ترتبط مجموعة نادرة للغاية من حفريات عنكبوت البحر التي يعود تاريخها إلى 160 مليون عام من جنوب فرنسا ارتباطًا وثيقًا بالأنواع الحية، على عكس الحفريات القديمة من نوعها.
هذه الحفريات مهمة جدًا لفهم تطور عناكب البحر. لقد أظهرت أن تنوع العناكب البحرية التي لا تزال موجودة حتى اليوم بدأ في التشكل بحلول العصر الجوراسي.
يقول المؤلف الرئيسي الدكتور رومان صابرو من كلية علوم الأرض بجامعة بريستول: «العناكب البحرية (Pycnogonida)، هي مجموعة من الحيوانات البحرية التي لم تُدرس بشكل عام جيدًا».
نُشرت رؤى جديدة حول حيوانات عنكبوت البحر (مفصليات الأرجل: Pycnogonida) في لا فولت سور رون، فرنسا (العصر الجوراسي: كالوفيان) في مجلة Papers in Palaeontology.
«ومع ذلك، فمن المثير للاهتمام فهم تطور المفصليات [المجموعة التي تشمل الحشرات والعناكب والقشريات والمئويات والديدان الألفية] لأنها ظهرت في وقت مبكر نسبيًا في شجرة الحياة المفصلية. ولهذا السبب نحن مهتمون بتطورها».
«إن حفريات عنكبوت البحر نادرة جدًا، لكننا نعرف القليل منها من فترات مختلفة. ومن أبرز الحيوانات، بتنوعها ووفرتها، تلك الموجودة في لا فولت سور رون والتي يعود تاريخها إلى العصر الجوراسي، منذ حوالي 160 مليون سنة».
على عكس حفريات عنكبوت البحر القديمة، فإن عنكبوت La Voulte pycnogonids متشابه من الناحية الشكلية (ولكنه ليس متطابقًا) مع الأنواع الحية، وتشير الدراسات السابقة إلى أنه قد يكون مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بعائلات عنكبوت البحر الحية حاليًا. لكن هذه الفرضيات كانت مقيدة بمحدودية القدرة على إيجاد وسائل المراقبة الخاصة بها. ونظرًا لأنه كان من المستحيل الوصول إلى ما كان مخفيًا في الحفريات الصخرية، سافر الدكتور صابرو وفريقه إلى باريس وشرعوا في التحقيق في هذه المسألة باستخدام أحدث الأساليب.
وأوضح الدكتور صابرو: «لقد استخدمنا طريقتين لإعادة دراسة مورفولوجية الحفريات: التصوير المقطعي الدقيق بالأشعة السينية للنظر داخل الصخر، والعثور على السمات المورفولوجية المخبأة في الداخل وإعادة بناء نموذج ثلاثي الأبعاد للعينة المتحجرة؛ والتصوير التحويلي الانعكاسي. وهي تقنية تصوير تعتمد على توجيه متنوع للضوء حول الحفرية لتعزيز رؤية السمات غير الواضحة على سطحها».
وأوضح الدكتور صابرو: «استخلصنا من هذه الأفكار الجديدة معلومات مورفولوجية جديدة لمقارنتها بالأنواع الموجودة».
ويؤكد هذا أن هذه الحفريات هي أقرباء للبيكنوغونيدات الباقية. تنتمي اثنتان من هذه الحفريات إلى عائلتين حيتين من البيكنوغونيدات: الأولى هي Colossopantopodus boissinensis كانت من فصيلة الكولوسينديديا Colossendeidae بينما الأخرى هي Palaeoendeis elmii، من فصيلة الإنديديا Endeidae. أما النوع الثالث، وهو Palaeopycnogonides gracilis، فيبدو أنه ينتمي إلى عائلة لم تعد موجودة اليوم.
وأضاف الدكتور صابرو: «اليوم، ومن خلال حساب الفرق بين تسلسل الحمض النووي لعينة من الأنواع، واستخدام نماذج تطور الحمض النووي، أصبحنا قادرين على تقدير توقيت التطور الذي يربط هذه الأنواع ببعضها البعض».
«هذا ما نسميه تحليل الساعة الجزيئية. ولكن مثل الساعة الحقيقية، تحتاج إلى معايرتها. في الأساس، نحن بحاجة إلى إخبار الساعة: نحن نعلم أنه في ذلك الوقت، كانت تلك المجموعة موجودة بالفعل. وبفضل عملنا، نعلم الآن أن كولوسينديديا Colossendeidae وإنديديا Endeidae كانا موجودين بالفعل قبل العصر الجوراسي».
يمكن للفريق الآن استخدام هذه الأعمار الدنيا كمعايرات للساعة الجزيئية، والتحقيق في توقيت تطور البيكنوغونيدات. وقد يساعدهم ذلك على فهم تأثر تنوعهم بأزمات التنوع البيولوجي المختلفة التي تتوزع عبر تاريخ الأرض مثلًا.
ويخططون أيضًا لاستكشاف حيوانات أحفورية أخرى من البيكنوغونيدات، مثل حيوانات هونسروك سليت، في ألمانيا، والتي يعود تاريخها إلى العصر الديفوني، منذ حوالي 400 مليون سنة.
وبنفس النهج، يهدفون إلى إعادة وصف هذه الأنواع وفهم ارتباطاتها بالأنواع الموجودة؛ وأخيرًا، استبدال جميع حفريات البيكنوغونيدات من جميع الفترات في «شجرة حياة البيكنوغونيدات».
وأضاف الدكتور صابرو: «إن هذه الحفريات تعطينا فكرة عن العناكب البحرية التي عاشت قبل 160 مليون سنة».
«هذا أمر مثير للغاية عندما تعمل على البيكنوغونيدات الحية لسنوات».
«إنه لأمر مدهش كيف تبدو هذه البيكنوغونيدات مألوفة جدًا وغريبة جدًا. مألوفة، لأنه يمكنك بالتأكيد التعرف على بعض العائلات التي لا تزال موجودة حتى اليوم، وغريبة بسبب الاختلافات الصغيرة مثل حجم الساقين وطول الجسم وبعض الخصائص المورفولوجية الأخرى التي لا تجدها في الأنواع الحديثة».
ترجمة: ولاء سليمان
المصدر: phys.org