حدثت الكثير من الانقراضات Extinctions منذ آلاف السنين، كظاهرةٍ ذات تواتر مقلق وغريب، فكوكبنا يملك نكهةً خاصةً به، تتمثل بانقراض جماعي كبير كل 65 مليون سنة تقريبًا. يواجه العلماء اليوم صعوبةً كبيرةً في تحديد مسبب واضح لكل عملية من الانقراض مرت بها الأرض، وذلك بسبب تعدد العوامل المسببة لهذه الظاهرة (تغير مستوى سطح البحر، أو ضربة كويكب أو نيزك asteroid، أو ثوران بركان volcano eruption أو وجود مستعر عظيم قريب، أو ما يعرف بالسوبر نوفا supernova).
مع ذلك، تتشكل لدى العلماء نظريات وتصورات متنوعة ومختلفة عن سبب حدوث الانقراض للحيوانات الضخمة megafauna مع بداية الهولوسين Holocene (الفترة الجيولوجية التي نعيش فيها حتى الآن).
يعتقد العديد من الخبراء بأن التغيرات التي طرأت على المناخ البري هي السبب في التغيرات الجذرية الحاصلة للمَواطن، أو المساكن البيئية habitat، بينما يعتقد البعض الآخر بأن التدخل البشري هو السبب، عبر الصيد الجائر overhunting وتدمير المساكن الطبيعية.
فيما ينتشر اعتقاد آخر بأن «المتطفلين ذوي القدمين» bipedal interlopers في إشارة للبشر الذين قاموا دون قصد بنشر الأمراض، عن طريق نقل الحيوانات معهم إلى مناطق مختلفة، فتصبح هذه المخلوقات غير محصنة تجاه الأمراض الغريبة بشكل كافٍ.
نستنتج أن العديد من العوامل قد تؤدي إلى الانقراض، على سبيل المثال :
ظباء سايغا saiga antelope: لوحظ انخفاض في تعدادها العام بشكل كبير، موطنها في أراضي الاتحاد السوفييتي سابقًا، أو ما يعرف اليوم بالسهول الأوراسية الواسعة، وكانت تقدر بمليون رأس من هذه الفصيلة.
بعد انهيار الاتحاد السوفييتي في 1991 تعرضت هذه الحيوانات إلى الصيد الجائر، ما جعلها قريبةً من حافة الانقراض، ليصل تعدادها إلى 81,000 حيوان فقط بحلول 2010، لكن المفاجئ والمخيف كان في صيف عام 2010، فخلال أسبوعين فقط، انخفض العدد إلى 67,000 حيوان بحسب مصادر متخصصة.
لكن هذا الانخفاض المفاجئ لم يكن بسبب الصيادين، بل بسبب طفيلي يدعى بكتيريا الباستوريلا أو ما يعرف بداء الباستوريلات pasteurellosis.
بالنسبة للحيوان الصحي أو المعافى، تعتبر هذه البكتيريا المُعدية عاديةً، كما لو أنها نبيت معوي gut flora، وهو موجود في الأمعاء بشكل طبيعي، لكنها خطيرة جدًا بالنسبة للحيوان الذي يعاني من جهاز مناعي ضعيف أو متهالك، وبحكم التغيرات المناخية التي طرأت على مناطق عيش الظباء يعتقد أنها كانت تعاني من سوء في التغذية أو الامتصاص بسبب التأثير الحاصل على مصادر الغذاء.
استئصال الأسباب المؤدية لحدوث الانقراض
ربما تسبب داء الباستوريلات بنفوق ما يزيد عن 10,000 من الظباء، لكننا نبقى المسبب الأكبر لمحنة هذا النوع عمليًا، إذ يشير العلماء بأصابع الاتهام إلينا باعتبارنا السبب المتجذر لمشاكل هذا الكوكب، بتشبيه تأثيراتنا على النظام البيئي بتدحرج قطع الدومينو، ويطلقون على هذا العصر اسم عصر الانقراض الجماعي السادس sixth mass extinction.
في خضم هذه الصحوة، وللتخفيف من آثارنا السلبية على الكوكب، يجب الابتعاد عن المصطلحات المتكررة (الزراعة غير المستدامة unsustainable agriculture والإفراط في الحصاد overharvesting والتلوث pollution) يجب فقط التركيز والمضي قدمًا بتعزيز أعداد النباتات والحيوانات على كوكبنا.
نحن وهم مضطرون إلى المكافحة للاستمرار والعيش رغم وجود كل هذه العقبات والمشاكل الشبيهة بحقل الألغام في طريقنا لتصحيح الواقع.
تقضي مكبات النفايات الضخمة Vast landfills المليئة بالملوثات والبلاستيك، والكميات الهائلة من الصرف الصحي الذي يلوث المجاري المائية والتربة، والتسربات النفطية المتكررة في البحار واليابسة على البيئة القابلة للحياة viable land.
بينما تقضي المنازل والمزارع على المساكن الطبيعية، ناهيك عن الطائرات والأبنية الشاهقة، وهدر المياه، وتسرب المبيدات الزراعية عن طريق الزراعة التجارية، كما أن المنازل لا تقل خطورة، فهي مليئة بالمبيدات والمواد الكيميائية ومواد التجميل.
ثم يأتي الاحتباس الحراري Global warming والذي «يطهو» البحار والمحيطات واليابسة، إضافةً إلى تأثير السدود على الهجرات بقضائها على الجداول والبحيرات، والموت من خلال التصادم، والتلوث الضوئي، والضوضاء التي تسببها حركة المرور البحرية والبرية، ويقضي قطع الأخشاب والحرق، على النظم البيئية لكوكبنا، ويكمل التعدين على الجانب الآخر منها محو سلاسل كاملة من الجبال والأنواع الغازية من المخلوقات على حساب السكان الأصليين للمواطن البيئية، ونشرها للأمراض الفيروسية بشكل مفرط hyperviral pathogens، فينتشر بسهولة كبيرة مع مرور الزمن.
في النهاية، تطلب الأمر منذ ملايين السنين كويكبًا هائلًا اصطدم بالأرض، ليؤدي بها إلى ظاهرة الانقراض الجماعي الكبير، لكن الآن، نحن ذلك الكويكب!
اقرأ أيضًا:
تطور الريش قبل ملايين السنين من ظهور الطيور أو حتى الديناصورات
المصدر: howstuffworks