حلاوةٌ وخداع.. استراتيجية دفاعية فريدة يستخدمها السرخس لحماية نفسه من الحيوانات
تتميز العلاقة بين النباتات والحيوانات العاشبة بتفاعل ديناميكي فريد من نوعه، إذ تطورت كلتا المجموعتين معًا بطرق مذهلة لضمان بقائها، ففي سبيل الدفاع عن نفسها ضد الحيوانات العاشبة، طوّرت العديد من النباتات استراتيجيات دفاعية جسدية وكيميائية. ومن أشهر هذه الاستراتيجيات لدى النباتات المزهرة إنتاج الرحيق لجذب «النمل الحارِس». تتناول الأبحاث الحديثة تطور استراتيجية الدفاع هذه ذاتها في السرخسيات.
قاد الدراسة جاكوب سويسا، الأستاذ المساعد في جامعة تينيسي نوكسفيل، بالتعاون مع خبيرة السراخس في معهد بويس طومسون، فاي وي لي، وخبير النمل في جامعة كورنيل، كوري مورو.
كشفت الدراسة، التي نُشرت مؤخرًا في مجلة نيتشر كوميونيكيشنز، عن تطور مستقل لغدد الرحيق في كل من السراخس والنباتات المزهرة خلال العصر الطباشيري. تُعدّ هذه الغدد هياكل متخصصة تُفرز سوائل سكرية لجذب النمل الحارِس للنبات. يُعدّ هذا الاكتشاف ذا أهمية بالغة، فعلى الرغم من مرور أكثر من 400 مليون سنة، واختلاف هاتين السلالتين حيويًا، إلا أن آليات التطور التي أدت إلى نشوء علاقات تكافلية بين النمل والنباتات كانت متشابهة.
يقول سويسا: «يكشف بحثنا عن مثال مذهلٍ للتطور المتقارب، حيث طوّرت السرخسيات والنباتات المزهرة، بشكل مستقل، استراتيجيات دفاعية متشابهة ضد الحيوانات المفترسة من خلال تجنيد النمل الحارِس كحامية لها باستخدام رحيق الأزهار».
من خلال دراسة بيانات التطور وتحليلها المقارن توصل فريق العلماء إلى أن رحيق الأزهار ظهر في كل من السرخسيات وكاسيات البذور في نفس الوقت تقريبًا. لكن السرخسيات واجهت تأخرًا كبيرًا في تنوعها مقارنة بالنباتات المزهرة. ووجد الباحثون أيضًا أن السرخسيات استعانت بنوع من النمل لحمايتها من الحشرات الضارة، مستفيدة من علاقة هذا النوع من النمل مع النباتات المزهرة، وذلك مع انتقالها من العيش على سطح الأرض إلى العيش على أغصان الأشجار.
يُوضح سويسا: «لا يظهر تاريخ تطور رحيق نباتات السرخس العلاقات المعقدة بين النباتات والحشرات -التي لم تحظَ باهتمام كافٍ في السابق- فحسب، ولكن يُؤكد أيضًا على قدرة نباتات السرخس على التكيف مع التحديات البيئية».
يكشف البحث أسرارًا جديدة حول التطورات التي تُشكل التفاعلات بين عالمي النبات والحيوان ويساعد على فهم كيفية تطوير السرخسيات والنباتات المزهرة لآليات دفاعية مُتشابهة بصورة منفصلة، ما يساعد العلماء على إدراك المبادئ الأساسية التي تحكم تنّوع الكائنات الحية ووظائف النظام البيئي بشكل أفضل. تفتح هذه الدراسة آفاقًا جديدة لاستكشاف التاريخ التطوري لصفات نباتية أخرى وتأثيرها على البيئة، ما يُؤكد على أهمية العلاقات المُتبادلة في الطبيعة.
ترجمة: علاء شاهين
المصدر: phys.org