عثر الباحثون على أقدم بعوضة أحفورية معروفة في كهرمان يعود لفترة العصر الطباشيري القديم في لبنان. ونشروا بحثهم في مجلة Current Biology في 4 ديسمبر 2023. الحشرات المحفوظة جيدًا هي ذكرين من نفس النوع مع أجزاء فم ثاقبة، مما يشير إلى أنه من المحتمل أنهما كانا يمتصان الدم. وهذا أمر جدير بالملاحظة لأنه من بين البعوض المعاصر، فإن الإناث فقط هي التي تمتص الدم، أي تستخدم أجزاء الفم الثاقبة لتتغذى على دماء البشر والحيوانات الأخرى.
يقول داني عازار من معهد نانجينغ للجيولوجيا وعلم الحفريات التابع للأكاديمية الصينية للعلوم والجامعة اللبنانية: «يعتبر الكهرمان اللبناني حتى الآن أقدم أنواع الكهرمان الذي يحتوي على شوائب بيولوجية مكثفة، وهو مادة مهمة جداً، إذ أن تكوينها يتزامن مع ظهور وبداية إشعاع النباتات المزهرة، مع كل ما يتبع من تطور مشترك بين الملقحات والنباتات المزهرة».
يقول أندريه نيل من المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي في باريس (Muséum National d’Histoire Naturelle de Paris): «يشير التأريخ الجزيئي إلى أن عائلة كوليسيديا Culicidae نشأت خلال العصر الجوراسي، لكن كان أقدم سجل سابق لها في منتصف العصر الطباشيري. هنا لدينا واحدة من أوائل حشرات العصر الطباشيري، قبل حوالي 30 مليون سنة».
تضم فصيلة مفصليات كوليسيديا Culicidae أكثر من 3000 نوع من البعوض. وتشير النتائج الجديدة إلى أن ذكور البعوض في الماضي كانت تتغذى على الدم أيضًا. ويقترح العلماء أنها تساعد أيضًا في تضييق «فجوة النسب» التي تطارد للبعوض.
تشتهر إناث البعوض بطرق تغذيتها بالدم، مما جعلها ناقلًا رئيسيًا لنشر الأمراض المعدية. يُعتقد أن خاصية البلعمة الدموية في الحشرات قد نشأت كتحول من أجزاء الفم الثاقبة والماصة المستخدمة لاستخراج السوائل النباتية. فمثلًا، من المحتمل أن تكون البراغيث الماصة للدم تطورت من الحشرات التي تتغذى على الرحيق. ولكن من الصعب دراسة تطور التغذية على الدم، ويرجع ذلك جزئيًا إلى الثغرات في السجل الأحفوري للحشرات.
في الدراسة الجديدة، وصف أزار ونيل وديينغ هوانغ ومايكل س. إنجل ذكرَين من البعوض لهما أجزاء فم ثاقبة، بما في ذلك بنية الفك السفلي الحادة والمثلثية والممدودة مع شبه أسنان صغيرة تشبه الأسنان.
وذكروا أن حفظ البعوض في الكهرمان حدث منذ بدأ تواجد عائلة البعوض الحشرية في أوائل العصر الطباشيري. ويشير أيضًا إلى أن تطور البلعمة الدموية كان أكثر تعقيدًا مما كان متوقعًا، فقد كان الذكور دمويين في الماضي البعيد.
يقول نيل إن الفريق يريد معرفة المزيد عن «فائدة» وجود البلعمة الدموية في ذكور البعوض الطباشيري. ويقول: «إنهم أيضًا فضوليون لاستكشاف لماذا لم يعد الذكور كذلك؟».
ترجمة: ولاء سليمان
المصدر: phys.org