تلقي دراسة حديثة نشرت في مجلة Science Advances ضوءًا جديدًا على التطور المبكر الغامض للثعابين من خلال فحص مصدر غير متوقع: أدمغتها. تؤكد النتائج على أهمية دراسة الأجزاء الرخوة من أجسام الحيوانات وعظامها لفهم كيفية تطورها.
الثعابين كائنات مثيرة، وتشكل حوالي ثِمن الحيوانات الفقارية الموجودة على الأرض. وتشمل مجموعة واسعة من الأشكال والأحجام. تكيفت هذه الحيوانات مع طرق الحياة المختلفة، مثل العيش تحت الأرض، وعلى الأرض، وفي الماء، وفي الأشجار. ومع ذلك، فإن التطور المبكر للثعابين والتغيرات في أشكالها مع مرور الوقت كانت محل نقاش طويل في مجال علم الأحياء.
للمساعدة في كشف هذا اللغز، استخدم باحثون من معهد هيلفي HiLIFE للتكنولوجيا الحيوية بجامعة هلسنكي طريقة مختلفة لدراسة تطور الثعابين.
يقول المؤلف الأول للدراسة، باحث ما بعد الدكتوراه سيمون ماكري: «بدلًا من الاعتماد على بقايا الحفريات النادرة والقديمة للتعرف على تاريخ الثعابين، نظرنا إلى أدمغة الزواحف الحية وسافرنا عبر الزمن إلى الوراء، وذلك بفضل أدوات التصوير والتحليل الحديثة».
وباستخدام نماذج ثلاثية الأبعاد عالية الوضوح لأدمغة السحالي والثعابين الحديثة، أعاد الباحثون بناء شكل دماغ الثعابين المبكرة واكتشفوا أنها تكيفت بالكامل مع الحياة تحت الأرض. ومع ذلك، أظهرت الثعابين المبكرة أيضًا سلوكيات متعددة الاستخدامات، بحسب ما استنتج العلماء من مزيج السمات المختلفة والأنماط المعقدة في أشكال دماغها، والتي قد تعكس الاختلافات في ما تأكله، وكيفية استخدامها لبيئات مختلفة سواء تحت الأرض أو فوقها، وقدرتها على البحث عن الطعام.
فهم تطور الحيوان من دون الاعتماد على الحفريات
يقول الباحث الرئيسي نيكولاس دي بوي مدير الأبحاث في معهد التكنولوجيا الحيوية في جامعة هلسنكي: «الأمر المثير حقًا هو أن هذه الدراسة لا تتعلق فقط بالثعابين. إنها توضح لنا أيضًا طريقة للتعرف على الحيوانات الأخرى التي يعد تاريخها غامضًا بعض الشيء لأننا نفتقر إلى الحفريات اللازمة لدراستها».
من خلال فحص الحيوانات الحالية وتلك الموجودة في الماضي، إلى جانب العظام والأعضاء الحيوية المختلفة مثل الدماغ، استطاع العلماء تجميع قصة كيفية تغير هذه المخلوقات وتطورها مع مرور الوقت.
يسلط هذا البحث الضوء على درس حيوي في مجال علم الأحياء: إن كشف أسرار تطور الحيوان يتجاوز تحليل بقايا العظام. لفهم تحول كائنات مثل الثعابين مع مرور الوقت، يجب على العلماء النظر في المكونات الأخرى لأجسامهم، بما في ذلك الأنسجة الرخوة والأعضاء الداخلية. وهذا أمر بالغ الأهمية بشكل خاص عند دراسة الحيوانات من العصور التي لم تُحفَظ عظامها بشكل جيد فيها.
ترجمة: ولاء سليمان
المصدر: phys.org