لماذا تطور البشر ليصبحوا من ذوات الدم الحار؟
أن تكون بهذه الحرارة هو عمل شاق.
في حين أن الاستلقاء تحت أشعة الشمس طوال اليوم هو فكرة بعض الناس عن عطلة مثالية، لكن الواقع هو أن الحيوانات ذات الدم البارد مثل التماسيح والسحالي تحتاج إلى دفء الشمس لتتمكن من التحرك، في حين أن البشر وغيرهم من الحيوانات ذوات الدم الحار قادرون على توليد الحرارة الخاصة بهم. وهنا يتحتم علينا طرح هذا السؤال: لماذا البشر من ذوات الدم الحار؟
لنبدأ ببعض المصطلحات
تُعرف الحيوانات ذوات الدم البارد باسم «خارجية التنظيم الحراري»، في حين أن الكائنات ذوات الدم الحار، بما في ذلك البشر والثدييات الأخرى والطيور تُسمى بـ «ذوات الدم الحار». وهذا يعني أننا نحافظ على درجة حرارة داخلية أكثر دفئًا من تلك الموجودة في بيئتنا. بالنسبة للطيور، يبلغ متوسط درجة الحرارة حوالي 40 درجة مئوية (104 درجة فهرنهايت)، بينما درجة الحرارة التي يجب أن تكون عند البشر حوالي 37 درجة مئوية (98.6 درجة فهرنهايت).
يُعرف الحفاظ على درجة حرارة داخلية ثابتة باسم ثبات الحرارة. للحفاظ على درجة الحرارة الثابتة هذه، يتعين على ذوات الحرارة الداخلية أن يأكلوا بشكل أكثر انتظامًا من ذوات الحرارة الخارجية لتزويد أجسامهم بالطاقة لتوليد الحرارة. يوجد استثناءات لهذه الفئات: تضيف فئران الخلد العارية إلى قائمة خصائصها الغريبة كونها الثدييات الوحيدة ذات الحرارة الخارجية، وتبقى درجة حرارتها ثابتة إلى حد ما من خلال شبكة الأنفاق تحت الأرض التي تعيش فيها.
كيف بدأ كل ذلك؟
هناك فرضيات مختلفة وبعض الجدل حول سبب تطور وجود خاصية الدم الحار أصلًا، ومن المرجح أن يكون مزيج أفكار هذه الفرضيات صحيحًا. إذا نظرنا إلى السجل الأحفوري، فمن المعتقد أن أسلاف الطيور بدأوا في تطوير خاصية الدم الحار منذ حوالي 140 مليون سنة. يُعتقد أن أسلاف الثدييات المعاصرة كانت من ذوات الدم الحار منذ العصر الترياسي، أي منذ أكثر من 200 مليون سنة.
فرضيات مختلفة
إحدى الأفكار الأولى هي أن الدم الحار كان ضروريًا حتى تتمكن الحيوانات من العيش بأسلوب حياة نشط ولديها ما يكفي من الطاقة لمطاردة الفريسة سريعة الحركة. اقتُرح هذا في بحث عام 1979 من قبل بينيت وروبن. واقترحا أن العامل الرئيسي الذي دفع تطور الدم الحار هو زيادة القدرات الهوائية التي سمحت لهذه الحيوانات بالحفاظ على مستويات عالية من النشاط.
اقترحت أفكار بديلة أن الدم الحار تطور بالفعل في الحيوانات العاشبة. تتطلب الحيوانات العاشبة مستويات عالية من النيتروجين، وهو ما لن يكون ممكنًا إلا عن طريق هضم كمية كبيرة من المادة النباتية. ونتيجة لذلك، فإنها ستستهلك مستويات عالية جدًا من الكربون، والتي ستُحرَق ليحصل الحيوان بذلك على دم حار. هذا ما اقترحه كلاسن ونوليت.
قال المؤلف مارسيل كلاسن، من المعهد الهولندي لعلم البيئة: «تزعم معظم الفرضيات أن الدم الحار تطور في الحيوانات آكلة اللحوم الأصغر حجمًا، وقد يكون هذا صحيحًا. إذا كان الأمر كذلك، فقد يكون ظهور خاصية الدم الحار سهّل أكل الأعشاب كأسلوب حياة. لقد أصبح الأمر أكثر جدوى بمجرد تطور الدم الحار بالفعل».
الجواب هو: لا نعرف الجواب
لا تزال الأدلة غير متوفرة عندما يتعلق الأمر بالسبب الذي دفع أسلاف البشر إلى تطوير خاصية الدم الحار. ربما كان ذلك مزيجًا من التغيرات البيئية في تلك الحقبة و/أو زيادة المواد النباتية المتعلقة باستخدام النيتروجين. فقد احتاج أسلافنا إلى قدرات أكسجين أكبر لدعمهم في الصيد.
يقترح البعض أيضًا أن خاصية الدم الحار تطورت كدفاع ضد الالتهابات الفطرية؛ نظرًا لأن معظم الفطريات لا يمكنها التكاثر في درجات حرارة أعلى. وقد يكون السبب مزيجًا من كل هذه العوامل.
ترجمة: ولاء سليمان
المصدر: iflscience