اكتشافات أحفورية في البرازيل تكشف عن تطور مُبكر لفك وأذن الثدييات

اكتشافات أحفورية في البرازيل تكشف عن تطور مُبكر لفك وأذن الثدييات

تقدم الأحافير المكتشفة حديثًا، التي تنتمي إلى النوعين السلفين للثدييات، برازيليدون رباعي الزوايا وريوغراندا غوايبينسيس، رؤى مهمة حول تطور فك الثدييات والأذن الوسطى، كاشفةً عن تجارب تطورية حدثت في فترة أبكر بعدة ملايين من السنين مقارنة مع ما كان يُعتقد سابقًا.

تتميز الثدييات عن الفقاريات الأخرى ببنية فكها الفريدة وبوجود ثلاث عظيمات في أذنها الوسطى. حظي هذا الانتقال من الفقاريات البدائية التي كانت تمتلك عظمة واحدة في الأذن الوسطى باهتمام العلماء على مر العصور. استكشفت الدراسة الحديثة كيفية تطور هذه الخصائص لدى السينودونتات (كلبيات الأسنان)، وهي من أسلاف الثدييات الزاحفة.

باستخدام تقنية التصوير المقطعي المحوسب، تمكّن الباحثون من إعادة بناء مفصل الفك السفلي للسينودونتات للمرة الأولى، وقد كشفت هذه الدراسة عن وجود اتصال مفصلي بين الجمجمة والفك السفلي لدى نوع ريوغراندا غوايبينسيس على غرار نظيره من الثدييات الحديثة، وهو نوع من السينودنتيا عاش قبل أقدم مثال معروف سابقًا لهذا البنية ب 17 مليون سنة. بالمقابل، لم يجد الباحثون هذا الاتصال المفصلي في نوع برازيليدون رباعي الزوايا، وهو نوع أقرب صلة للثدييات.

تشير الدراسة المنشورة في دوريّة نيتشر إلى السمة الفكية المميزة للثدييات، وكيف تطورت بشكل متعدد في مجموعات مختلفة من أسلاف زواحف السينودونتات في وقت أبكر مما كان متوقعًا.

تكشف هذه الدراسة أن أسلاف الثدييات مرّت بتجارب متنوعة في وظائف الفك، الأمر الذي أفضى إلى ظهور صفات «ثديية» متميزة بشكل مستقل في سلالات تطورية مختلفة. وبهذا، نستنتج أن التطور المبكر للثدييات كان أكثر تعقيدًا مما كنا نظن.

يوضح المؤلف الرئيسي للدراسة، جيمس روسون، من كلية علوم الأرض في بريستول، أن اكتساب الثدييات لطريقة الاتصال الفكية الجديدة شكل لحظة فارقة في مسار تطورها.

ويضيف: «كشفت الحفريات البرازيلية الحديثة أن أسلاف الثدييات مرّت بتجارب متنوعة في وظائف فكها، وأن بعض الصفات التي نعتقد أنها خاصة بالثدييات فقط، تطورت بشكل مستقل في سلالات أخرى».

لهذا الاكتشاف آثار واسعة على فهم المراحل المبكرة لتطور الثدييات. إذ يوضح أن سمات مثل مفصل الفك والأذن الوسطى للثدييات تطوّرت بشكل متدرج ومختلط عبر مجموعات مختلفة من كلبيات الأسنان.

أوضح الدكتور أغوستين مارتينيلي من متحف العلوم الطبيعية في بوينس آيرس: « خلال السنوات الأخيرة، قدّمت هذه الأنواع الأحفورية الدقيقة المكتشفة في البرازيل معلومات قيمة أسهمت في إثراء معرفتنا حول أصول وتطور الصفات الثديية. ما زلنا في بداية الطريق، ومن المتوقع أن تسفر تعاوناتنا متعددة الجنسيات عن المزيد من الاكتشافات قريبًا».

يسعى الفريق البحثي إلى مواصلة التحقيق في السجل الأحفوري لأمريكا الجنوبية الذي أثبت أنه مصدر غني بالمعلومات الجديدة عن تطور الثدييات.

تؤكد البروفيسورة مارينا سواريس من المتحف الوطني، أن البرازيل هي المكان الوحيد على الأرض الذي يحتوي على مثل هذا التنوع الكبير من كلبيات الأسنان، وهي حيوانات ترتبط ارتباطًا وثيقًا بأقدم الثدييات

يسعى العلماء، من خلال الجمع بين اكتشافاتهم والبيانات الموجودة سابقًا، إلى فهم أعمق لكيفية عمل المفاصل الفكيّة البدائية، وكيف تطورت لتشبه المفاصل الفكيّة لدى الثدييات.

أضاف جيمس: «تفتح هذه الدراسة آفاقًا جديدة في مجالات البحث الأحفوري، إذ توفر هذه الأحافير دلائل قيمة على التجارب التطورية المعقدة والمتنوعة التي أدت في نهاية المطاف إلى ظهور الثدييات الحديثة التي نعرفها اليوم».

ترجمة: علاء شاهين

المصدر: phys.org

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *