الجينومات الفرعية ودورها في تطور الخيزران
يُعتبر التضاعف الصبغي (أو تعدد الصيغة الصبغية) قوة دافعة رئيسية للتطور، ويتواجد في كل مكان عبر المراحل التطورية المختلفة لشجرة الحياة النباتية المزهرة. ولكن لاتزال التفاعلات بين جينومات الأسلاف في النواة متعددة الصيغة الصبغية، والتي غالبًا ما تنطوي على هيمنة الجينوم الفرعي غير مفهومة جيدًا.
يظهر الخيزران تنوعًا كبيرًا في الأنواع والتشكل، ويتكون من فرع حيوي عشبي صغير، معظمه ثنائي الصيغة الصبغية (حوالي 126 نوعًا) وثلاثة أفرع حيوية خشبية رئيسية متعددة الصيغة الصبغية (حوالي 1576 نوعًا). باعتبارها واحدة من أهم سلالات النباتات التي تكيفت مع موطن الغابات، تظهر نباتات الخيزران الخشبية (WBs) سمات بيولوجية مميزة، مثل النمو السريع (يصل إلى 114.5 سم / يوم) والإزهار المتزامن وأحادي الإثمار (~ 30- 60 سنة).
اقترح فريق بحث بقيادة البروفيسور لي ديتشو من معهد كونمينغ لعلم النبات (KIB) التابع للأكاديمية الصينية للعلوم (CAS)، بالتعاون مع علماء من الولايات المتحدة، نموذجًا محسنًا لأصل وتعدد الصيغة الصبغية للخيزران الخشبي. نُشرت نتائج عملهم على الإنترنت في مجلة Nature Genetics في مقال بعنوان «دراسة التجمعات الجينومية لـ 11 نوعًا من الخيزران والتنوع الناجم هيمنة الجينوم الفرعي الديناميكية».
كشفت دراساتهم عن أحداث تهجين متكررة بين أسلاف السلالات الخشبية ثنائية الصيغة الصبغية والتي تبعها أحداث تهجين بين متعددات الصيغة الصبغية، إضافة إلى حدوث اندخالات بين أسلاف السلالات الخشبية والعشبية، في وقت مبكر من تطور الخيزران.
كرس فريق لي منذ فترة طويلة الدراسات المنهجية والتطورية للخيزران. في عملهم السابق الذي نتج عنه مسودة جينومية لأربعة أنواع من الخيزران، اقترحوا أصلًا شبكيًا لنباتات الخيزران الخشبية يتضمن التهجين والتعدد الصبغي.
وقال لي: «لإجراء دراسة أكثر شمولًا للخيزران عبر مستويات صبغية مختلفة وتنوع واسع النطاق، أخذنا عينات من نوعين من الخيزران العشبي وثلاثة أنواع تمثيلية من كل سلالة خشبية».
نجح الفريق الدولي في الحصول على تسلسل جينومي على مستوى الكروموسوم لـ 11 نوعًا تمثيليًا من الخيزران باستخدام تقنية التسلسل من الجيل الثالث. جمعوا وسلسلوا بيانات النسخ من 476 عينة من الخيزران تغطي أنسجة مختلفة ومراحل نمو مختلفة.
وباستخدام نهج متعدد الأوميكس (وهو أسلوب تحليل بيولوجي تعتمد مجموعات بياناته على علوم مثل الجينوم، والبروتيوم، والترنسكريبتوم، وما فوق الجينوم، والمستقلبات، والميكروبيومات)، أكد الفريق وجود أربعة جينومات فرعية متميزة من نباتات الخيزران الخشبية هي: A وB وC وD.
كشفت المزيد من التحقيقات أن نباتات الخيزران الخشبية تظهر استقرارًا ملحوظًا في النمط النووي، إذ تحافظ على حالة الأجداد المكونة من 12 كروموسومًا من العائلة العشبية على مستوى الجينوم الفرعي، وذلك كله على الرغم من مرور 12 إلى 20 مليون سنة منذ تعدد الصبغيات وما تلاها من تنويع الأنواع على نطاق واسع.
وقال لي: «تشير دراستنا إلى هيمنة واضحة للجينومات الفرعية C في سلالتين رباعيتَي الصيغة الصبغية، إذ ينعكس ذلك في سلسلة من السمات، بما في ذلك حجم الجينوم، وتجزئة الجينات، وإعادة ترتيب الجينوم، والعناصر القابلة للنقل والتعبير الجيني».
ومع ذلك، فإن نمط الهيمنة في النسب سداسي الصيغة الصبغية أكثر ديناميكية، مع تحول تدريجي في الهيمنة من الجينوم الفرعي C إلى الجينوم A.
كشف المزيد من التحليل أن الجينوم الفرعي C السائد، جنبًا إلى جنب مع الجينوم الفرعي A في الفرع سداسي الصبغي، ساهم أكثر في تطور السمات المميزة في نباتات الخيزران الخشبية.
يسلط هذا العمل الضوء على فائدة استخدام مجموعات تسلسل الجينوم على مستوى الفرع الحيوي لتعزيز فهمنا لتطور الجينوم الفرعي في النباتات متعددة الصيغ الصبغية.
ترجمة: ولاء سليمان
المصدر: phys.org