وفقًا لدراسة جديدة أجراها باحث من جامعة ولاية بنسلفانيا، حافظت الضفادع على تنوع مدهش من البروتينات الحساسة للضوء على طول فترة تطورها. تعمل البروتينات الحساسة للضوء، والتي تسمى الأوبسينات، على تمكين الرؤية لدى الحيوانات المبصرة، وهي مسؤولة عن العديد من الوظائف البيولوجية الأخرى بما في ذلك تنظيم الساعة البيولوجية.
درس الباحثون تطور الأوبسينات غير البصرية لدى الضفادع، ووجدوا أن معظم الأنواع الحديثة المدروسة احتفظت بعدد صادم من هذه البروتينات. نُشرت النتائج في العدد الصادر في يونيو من مجلة Molecular Biology and Evolution.
قال جاك بوييت، طالب الدكتوراه في قسم الأحياء في جامعة ولاية بنسلفانيا والمؤلف الرئيسي للورقة البحثية: «عندما نفكر في بيولوجيا الحواس، تهيمن حاسة البصر على فهمنا لإدراك الضوء».
«ولكن حساسية الضوء غير البصرية لها عدد لا يحصى من الوظائف الحيوية الأخرى، مثل معايرة الإيقاع اليومي، وإطلاق الميلاتونين، واستجابة حدقة العين، والكشف عن التغيرات الموسمية والاستجابة لها. وكل هذه الوظائف تبدأ من خلال الأوبسينات غير البصرية».
الأوبسينات غير البصرية منتشرة في جميع أنحاء مملكة الحيوان ويُعبر عنها في أنسجة متعددة داخل وخارج العين. وعلى الرغم من أهميتها الواسعة، يعتبر الباحثون أنه يجب التوسع في دراسة هذه الأوبسينات غير البصرية. وقال الباحثون إن الضفادع توفر فرصة لدراسة البروتينات في ظل ظروف بيئية متنوعة.
قال بوييت: «الضفادع رائعة لأن الأنواع المختلفة يمكن أن تعيش في الماء، وعلى الأرض، وفي الأشجار أو حتى تحت الأرض. ويزداد الأمر تعقيدًا بسبب أشياء مثل فترات النشاط، فالكثير من أنواع الضفادع نشطة في الليل، لكن بعضها نشط أثناء النهار. كل هذه الموائل المختلفة لها بيئات ضوئية مميزة للغاية، مما يؤثر على تطور ووظيفة الأنظمة الحسية».
وللتحقق من تطور تنوع الأوبسينات في الضفادع، جمع الباحثون البيانات الجينية من النسخ الجيني (التسلسلات الجينية لجميع الجينات المعبر عنها في عضو ما) من عيون 81 نوعًا من الضفادع مع الجينومات المتاحة للجمهور وبيانات النسخ الجيني متعددة الأنسجة من 21 نوعًا إضافيًا. قدمت هذه الأنواع الـ 102 عينة واسعة من الضفادع ذات التكيفات البيئية المختلفة.
قال بوييت: «بينما كان السلف المشترك للرباعيات (المخلوقات ذات الأرجل الأربعة التي تشمل الثدييات والبرمائيات والزواحف) لديه حوالي 18 جينًا من الأوبسينات، فقدت العديد من المجموعات بما في ذلك الثدييات والثعابين العديد من جينات الأوبسين خلال مسار تطورها».
«افترض الباحثون أن هذه المجموعات خضعت لما يُعرف بفرضية عنق الزجاجة الليلي (الثدييات المشيمية كانت ليلية بشكل أساسي أو حصري معظم تاريخها التطوري) على مدار تطورها، فقد انتقلت إلى أنماط حياة ليلية وفقدت بشكل أساسي الحاجة إلى حساسية طيفية واسعة، والتي تمنحها الأوبسينات غير البصرية».
والضفادع هي مجموعة ذات أسلاف ليلية، لذا توقع الباحثون العثور على تنوع منخفض للأوبسين غير البصري في الضفادع. ومن المثير للدهشة أن جينومات الضفادع المدروسة تحتوي على جميع الأوبسينات غير البصرية الفقارية الأسلاف البالغ عددها 18 و4 من 5 أوبسينات بصرية سلفية. وقد يكون هذا الاكتشاف المفاجئ ناتجًا عن تاريخ حياة معقد، وفقًا لبوييت.
قال بوييت: «خلال عمر حيوان واحد، تنتقل العديد من أنواع الضفادع بين بيئات ضوء مختلفة بشكل كبير. وعلى الرغم من أن الكثير من الضفادع البالغة ليلية، لكن هذا ليس صحيحًا بالضرورة بالنسبة ليرقات الضفادع الصغيرة».
«وبالتالي، يمكننا الحصول على فصل تكيفي بين مراحل الحياة، فقد لا يعتمد البالغون على الحساسية الطيفية الواسعة التي تمنحها مجموعة من الأوبسينات غير البصرية، أما اليرقات فهي تعتمد عليها. وهذا يعني أنه من أجل بقاء هذه الضفادع، فهي تحتاج إلى الحفاظ على تنوع الأوبسين غير البصري هذا».
من بين 18 أوبسين غير بصري محدد في الجينومات، وجد الباحثون 14 يُعبر عنها باستمرار في عيون الضفادع. في مجموعة فرعية من الأوبسينات غير البصرية، وجدوا أيضًا دليلاً على نوع من الانتقاء الطبيعي يسمى الانتقاء الإيجابي، تُفضل فيه المتغيرات الجينية المفيدة الجديدة. كان أقوى الجينات التي استمر وجودها خلال الانتقاء هو جين يسمى بينوبسين، وهو أوبسين يُعتقد أنه مهم لاستقبال الضوء المنخفض في عدة أنواع من الحيوانات.
بالإضافة إلى ذلك، حدد الباحثون الاختلافات الجينية في الأوبسينات بين المجموعات ذات البيئات المختلفة وتاريخ الحياة. قال بوييت إنه قد يشير ذلك إلى أن الأوبسينات غير البصرية للضفادع تكيفت مع أنماط حياة أو بيئات محددة.
يأمل بوييت أن يفيد هذا البحث الدراسات المستقبلية التي تختبر الوظائف الصريحة لجينات الأوبسين غير البصرية.
«على الرغم من أن الأوبسينات غير البصرية موجودة في مجموعة واسعة من الحيوانات، بما في ذلك البشر، لكنها غير مفهومة بشكل جيد، وتملأ هذه الدراسة فجوة مهمة في فهمنا لكيفية تطور الأوبسينات في الفقاريات».
ترجمة: ولاء سليمان
المصدر: phys.org