هل المياه العكرة هي السبب وراء عيون الأسماك الأفريقية الكبيرة؟
تشير دراسة جديدة إلى أن الاختلافات في نوعية المياه يمكن أن تؤثر على تطور النظام البصري لأحد أنواع الأسماك الأفريقية.
وجد البحث، الذي أجراه جاي تياركس، وهو خريج حديث في البيئة والموارد الطبيعية في جامعة ولاية أوهايو، أن العمر كان عاملاً حاسماً في ما إذا كانت الأسماك قادرة على التعامل بنجاح مع الظروف الجديدة في بيئتها تحت الماء.
وأظهرت الدراسة التي أجريت على سمك البلطي ذو الشفاه الزرقاء، وهو نوع موطنه المستنقعات والبحيرات في أوغندا، أن حجم العين والبؤبؤ لدى الأسماك الصغيرة التي تنمو في المياه العكرة يزداد مقارنة بالأسماك التي تنمو في المياه الصافية. ويحدث ذلك بغض النظر عن البيئة التي نشأ منها آباء هذه الأسماك.
نشرت الدراسة مؤخرًا في مجلة Journal of Experimental Biology.
تعتبر الرؤية حاسة حيوية للعديد من المخلوقات، فالقدرة على التنقل في محيطها بشكل جيد يمنحها ميزة عندما يتعلق الأمر بالتمسك بمكانها في السلسلة الغذائية. ولكن عندما يتعرض النظام البيئي لضغوط بيئية جديدة، فإن معظم الكائنات الحية في المملكة الحيوانية أمام ثلاثة احتمالات للاستجابة للنتائج السلبية.
وقال تياركس إن هذه الاحتمالات هي التكيف، أو الانتقال إلى مكان آخر، أو الانقراض.
وتابع: «من المعروف أن البلطي يملأ مجموعة كبيرة ومتنوعة من البيئات البيئية المختلفة والقدرة على التكيف مع التغيرات في بيئته. لقد أثار هذا الكثير من الاهتمام من وجهة نظر تطورية، وخاصة بالنسبة للجدول الزمني الذي يحدث فيه هذا التكيف».
لمعرفة المزيد حول كيفية وتوقيت حدوث هذه التكيفات، عمل الباحثون على تربية نصف حضنة الأسماك في خزانات ذات مياه صافية ووضعوا النصف الآخر في خزانات ذات مياه عكرة.
ثم قاس الباحثون قطر العين وبؤبؤ العين لكل من الأسماك الصغيرة والأسماك البلطية البالغة في التجربة، وحددوا أن المجموعات الأصغر سنًا اكتسبت بالفعل سمات سمحت لها بتطوير هياكل عيون أكبر استجابة للمياه العكرة.
وقال تياركس: «عندما كانت أسماك البلطي صغيرة، كانت تتمتع بهذه اللدونة الضخمة وكانت قادرة على تغيير وظائفها الفسيولوجية من أجل التكيف مع الظروف البيئية العكرة. ولكن عندما نظرنا إلى الأسماك الأكبر سنًا، لم يكن لديها نفس المرونة».
وتشير الدراسة أيضًا إلى وجود اختلاف عام في نمط أحجام العين والدماغ بين الأسماك الصغيرة والكبيرة. توقع الفريق أن يجد أن الأسماك التي تُربى في المياه العكرة ذات أدمغة أكبر من تلك التي تُربى في المياه الصافية، لأن وجود عيون أكبر لا يعني الكثير إذا لم يتطور الدماغ لمعالجة تلك المعلومات البصرية.
وبدلًا من ذلك، كشفت الصور الرقمية لأنظمتها البيولوجية أن الأسماك الأكبر سنًا لديها أدمغة وفصوص بصرية أكبر مقارنة بطولها وكتلة الدماغ مقارنة بالأحجام النسبية لتلك الهياكل في الأسماك الأصغر سنًا. قد يشير هذا إلى أن الأسماك، مثل الثدييات، تواجه متطلبات حسية مختلفة في مراحل مختلفة طوال حياتها.
لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت العديد من هذه التغييرات ناجمة عن متغيرات بيئية خارجية مثل كمية الأكسجين في الماء أو التغيرات الجسدية، مثل النضج الجنسي.
تعتبر مسألة النمو في المياه الصافية مقابل المياه العكرة مشكلة حقيقية بالنسبة للأسماك البلطية ذات الشفاه الزرقاء، خاصة مع تغير النظم البيئية في موطنها الأفريقي.
تعد إزالة الغابات أحد الأسباب الرئيسية لتزايد تدمير الموائل والضبابية في الأنهار والبحيرات. وقال تياركس إنه عندما تُقطع الأشجار، يضطرب استقرار التربة القريبة، مما يؤدي إلى ترسب المعكرات في الأنظمة المائية القريبة.
وتابع: «في أي عاصفة، ستنجرف التربة والرواسب والنباتات التي احتفظت بها الأشجار إلى أي مسطح مائي أقرب، ويشكل ذلك ضغطًا مباشرًا على الأحياء التي تعيش فيه».
وتشير دراسات مثل هذه إلى أنه مع استمرار تفاقم التغير البيئي الناجم عن الإنسان، فإن بعض مجموعات الحيوانات مثل الأسماك قد تكون قادرة على الاستمرار حتى في الموائل غير المثالية.
بالنسبة إلى تياركس، تعطي هذه النتائج بعض الأمل في أن التأثير السلبي للبشر على البيئة لا يغير حياة جميع الأنواع كما يبدو حاليًا.
وقال تياركس: «إننا نسبب ونقود التغييرات داخل أنظمة هذه الأسماك. لكن التمسك بأمثلة للأنواع التي يمكنها بالفعل التكيف مع التغيرات التي تحدث من حولها هو تذكير جيد بمدى قوة ومرونة الطبيعة».
ترجمة: ولاء سليمان
المصدر: phys.org