يحتوي الوعاء الجيني لسكان غرب إفريقيا المعاصرين «شبحًا» لنوع غامض من أشباه البشر، يختلف عن جميع الأنواع التي عُثِرَ عليها حتى اﻵن. فيما يشبه تزاوج البشر مع النياندرتال Neanderthals سابقًا، تقترح دراسة جديدة إمكانية اختلاط هذا النوع القديم المفقود بأسلافنا في إفريقيا.
باستعمال البيانات الجينية الكاملة لسكان غرب إفريقيا الحاليين، عثر العلماء على نسبة صغيرة من مادة وراثية يبدو أنها تعود إلى هذا النسل الغامض، الذي يُعتقَد أنه انفصل عن الشجرة التطورية للبشر حتى قبل النياندرتال.
يُعتقَد تشريحيًّا أن أصل الإنسان المعاصر يعود إلى إفريقيا (رغم أن هذا الادعاء ما زال محل جدل)، وبعد هجرته إلى أوربا وآسيا، بدأ يتزاوج مع الأنواع القريبة منه كالنياندرتال وإنسان دينوسوفانس Denosovans.
يفتقر سكان غرب إفريقيا المعاصرون، مثل قبائل اليوربا Yoruba والميندي Mende، إلى أي من جينات هذه الأنواع القديمة، لكن هذا ﻻ ينفي حدوث اختلاط بين الأنواع. تقترح الأدلة الحديثة أن الماضي الجيني لسكان غرب إفريقيا يحتوي هو الآخر تاريخًا غنيًّا.
يصعب التحقق من ذلك، نتيجة ندرة بقايا البشر السابقين وحمضهم النووي في القارة الإفريقية، ويزداد الأمر صعوبةً في غرب إفريقيا.
لحسن الحظ توجد وسيلة للحصول على تصوُّرٍ حول كيفية اختلاط أسلاف البشر، ﻻ تتضمن دراسة البقايا: علم الجينوم الحديث modern genomics. قارن الباحثون 405 من اﻷحماض النووية لسكان اليوربا والميندي بمثيلاتها من النياندرتال وإنسان دينوسوفانس.
وللمفاجأة، عثروا في الحمض النووي على آثار لسلف سابق غير معروف من أشباه البشر.
في نسق مشابه لاحتفاظ البشر خارج إفريقيا بآثار الحمض النووي للنياندرتال، اكتشف الباحثون أن 2-19% من الحمض النووي القديم لسكان غرب إفريقيا يعود إلى هذا السلف غير المُكتشَف الشبيه بالبشر.
ليست هذه المرة اﻷولى التي يعثر فيها العلماء على أدلة على أسلاف منقرضة غير معروفة في الحمض النووي المعاصر.
اكتشف الباحثون سابقًا بعد دراسة الحمض النووي اﻷوراسي (أوروبا وآسيا) آثارًا تعود على اﻷقل إلى 3 أنواع قديمة غير مُكتشَفة من أسلاف البشر. لكن الدراسة الحالية تمثل الحالة الأولى في غرب إفريقيا.
يدعم هذا الاكتشاف عدد من البحوث اﻷخرى التي تقترح حصول العديد من أحداث التزاوج بين سكان إفريقيا السابقين والحاليين.
يُعرَف هذا بالتقديم الجيني genetic introgression، ومع أنها نظرية شعبية، تظل تفاصيلها مجهولة، مثل المكان والزمان والأنواع التي حصل بينها هذا الاختلاط.
وفقًا للسجل اﻷحفوري، ظهر البشر المعاصرون قبل نحو 200 ألف سنة، لكن في أجزاء من إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، عُثِر على أحافير تعود إلى 35 ألف سنة فقط، تحتوي مزيجًا من صفات الإنسان القديم والمعاصر.
يرى مؤلفو الدراسة أن أحد التفاسير المحتملة للتقديم الجيني الموثَّق حديثًا، هو استمرار عيش اﻷنواع القديمة في إفريقيا حتى وقت قريب.
يرى الباحثون أنهم في حاجة إلى استمرار في تحليل الجينوم الإفريقي عبر القارة بأكملها، قبل فهم التركيب الحقيقي لأسلافنا.
المصدر: sciencealert
اقرأ أيضًا: