منذ حوالي 2.1 مليون سنة، ظهر نوع في شرق أفريقيا كان مختلف تمامًا عن أسلافه، وصنفه علماء الأنثروبولوجيا كجزء من جنس الهومو (Homo) الذي ننتمي إليه، وليس أسترالوبيثكس (Australopithecus) القردة الجنوبية، هي جنس من أشباه البشر ، وتعتبر أول من مشى على الأرض بقدمين اثنتين قبل 4.2 مليون سنة. ما يزال سؤال «ما الذي جعل هؤلاء البشر الأوائل على عكس الذين انقرضوا من قبل؟» حاسمًا لفهم تطورنا، لكن نظرية النظام الغذائي الشائعة التي أحدثت الفرق أكل الدهر عليها وشرب.
على الرغم من أن الشمبانزي والبونوبو يُكْمِلون نظامهم الغذائي باللحوم، إلا أنهم يأكلون كميات أقل من معظم البشر.
لقد ألهمت هذه الملاحظة البعض للاقتراب من استنتاج -الذي شجعته بشدة تجارة الماشية- أن تناول المزيد من اللحوم أعطانا مواد مغذية إضافية، ما سمح لأدمغتنا الكبيرة بالتطور، وبداية ارتقائنا نحو سيادة العالم.
حاول الدكتور ديفيد باترسون (David Patterson) من جامعة شمال جورجيا تحديد هذا التحول من خلال النظر في نظائر الكربون والأكسجين في الأسنان والعظام من أسلاف الإنسان في منطقة شرق توركانا في غرب كينيا.
الآلية التي يصفها باترسون في مجلة نيتشر (nature) لا تحدد بشكل مباشر كمية اللحوم في النظام الغذائي، فهي تقيس بدلًا من ذلك مصدر الطاقة النهائي (C3) أو (C4) من النباتات. تحتوي نباتات (C4) على الكربون-13 أكثر من نظيراتها، والذي يندمج في عظام من يتناولها.
يمكن الحصول على الكربون-13 مباشرة من النباتات، أو من خلال تناول الحيوانات التي تتغذى على نباتات (C4).
أظهرت الأبحاث السابقة أنّ أشباه البشر (hominins) الأجداد كانوا يعتمدون في المقام الأول على نباتات (C3)، ولكن في الآونة الأخيرة كان عنصر (C4) أكثر بكثير.
يشير بحث باترسون إلى حدوث تحوّل كبير ما بين 2 و1.4 مليون سنة مضت.
هذا يعني أنّ التغيير في النظام الغذائي حدث بين الأنواع البشرية المبكّرة مثل الإنسان الماهر (Homo habilis) -وهو نوع منقرض من أنواع جنس الإنسانيات عاش في مناطق شرق القارة الأفريقية ما بين 2.1 و1.5 مليون سنة مضت- وظهور الإنسان المنتصب (Homo erectus) -قد تطور من الإنسان العامل (Homo ergaster) قبل حوالي 1.8 مليون سنة- وليس في وقت قريب من ظهور الإنسان الماهر، ويتزامن ذلك مع نمو في ملحمة الظباء.
نستهلك اليوم الكثير من نباتات (C4) مباشرة في شكل قصب السكر والذرة البيضاء (الدخن) والذرة الحلوة، لكن أسلافنا كانوا أكثر استهلاكًا للحيوانات التي تقتات على الأعشاب في موسم الجفاف؛ لذلك يشير التحول إلى اتباع نظام غذائي كثير اللحم.
يمكن تفسير زيادة استهلاك (C4) أيضًا بسبب تغيير مناخي أعطى ميزة لنباتات (C4).
ومع ذلك، تشير المقارنة مع عظام الأنواع الأخرى من الحيوانات التي كانت تعيش في المنطقة في ذلك الوقت إلى أن وجباتهم الغذائية إما لم تتغير أو تتحرك في الاتجاه الآخر.
يشعر الناس بالحماسة تجاه الحميات الغذائية، ويعود النجاح الباهر لـ«حمية باليو» إلى الجاذبية الدائمة لنظرية أن النظام الغذائي الأكثر صحة هو الذي كان يأكله أجدادنا.
حمية العصر الحجري (Paleolithic diet) مشهورة أيضًا باسم حمية رجل الكهف أو الحمية البدائية أو حمية باليو، هي حمية غذائية حديثة تعتمد فرضًا على ما كان موجودًا قديمًا من نباتات برية وحيوانات كان يستهلكها أسلاف الإنسان خلال العصر الحجري.
لسوء الحظ بالنسبة لأولئك الذين يحبون إبقاء الأمور بسيطة، فقد تناولنا الكثير من الوجبات الغذائية المختلفة منذ أن أصبحنا بشرًا، وكان بعضها يحتوي على كمية كبيرة من اللحوم.
هاجمت دراسة مستقلة أيضًا فكرة حاجة البشر للعيش بالقرب من المحيط للحصول على مثل هذه الأدمغة الكبيرة. فاليود ضروري لنمو الدماغ، ولهذا يُضَاف أحيانًا إلى الملح والخبز.
مصادر الغذاء من المحيط غنية باليود، ولكن كانت هناك أسئلة حول كيف يمكن أن يكون لدى أسلاف البشر الذين لم يعيشوا بالقرب من شاطئ البحر ما يكفي من المغذيات للسماح بنمو أدمغة كبيرة!
ملاحظة جمع البونوبو للأعشاب المائية غيرت المفهوم السابق. ذكر عالم الحيوان الدكتور غوتفريد هومان (Gottfried Hohmann)، من معهد ماكس بلانك للأنثروبولوجيا التطورية، أن هذه الأعشاب تحتوي كمية كبيرة من اليود. هذا لا يفسر فقط كيف تقي القردة اليوم نفسها من نقص اليود، ولكن تبين أن النظام الغذائي البحري لم يكن الخيار الوحيد في الماضي البشري.
اقرأ أيضًا:
العثور على جمجمة في اليونان أثارت الجدل حول هجرة الإنسان العاقل المبكرة