مع تزايد الأوبئة التي تثير قلقًا عالميًا، تقدم دراسة دولية أجراها علماء في جامعة مونتريال رؤى جديدة حول الديناميكيات التطورية المعقدة لفيروسات كورونا بيتا في الخفافيش، مما يزيد من فهمنا للمخاطر التي تشكلها هذه الفيروسات.
فحص فريق بقيادة أستاذ علم الأحياء تيموثي بواسو وطالبة الدكتوراه نورما فوريرو مونيوز التوزع العالمي لفيروسات بيتا كورونا، واكتشفوا نمطًا أكثر تعقيدًا مما كان يُعتقد سابقًا.
نُشرت الدراسة التي تحمل عنوان «الفسيفساء التطورية المشتركة لخطر ظهور فيروس كورونا بيتا في الخفافيش» في مجلة Virus Evolution.
بالتعاون مع باحثين من الولايات المتحدة ونيوزيلندا، طور العلماء إطارًا تفصيليًا يحدد المناطق الجغرافية التي تتطور فيها هذه الفيروسات ومضيفيها بشكل مختلف، وسلطوا الضوء على مناطق محددة حيث تُستوفى شروط أحداث الظهور المستقبلية في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية.
وتؤكد النتائج التي توصلوا إليها التنوع الكبير في توزيع الفيروسات في جميع أنحاء العالم، مع ظهور مناطق معينة، وخاصة جنوب شرق آسيا، وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، والشرق الأوسط، كنقاط ساخنة للتنوع الفيروسي.
فهم الاختلافات الإقليمية
تؤوي المناطق المختلفة مجموعات مختلفة من الفيروسات التي تتطور بشكل مختلف مع مضيفيها، وهي حقيقة تتحدى ما يُعرف بنهج «حجم واحد للجميع» في النماذج السابقة. فمثلًا، حددوا المناطق الاستوائية الحديثة في الأمريكتين باعتبارها تجمعًا محتملاً فريدًا للفيروسات المربيكوفية (وهي جنس فرعي من فيروسات كورونا بيتا، وكانت تُعرف سابقًا باسم فيروسات كورونا المجموعة 2C)، مما يشير إلى أن المسارات التطورية والمخاطر المحتملة للفيروسات يمكن أن تختلف بشكل كبير من منطقة إلى أخرى.
يتعمق البحث في ديناميكيات التطور المشترك بين بعض أنواع الخفافيش وفيروسات كورونا بيتا البالغ عددها 1400 نوعًا في العالم، ويقدم نظرة ثاقبة حول كيفية تطور هذه الفيروسات ومضيفيها معًا بمرور الوقت، ويشير إلى الآليات التي يمكن أن تؤدي إلى ظهور فيروسات جديدة، والتي يحتمل أن تكون حيوانية المنشأ.
يقول العلماء إن العلاقة المعقدة بين الأنواع المضيفة والفيروسات تؤكد مدى تعقيد التنبؤ بالفيروسات التي قد تشكل تهديدًا مستقبليًا للبشر على غرار تفشي السارس ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية وكوفيد-19، فقد يكون التهديد التالي فيروسًا لم ينتشر بعد.
قالت فوريرو مونيوز، التي تعمل على درجة الدكتوراه في التعلم الآلي ومعالجة البيانات للتنبؤ بأحداث الانتشار الفيروسي: «إن الحداثة العظيمة في عملنا هي توضيح دور العمليات التطورية والبيئية في خطر ظهور فيروسات بيتا كورونا الجديدة من مجموعات الخفافيش».
وتتابع: «في الماضي، كان يُعتقد أن هذه العمليات تجعل التنبؤ بالمخاطر أمرًا صعبًا للغاية. ولكن من خلال العمل انطلاقًا من مبادئ التطور المشترك، تمكنا من تحديد المجالات التي تجتمع فيها جميع الظروف المناسبة التي ستؤدي إلى تنوع جديد لهذه الفيروسات».
معالجة بعض القيود
كانت فوريرو مونيوز وزملاؤها صريحين بشأن قيود الدراسة، لا سيما فيما يتعلق بالتحيزات المحتملة الناجمة عن عدم التكافؤ في أخذ العينات والمراقبة عبر المناطق المختلفة. وقد يؤدي هذا التفاوت في البيانات إلى نقص تمثيل بعض المناطق في الدراسة، مثل الهند وغرب أفريقيا.
لكنهم يظلون متفائلين بأن عملهم قد يؤثر على سياسات الصحة العامة.
وقال بواسو، الأستاذ المشارك في علم البيئة الحاسوبية: « يساعدنا البحث من خلال توفير فهم أكثر دقة لمكان وكيفية تطور فيروسات كورونا بيتا في الخفافيش على تحديد النقاط الساخنة المحتملة لظهور أمراض حيوانية جديدة».
«وهذا أمر حيوي لتوجيه جهود المراقبة والوقاية، خاصة في المناطق المعرضة للخطر حيث ستتلامس هذه الفيروسات الجديدة على الفور مع البشر».
ترجمة: ولاء سليمان
المصدر: phys.org