يعرف الفهد بأنه واحد من اسرع الحيوانات على الإطلاق، فهو يشتهر برشاقته الشديدة وكونه قادراً على الركض بسرعات خارقة تصل حتى 100 كيلومتر في الساعة (للمقارنة أسرع إنسان هو العداء يوسين بولت بسرعة قد تصل إلى 43 كم\سا). لكن هل سألت نفسك عن سبب هذه السرعة الهائلة للفهد؟
سباق التسلح في الطبيعة والاصطفاء الطبيعي بين الفهد وطريدته
ببساطة لأن طريدة الفهد الأساسية وفريسته الألذ: الغزال هو ثاني أسرع الكائنات على اليابسة. سرعة الغزال عند الإنطلاق 97 كيلومتر في الساعة وتنخفض سرعته للمسافات الطويلة إلى 48 كيلومتر بالساعة.
في المقابل يستطيع الفهد الوصول إلى سرعة 100 كيلومتر في الساعة في غضون 6 ثوان لكنه لا يستطيع الاستمرار لمسافات طويلة بل سرعان ما يخسر طاقته ويحتاج للتوقف والراحة.
استراتجية الغزال هي الركض لمسافات طويلة بحيث يتعب الفهد من المطاردة، فيما أن استراتيجية الفهد هي التسلل إلى أقرب نقطة ممكنة للانقضاض بسرعة قبل أن يمتد السباق إلى مدىً اطول من أن يتمكن من الاستمرار طواله.
أي تطور من قبل كلا الكائنين (الفهد أو الغزال) قد يسبب انقراض الآخر. فإذا أصبح الفهد قادراً على الركض لوقت أطول سيصطاد الغزلان حتى ينهيها بشكل شبه كامل، وفي حال باتت الغزلان أسرع من أن يمسكها الفهد سيخسر فريسته الأهم وتتناقص أعداده بسرعة تعجل من انقراضه المخشو منه أصلاً.
الفهد في ميزان التطور
في التطور يوجد ميزان اقتصادي يحكم ويدير كيفية صرف الموارد في تطور الأعضاء (ليس بالمعنى الحرفي بل المعنوي طبعاً). حيث يتم صرف الموارد على الأعضاء التي تساهم أكثر في بقاء الحيوان.
مثلاً الغزال يصرف جزءاً كبير من موارده على عضلات الأطراف لكي يستطيع الركض بسرعة أكبر لأن عدوه الأساسي في الطبيعة “الفهد” أيضاً يصرف موارده على زيادة السرعة.
طبعاً التطور لا يحدث وكأنه مخطط له و إنما الغزلان التي كان لديها طفرات جينية ساعدتها في زيادة سرعتها استطاعت أن تستمر أكثر من الغزلان التي كانت أبطئ. وبشكل مشابه فالفهود التي امتلكت طفرة جينية زادت من سرعتها تمكنت من الصيد ومن ثم التكاثر أكثر ونجت بينما انقرضت أنواع أبطأ.
مع الوقت يصبح المجمع الجيني فقط للغزلان الأسرع.
في المقابل، الفهود التي لم يكن لديها طفرات جينية تساعدها في زيادة سرعتها لم تستطع صيد الغزلان وانقرضت.
هكذا يحدث سباق التسلح في الطبيعة، وكما الأمر بين الدول فأي اختلا في القوى يعني هزيمة للطرف الأضعف قد تؤدي لانقراضه.
إعداد: مصطفى عابدين
المصدر: nationalgeographic
اقرأ أيضًا: قصة اكتشاف التيكتاليك، إثبات قدرة نظرية التطور الفريدة على التنبؤ