في الوقت الذي تختفي فيه الحياة البحرية من محيطات العالم، يحتفل الباحثون باكتشاف نوع جديد من أسماك الشعاب المرجانية في المياه الجنوبية للحاجز المرجاني العظيم.
اكتشف العلماء هذه السمكة التي أطلقوا عليها اسم ليدي إليوت شريمب جوبي (Lady Elliot Shrimp Goby)، والتي لم تكن معروفة من قبل، ضمن جزء من مشروع تقوده جامعة صن شاين كوست، ويعمل هذا المشروع على رسم خرائط للتنوع البيولوجي المتغير في جزيرة ليدي إليوت وما حولها، وهي جزيرة مرجانية صغيرة تقع في الطرف الجنوبي من الحاجز المرجاني العظيم.
كُلّف فريق البحث بعملية معقدة تتمثل في التأكد من أن سبعة كائنات بحرية أخرى مجهولة الهوية كانوا قد عثروا عليها خلال عمليات المسح تحت الماء، بما في ذلك القوبيون القزم وأسماك الدمل هي أيضًا جديدة على العلم.
يقول عالم الأحياء البحرية والمؤلف المشارك الدكتور كريس دادجون، أحد الباحثين الذين يعملون في مشروع Leaf to Reef التعاوني، وهو جزء من مبادرة جزر الشعاب المرجانية التابعة لمؤسسة الحاجز المرجاني العظيم والتي تهدف إلى حماية الموائل الحيوية في أكبر نظام للشعاب المرجانية في العالم: «إنه اكتشاف مهم ومثير».
وُصفت السمكة الجديدة المكتشفة ليدي إليوت شريمب جوبي (Tomiyamichthys elliotensis) في ورقة بحثية صدرت في مجلة مؤسسة علوم المحيطات إنها سمكة صغيرة وبيضاء مع بعض البقع البنية، وأشرطة صفراء برتقالية وزعنفة ظهرية كبيرة تشبه الشراع، وشوهدت لأول مرة في جحر رملي مع زوج من الروبيان الالفيدي.
وقال الدكتور دادجون: «لقد مر وقت طويل منذ اكتشاف سمكة لم تُسجل مسبقًا في أي مكان في الحاجز المرجاني العظيم».
«في حين أن الحاجز المرجاني العظيم هو نظام بيئي مدروس جدًا، لكن آخر الأنواع الجديدة تمامًا الموصوفة هي سمكة الهامور التي عثر عليها العلماء في أعماق البحار في عام 2019، وهو المكان الذي تأتي منه معظم الاكتشافات الجديدة. إذ يُعتبر العثور على أنواع جديدة من الأسماك في المياه الضحلة على الشعاب المرجانية، على مرأى من الجميع أمر فريد من نوعه».
ويعتقد العلماء أن ليدي إليوت شريمب جوبي قد تكون موجودة في جميع أنحاء الشعاب المرجانية في مجموعتَي كابريكون وبينكر ومن المحتمل أن تكون منتشرة في جميع أنحاء الحاجز المرجاني العظيم.
ستُكتشف المزيد من الأسماك الجديدة
يقول الباحثون إن هذا الاكتشاف يثير المزيد من الأسئلة والتكهنات، بما في ذلك عدد الأنواع الجديدة التي تنتظر اكتشافها.
قال خبير تصنيف الأسماك ونائب رئيس البرامج البحرية لآسيا والمحيط الهادئ التابعة لمنظمة الحفظ الدولية، الدكتور مارك إردمان، الذي شارك أيضًا في تأليف الورقة، إن معظم الأنواع الجديدة المحتملة المكتشفة في جزيرة ليدي إليوت كانت من الفصيلة القوبيونية، والتي كثيرًا ما تجاهلها الغواصون وعلماء البحار بسبب صغر حجمها وسلوكياتها المبهمة.
وقال الدكتور إردمان: «ومع ذلك، فإن نظرة فاحصة على هذه الأسماك تكشف جمالًا خفيًا في أنماط ألوانها التي غالبًا ما تنافس أبناء عمومتها الأكثر وضوحًا على الشعاب المرجانية مثل أسماك الفراشة أو أسماك الببغاء».
«يسعدني أن أبحاث التنوع البيولوجي التي هي جزء من مشروع Leaf to Reef تسلط الضوء على هذه الأنواع «المخفية» مثل أسماك الفصيلة القوبيونية، والتي بالإضافة إلى أنها تشكل نسبة كبيرة من التنوع البيولوجي لأسماك الشعاب المرجانية في الحاجز المرجاني العظيم، فهي أيضًا ذات أهمية حيوية لأنها تشكل مصدر مهم للغذاء لأسماك الشعاب المرجانية الكبيرة بما في ذلك الحشائش والهامور والأباطرة».
حماية الشعاب المرجانية
تقول البروفيسور كاثي تاونسند، عالمة الأحياء البحرية بجامعة سانتا كروز دو سول UniSC، إن الاكتشافات الجديدة المحتملة تسلط الضوء على أهمية مشروع Leaf to Reef الذي تقوده.
وقالت: «إن أبحاث الأنواع الجديدة أمر بالغ الأهمية لتحديد النظم البيئية التي تحتاج إلى الحماية، وكذلك رسم خرائط لكيفية تغير التنوع البيولوجي في الجزيرة بسبب انجراف الأنواع، مما يسمح لنا بقياس تأثير تغير المناخ».
منذ عام 2020، جمع فريق من العلماء خط أساسي مرجعي شامل لجميع أنواع الفقاريات (الطيور والسلاحف وأسماك القرش والأسماك والزواحف والثدييات) التي تعيش في جزيرة ليدي إليوت أو حولها. وتشمل الدراسات تتبع السلاحف البحرية ومسارات أسماك شيطان البحر، إلى جانب أعداد الطيور التي كشفت عن أقدم طائر استوائي أحمر الذيل مسجل في العالم وحددت 14 نوعًا مهاجرًا جديدًا موجودًا في الجزيرة الآن.
وقال الدكتور تاونسند: «تظهر أمامنا أسماك وطيور جديدة في هذه الجزيرة، وهو ما يؤكد الدور المهم الذي تلعبه جزيرة ليدي إليوت كملجأ للحياة البرية ومأوى للأنواع الاستوائية الشمالية التي تتحرك جنوبًا هربًا من ارتفاع درجة حرارة المحيطات».
«إن الجزء الرئيسي الآخر من بحثنا هو فهم الروابط بين موائل الشعاب المرجانية والأنواع التي تعيش هناك، من الطحالب المجهرية على طول السلسلة الغذائية إلى أسماك القرش وشيطان البحر وكيف تؤثر النشاطات عليها».
اكتشاف أنواع جديدة
قد تكون المقارنات الجينية جزءًا مهمًا من العملية عند تأكيد الاكتشافات كأنواع جديدة.
وقال المؤلف الرئيسي الدكتور جيري ألين، الذي يعتبر أحد علماء حيوانات الأسماك البارزين في أستراليا، إنها كانت عملية معقدة وطويلة وشملت التشاور مع خبراء عالميين، بما في ذلك الدكتور ديفيد جرينفيلد من أكاديمية كاليفورنيا.
وقال: «تحتوي مجموعات جزيرة ليدي إليوت على العديد من الأنواع الجديدة المحتملة التي تشبه إلى حد كبير من الناحية الشكلية الأنواع الموجودة في المناطق الجغرافية المحيطة. وهذا يشمل العديد من أسماك الفصيلة القوبيونية الصغيرة التي تنتمي إلى جنس إيفيوتا ويبدو أن واحدة منها على الأقل غير موصوفة».
يوجد حاليًا أكثر من 100 نوع معروف من قوبيون الجمبري في منطقة غرب المحيط الهادئ الهندية، والتي غالبًا ما تعيش في نفس الجحر الذي يعيش فيه الجمبري، حيث تعمل القوبيون كمراقب لتحذير الجمبري من الحيوانات المفترسة. وفي المقابل يبني الجمبري الجحر ويحافظ عليه.
تقول آنا مارسدن، المديرة التنفيذية لمؤسسة الحاجز المرجاني العظيم، إن جزيرة ليدي إليوت تعد موطنًا بالغ الأهمية وملجأ لأكثر من 1200 نوع من الحياة البحرية.
وقالت: «نحن فخورون بأننا كنا رائدين في هذا البحث المهم من خلال مبادرة جزر الشعاب المرجانية التي ستوفر ملجأ للحياة البحرية في الحاجز المرجاني العظيم».
«يسلط الاكتشاف المثير لأسماك ليدي إليوت شريمب جوبي Lady Elliot Shrimp Goby الضوء أيضًا على أهمية حماية النظم البيئية التي توفر منزلًا آمنًا لحيوانات الشعاب المرجانية الرائعة لدينا ضد تأثيرات تغير المناخ».
ترجمة: ولاء سليمان
المصدر: phys.org