالم بيولوجيا تطورية بجامعة كاليفورنيا سانتا باربارا، كان يدرس بعض أنواع الأسماك يُدعى (Trinidadian guppies) أو سمك قوس قزح، وفي عام 1986 قام إيندلر بنشر كتابه (الانتقاء الطبيعي في البرية)، وفي هذا الكتاب قام بجمع ومراجعة كل الدراسات الأكاديمية التي نُشِرت بخصوص التطور الملحوظ (أثناء الحدوث)، و وجد عشرات من الدراسات مازالت قيد الحدوث حتى الآن، وأدرك حينها علماء البيولوجيا أنَّ داروين كان بسيطًا ومتواضعًا جدًا بشأن الانتقاء الطبيعي.
فالانتقاء الطبيعي من الممكن أن يحدث بسرعة كافية لكي ندركه ونلاحظه، والآن قد انتشر بسرعة كبيرة جدًا هذا المجال، فحوالي 250 شخص من حول العالم شاهدوا ووثقوا التطور أثناء الحدوث، ليس فقط العصافير أو الأسماك بل أيضًا أنواع من الحشرات، اليرقات وسمك السلامون وأبو شوكة، و أيضًا تم توثيق تطور لبعض الأنواع التكافلية من الحشرات والنباتات.
ودراسة جرانت تزداد تطورًا كل عام، فمنذ أعوام قليلة اكتشف مجموعة من علماء البيولوجيا الجزيئية الجينات التي تتحكم فى شكل مناقير العصافير، وكان إسم هذا الجين (bone morphogenic protein 4) أو بروتين العظام المورفيني 4 واختصاره (BMP4)، العصافير ذات مناقير أكبر كانت نتيجة لزيادة الـ(BMP4) وذات المناقير الصغيرة كان لديها أقل، وفي المختبر استطاع العلماء نحت أو تغيير شكل مناقير العصافير عن طريق إضافة أو إزالة الـ(BMP4)، ونفس الجين الذي يحدد شكل المناقير في بيض العصافير هو الذي يحدد شكل أنف الإنسان في الرَحِم.
اقرأ أيضًا: التطور الملحوظ أثناء الحدوث – الجزء الثالث (التطور عن طريق تدخل الإنسان)
المصدر: sierracollege