إن موجات الحرارة البحرية الناتجة عن ارتفاع درجة حرارة المناخ قادرة على إحداث تغييرات سريعة في حيوانات الإسفنج البحري، فقد وصف العلماء وتيرة التغيير بأنها «تطور بسرعة فائقة».
وجدت الأبحاث التي أجراها علماء الأحياء البحرية في تي هيرينجا واكا (Te Herenga Waka) جامعة فيكتوريا في ويلينجتون أن الإسفنج الذي ينجو من ظروف الموجات الحرارية البحرية يخضع لتغيرات كبيرة في تركيبته الميكروبية خلال جيل واحد فقط.
بحسب المرشحة للدكتوراه فرانشيسكا سترانو التي أجرت البحث مع البروفيسور جيمس بيل من كلية تي كورا ماتورانجا كويورا للعلوم البيولوجية بالجامعة، قد تكون هذه التغييرات وسيلة للإسفنج للتعامل مع الإجهاد البيئي المتزايد.
في دراستهم، عرّض الباحثون الإسفنج البحري الشائع كريلا إنكروستانس (Crella incrustans) لظروف موجات الحرارة البحرية في المختبر.
قال البروفيسور بيل: «وجدت تجاربنا أن أكثر من ثلث الإسفنج البالغ بقليل مات بعد 10 أيام فقط من التعرض لـ 21 درجة مئوية، وهي ظروف مماثلة لتلك التي كانت في ميناء ويلينجتون أثناء موجة الحر البحرية في يناير 2018».
ووجدت الدراسة أيضًا أن الإسفنج المعرض لظروف الموجات الحرارية احتوى على زيادة نسبية ملحوظة في البكتيريا المسببة للأمراض والمرتبطة بالإجهاد وانخفاض في البكتيريا التكافلية الطبيعية، وهي كائنات دقيقة تعيش داخل الإسفنج.
ومع ذلك، كان نسل هذا الإسفنج أفضل حالًا، وهو مؤشر على أنها قد تكون قادرة على التكيف مع ارتفاع درجة حرارة المياه.
«الأهم من ذلك أن أطفال الإسفنج لم يظهروا زيادة في البكتيريا المسببة للأمراض عند تعرضهم لظروف موجة الحرارة. وبدلاً من ذلك، أظهروا زيادة في البكتيريا التكافلية المسماة روبيرتاليا مارينا Rubritalea marina.
قال البروفيسور بيل: «هناك جانب إيجابي محتمل لهذا الأمر. نعتقد أن هذه البكتيريا قد تزود الإسفنج الصغير بقدرة أفضل على التعامل مع الإجهاد الحراري المستقبلي، إنه يشبه إلى حد ما الانتقاء الطبيعي أثناء العمل».
نمت أطفال الإسفنج مع زيادة بكتيريا Rubritalea marina بشكل أسرع من نسل إسفنج «التحكم» الذي لم يتعرض لظروف الموجات الحرارية. ومع ذلك، كان هناك تأخير كبير في الوقت الذي يستغرقه وصول الإسفنج الصغير إلى مرحلة اليفع.
«قد يكون سبب هذا التأخير هو دخول الإسفنج مؤقتًا في حالة نائمة من أجل البقاء على قيد الحياة في فترات الإجهاد البيئي، وهو أمر شوهد في الأنواع البحرية الأخرى عندما تتعرض لدرجات حرارة عالية».
قال سترانو إن هناك حاجة إلى مزيد من البحث عن دور Rubritalea marina والتأثيرات طويلة المدى على الإسفنج لفقدان بعض البكتيريا التكافلية الخاصة به.
«من المحتمل أن يكون فقد الإسفنج لبعض ميكروباتها أمرًا جيدًا، لتتمكن من خلط أو تبديل الميكروبات التي تحتويها والحصول على ميكروبات جديدة وتوفير إمكانية البقاء على قيد الحياة في ظروف جديدة أو مختلفة. لكن خلال هذه العملية قد يفقد الإسفنج أيضًا بعض الميكروبات المهمة لوظائف أخرى، مثل إزالة السموم».
يعتبر الإسفنج من أكثر الأنواع وفرة في قاع المحيط ويلعب دورًا رئيسيًا في إعادة تدوير المغذيات وإزالة الملوثات من الماء.
قال البروفيسور بيل: «إنها حقًا جزء أساسي من البيئة البحرية والتغييرات التي تطرأ على مجتمعات الإسفنج لديها القدرة على إحداث تأثيرات على الأنواع الأخرى. ولهذا السبب من المهم جدًا معرفة كيف ستتأثر بالمياه التي ترتفع درجة حرارتها بسرعة مع موجات الحرارة البحرية. قد تكون بعض حيوانات الإسفنج قادرة على التكيف».
نُشر البحث في مجلة Proceedings of the Royal Society B: Biological Sciences.
ترجمة: ولاء سليمان
المصدر: phys.org