تحتاج كل الحيوانات طاقة حتى تعيش. يستخدمون هذه الطاقة في التنفس والدوران الدموي وهضم الطعام والحركة. تستخدم الحيوانات الصغيرة الطاقة للنمو، ولاحقًا في الحياة للتكاثر.
تؤدي زيادة درجة حرارة الجسم إلى زيادة معدل استخدام الحيوان للطاقة. نظرًا لأن الحيوانات ذوات الدم البارد تعتمد على الظروف الحرارية لبيئتها لتنظيم درجة حرارة أجسامها، فمن المتوقع أن تحتاج إلى المزيد من الطاقة مع ارتفاع درجة حرارة الكوكب.
ولكن يشير بحثنا الجديد المنشور في مجلة Nature Climate Change إلى أن درجة الحرارة ليست العامل البيئي الوحيد الذي يؤثر على احتياجات الطاقة المستقبلية للحيوانات ذوات الدم البارد. إذ يلعب تفاعلها مع الأنواع الأخرى أيضًا دورًا هامًا في ذلك.
تشير النتائج التي توصلنا إليها إلى أن الحيوانات ذوات الدم البارد ستحتاج إلى طاقة أكثر في عالم أكثر دفئًا مما كان يعتقد سابقًا؛ مما قد يزيد من خطر انقراضها.
ما نعرفه بالفعل
تسمى كمية الطاقة التي تستخدمها الحيوانات في فترة زمنية معينة «معدل الأيض أو التمثيل الغذائي».
يتأثر معدل التمثيل الغذائي بمجموعة متنوعة من العوامل، بما في ذلك حجم الجسم ومستويات النشاط. تتمتع الحيوانات الأكبر حجمًا بمعدلات استقلاب أعلى من الحيوانات الصغيرة، والحيوانات النشطة لديها معدلات استقلاب أعلى من الحيوانات غير النشطة.
يعتمد معدل الأيض أيضًا على درجة حرارة الجسم. وذلك لأن درجة الحرارة تؤثر على معدل تقدم التفاعلات الكيميائية الحيوية المشاركة في استقلاب الطاقة. بشكل عام، إذا ارتفعت درجة حرارة جسم الحيوان، سيتسارع معدل أيضه بشكل كبير.
معظم الحيوانات التي تعيش اليوم هي من ذوات الدم البارد. تعتبر الحشرات والديدان والأسماك والقشريات والبرمائيات والزواحف (بشكل أساسي جميع الكائنات باستثناء الثدييات والطيور) من ذوات الدم البارد.
نظرًا لأن تغير المناخ بفعل الإنسان يرفع درجات الحرارة العالمية، فمن المتوقع أيضًا أن ترتفع درجات حرارة أجسام الحيوانات ذوات الدم البارد.
يقول الباحثون إن معدل التمثيل الغذائي لبعض حيوانات الدم البارد ربما يكون قد زاد بالفعل بنسبة تتراوح بين 3.5% و12% بسبب ارتفاع درجة حرارة الكوكب. لكن هذا التوقع لا يأخذ في الحسبان قدرة الحيوانات على «التأقلم» من الناحية الفسيولوجية مع درجات الحرارة الأكثر دفئًا.
يشير التأقلم إلى قدرة الحيوان على إعادة تشكيل فسيولوجيته للتعامل مع التغيير في بيئته.
ولكن نادرًا ما يمكن أن يؤدي التأقلم إلى إبطال تأثير درجة الحرارة على عمليات التمثيل الغذائي. لهذا السبب، بحلول نهاية القرن، ما يزال من المتوقع أن يكون لحيوانات الدم البارد معدلات استقلابية أعلى بحوالي 20% إلى 30% مما هي عليه الآن.
إن الحصول على معدل استقلاب أعلى يعني أن الحيوانات ستحتاج إلى المزيد من الطعام. هذا يعني أنهم قد يتضورون جوعًا إذا لم يتوفر المزيد من الطعام، وسيتبقى لديهم طاقة أقل للعثور على رفيقة والتكاثر.
بحثنا
كانت محاولات البحث السابقة لفهم التكاليف النشطة لارتفاع درجة حرارة المناخ بالنسبة لحيوانات الدم البارد محدودة. استخدموا في الغالب حيوانات مدروسة في بيئات معملية بسيطة نسبيًا، وكان التحدي الوحيد الذي واجهوه هو تغيير درجة الحرارة.
ومع ذلك، تواجه الحيوانات العديد من التحديات الأخرى في الطبيعة. يتضمن ذلك التفاعل مع الأنواع الأخرى، مثل التنافس على الغذاء والعلاقات بين المفترس والفريسة.
على الرغم من أن الأنواع تتفاعل طوال الوقت في الطبيعة، لكننا نادرًا ما ندرس كيف يؤثر ذلك على معدلات التمثيل الغذائي.
أردنا أن نفحص كيف يمكن لتفاعلات الأنواع أن تغير التنبؤات حول التكاليف النشطة لارتفاع درجة حرارة المناخ للحيوانات ذوات الدم البارد. للقيام بذلك، لجأنا إلى ذبابة الفاكهة (من جنس ذبابة الفاكهة).
تضع أنواع ذباب الفاكهة بيضها في مواد نباتية متعفنة. تتفاعل اليرقات التي تفقس من هذا البيض وتتنافس على الطعام.
تضمنت دراستنا تربية أنواع ذباب الفاكهة بمفردها أو معًا في درجات حرارة مختلفة. وجدنا أنه عندما يتنافس نوعان من يرقات ذبابة الفاكهة على الغذاء في درجات حرارة أكثر دفئًا، يكونان أكثر نشاطًا بعد بلوغهم مقارنة بالحيوانات التي لم تتنافس مع الأنواع الأخرى مثل اليرقات. هذا يعني أنهم استخدموا أيضًا المزيد من الطاقة.
وبذلك استخدمنا النمذجة لاستنتاج أن تفاعلات الأنواع في درجات حرارة عالمية أكثر دفئًا تزيد من احتياجات الطاقة المستقبلية لذباب الفاكهة بنسبة تتراوح بين 3% و16%.
تشير هذه النتائج إلى أن الدراسات السابقة قد قللت من تقدير التكلفة النشطة لارتفاع درجة حرارة المناخ بالنسبة للحرارة الخارجية. وهذا يعني أن الأساليب الفسيولوجية البحتة لفهم عواقب تغير المناخ على الحيوانات ذوات الدم البارد من المحتمل ألا تكون كافية.
لنكن واقعيين
يعد فهم احتياجات الحيوانات من الطاقة أمرًا مهمًا لفهم كيفية بقائها على قيد الحياة وتكاثرها وتطورها في البيئات الصعبة.
في عالم أكثر دفئًا، ستحتاج الحرارة الخارجية الأعلى إلى مزيد من الطاقة للبقاء والتكاثر. إذا لم يكن هناك ما يكفي من الطعام لتلبية احتياجات الجسم من الطاقة، فقد يزداد خطر الانقراض.
من الواضح أننا يجب أن نتنبأ بدقة أكبر بكيفية تهديد ارتفاع درجة حرارة المناخ للتنوع البيولوجي. وهذا يعني دراسة استجابات الحيوانات لتغير درجة الحرارة في ظل ظروف أكثر واقعية.
ترجمة: ولاء سليمان
المصدر: phys.org
