نظريةٌ جديدةٌ تُشير إلى أنّ الإنسان المنتصب (هومو إراكتوس Homo erectus) كان قادرًا على صنع السفن البحرية مما يؤدي إلى أنّه كان يستخدم لغةً للإبحار بنجاح.
كانت لديهم أجسامٌ مماثلةٌ للبشر الحديثين، وكانوا يصنعون الأدوات، وربّما كانوا أوّل من قام بطهي الطعام. ويدّعي الآن أحد الخبراء أنّ الإنسان المنتصب ربّما كان بحارًا واستخدم لغةً خاصةً بالإبحار.
ظهر الإنسان المنتصب لأوّل مرة في أفريقيا منذ أكثر من 1.8 مليون سنة، ويُعتقَد أنّه أول إنسانٍ قديم يغادر القارة.
وظهرت حفريات الإنسان المنتصب ليس فقط في جنوب أوروبا، ولكن أبعد من ذلك بكثير مثل الصين وإندونيسيا. ويرى البعض أنّ الإنسان الغامض (هومو فلوريزينزيس Homo floresiensis) الذي اكتُشِف في جزيرة فلوريس وكان يعيش ما بين 100.000 إلى 50.000 سنة مضت، يمكن أن ينحدر من الإنسان المنتصب على الرغم من أنّ بعض العلماء يعارضون ذلك.
وقال دانيال إيفرت Daniel Everett، أستاذ الدراسات العالمية في جامعة بنتلي، ومؤلف كتاب’’كيف بدأت اللغة‘‘: «لم تكن المحيطات أبدًا عائقًا أمام سفر الهومو إريكتوس.
فقد سافر إلى جميع أنحاء العالم، وإلى جزيرة فلوريس، وذلك عبر واحدة من أعظم تيارات المحيطات في العالم، وأبحروا إلى جزيرة كريت وجزر أخرى مختلفة.
وما أريد قوله هنا هو أنّهم كانوا بحاجة إلى البراعة وإلى تشكيل مجموعات من عشرين فردًا أو نحو ذلك على الأقل للوصول إلى تلك الأماكن».
في حين أن إيفرت ليس أوّل من أثار الاحتمال المُثير للجدل بأنّ الإنسان المنتصب قد يكون صنع نوعًا من السفن البحرية، ويَعتقِد أنّ مثل هذه القدرات تعني بالضرورة أنّه يجب أن يكون للإنسان المنتصب أيضًا مهارة أخرى وهي تكلّم اللغة.
ويقول إيفرت، الذي قدّم أطروحته في اجتماع الجمعية الأمريكية للنهوض بالعلوم في أوستن: «احتاج الإنسان المنتصب إلى اللغة عندما كان يُبحر إلى جزيرة فلوريس.
ويجادل البعض بأنّ تكلم اللغة سمة خاصة بنوعنا فقط (الهومو سابينز) وتشير الأبحاث إلى توقيتٍ ليس قبل 200.000 سنة مضت، ولكنّ ايفرت يعتقد أنها تعود إلى أبعد من ذلك، لكن من غير المعروف متى ظهرت اللغة بين البشر.
يقول إيفرت أنّ الإنسان المنتصب لم يكن قادرًا على إصدار مجموعة الأصوات نفسها التي نصدرها نحن، لأنّه افتقر إلى نسخة من الجينات اللازمة للكلام وتطوير اللغة – المعروفة باسم FOXP2 – التي وجدت في البشر الحديثين والبدائيين، على الرغم من أنّه ليس من الواضح ما إذا كان للنياندرتال لغة. لكنّه يوجد جدل حول الحاجة إلى عدد قليل من الأصوات (صوتين مثلًا) لتشكيل لغة، ومن المرجح أنّ الإنسان المنتصب يمكنّه أن يصدر أكثر من ذلك.
ويقول إيفرت: «كان لديهم من الوقت ما يكفي إلى اختراع لغة، واللغة ليست صعبةً كما جعلنا العديد من اللغويين نظنّ ذلك، فإذا كانت لديك رموزٌ في ترتيبٍ خطيٍ ثم لديك قواعد ستخترع لغة جديدة، والإنسان المنتصب تحدث واخترع نموذج T Ford من اللغة. أمّا نحن نتكلم الآن النمط Tesla، ولكنّ نموذجهم نموذج T لم يكن لغةً بدائية بل كان لغةً حقيقيةً».
وأضاف: «الجميع يتحدثون عن الإنسان المنتصب كمخلوقٍ يشبه القرد الغريب الذي يصفنا أيضًا بالطبع، ولكن ما أريد التأكيد عليه هو أنّ الإنسان المنتصب كان أذكى مخلوقٍ قد سار على الأرض».
تلقت النظرية ردود فعلٍ متباينةٍ من العلماء الآخرين. وقال كيفين لالاند ، أستاذ البيولوجيا السلوكية والتطورية في جامعة سانت أندروز، أنّه متفق مع إيفرت.
«الشيء المهم هو أن ندرك أنّ اللغة لم تظهر في شكلٍ حديثٍ في كل مرة، ولكنّها تطورت تدريجيًا وانتقلت من نوعٍ لآخر فكانت تتألف من عددٍ قليل من الكلمات مع القليل من البنية النحوية. ومن المؤكد ومن المعقول جًدا أن يكون الإنسان المنتصب لديه قدرة لغوية».
مضيفًا أنّ العمل الذي قام به فريقه الخاص قد ألمح إلى أنّه كان أمرًا ممكنًا: «وتشير اختباراتنا إلى أنّه كان من الصعب جدًا معرفة كيفية انتشار آلية تصنيع الأدوات الحجرية (أشوليان) الخاصة بالإنسان المنتصب دون وجود شكلٍ بسيطٍ من اللغة. وتظهر الدراسة أيضًا أنّ صنع الأدوات الحجرية قد خلق ضغطًا انتقائيًا سهّل زيادة القدرات اللغوية».
لكن آخرين يقولون أنّ هناك عددًا قليلًا من الأدلّة يدعم فكرة أنّ الإنسان المنتصب كان بحارًا متمرّسًا، ناهيك عن وجود لغة.
يقول كريس سترينجر ، رئيس أصول الإنسان في متحف التاريخ الطبيعي في لندن: «لا أقبل، على سبيل المثال، أنّ الإنسان المنتصب كان لديه زوارق أوصلته إلى فلوريس».
وأضاف: «إنّ أمواج التسونامى يمكن أن تنقل البشر المبكرين على طوافات – وهو خشبٌ يُشدّ بعضه إلى بعض ويُرْكَب في البحر- من النباتات».
ومع ذلك، يلاحظ سترينجر أنّ هومو هايدلبرجنسيس ، وهو قريبٌ آخر منقرض لنا، عاش بين 700.000 و 300.000 سنة مضت، قد يكون قادرًا على نوع من الدردشة.
«أعتقد أنّ الهومو هيدلبرجنسيس كان لديه حياةٌ مُعقّدة بما فيه الكفاية تتطلب الكلام، وإن لم يكن على مستوى اللغة البشرية الحديثة. ويضيف : «إنّني لست متأكدًا تمامًا من أنّ الإنسان المنتصب كانت لديه القدرة على صنع الأدوات واستخدامها ، كما جادل البعض بأدلةٍ مقنعة. فالشمبانزي والغراب يستخدمون أدوات بدون وجود لغة بشرية».
الجدول الزمني التطوري بناءً على أحدث الدراسات والاكتشافات
- قبل 55 مليون سنة: الرئيسيات الأولى تتطور.
- قبل 15 مليون سنة: الأنَاسي (القردة العليا) انقسموا عن أسلاف قرد الجبون.
- قبل 8 مليون سنة: الشمبانزي والأنماط البشرية تتشعب عن الغوريلا.
- قبل 4.4 مليون سنة: ظهور أرديبيتيكوس: في وقت مبكر (الإنسان البدائي) مع قبض القدمين.
- منذ 4 مليون سنة: ظهور أسترالوبيثكس بأدمغة تقارب حجم الشمبانزي.
- قبل 2.3 مليون سنة: ظهور الإنسان الماهر (هومو هابيليس) لأول مرة في أفريقيا.
- قبل 1.85مليون سنة: أول بزوغ لليد الحديثة.
- قبل 1.6 مليون سنة: المحاور اليدوية هي ابتكار تقني كبير.
- قبل 800.000 سنة: دليل على استخدام النار والطهي.
- قبل 700.000 سنة: انقسام البشر الحديثين والبدائيين النياندرتال.
- قبل 400.000 سنة: انتشار النياندرتال في جميع أنحاء أوروبا وآسيا.
- قبل 300.000 سنة: دليل الإنسان الحديث المبكر عثر عليه في المغرب.
- قبل 200.000 سنة: العثور على الإنسان الحديث في فلسطين المحتلة.
- قبل 60.000 سنة: الهجرة البشرية الحديثة من أفريقيا التي أدت إلى السكان غير الأفارقة في العصر الحديث.
اقرأ أيضًا: لم يكن النياندرتال شريك التزاوج الوحيد للبشر
المصدر: iflscience