يُعد الدلفين قاروري الأنف الشائع أحد أكثر الثدييات البحرية المدروسة جيدًا في العالم. ومع ذلك، في العقود القليلة الماضية، كشفت الأبحاث الجينية أن العلماء لا يدرسون نوع واحد، بل سلالات مختلفة والتي ما تزال في طور التطور.
قسم الباحثون في جامعة ميامي ما كان يُعتقد تاريخيًا أنه نوع واحد من الدلافين (Tursiops truncatus) في المحيط الهادئ إلى عدة أنواع فرعية متميزة.
في المياه البحرية لمنطقة المحيط الهادئ الاستوائية الشرقية (ETP)، بين باجا كاليفورنيا وجالاباغوس، تظهر الدلافين قارورية الأنف جماجم وأجساد أصغر بوضوح من تلك الموجودة قبالة سواحل جنوب كاليفورنيا أو اليابان.
يجادل العلماء بأن هذه النتائج هي دليل قوي بما يكفي على أن دلافين منطقة المحيط الهادئ الاستوائية الشرقية يجب اعتبارها نوعًا فرعيًا منفصلاً.
كتب المؤلفون: «قد تكون الظروف البيئية المتميزة في منطقة المحيط الهادئ الاستوائية الشرقية هي الدافع وراء التمايز التطوري لهذه الدلافين قارورية الأنف».
«بالنظر إلى هذه النتائج، نوصي هنا بالتعرف على دلافين منطقة المحيط الهادئ الاستوائية الشرقية البحرية قارورية الأنف كنوع فرعي متميز هي تورسيوبس ترونكاتوس نوانو Tursiops truncatus nuuanu».
تعيش الدلافين قارورية الأنف في مياه المحيطات حول العالم، ومع ذلك فإن الطريقة التي تكيفت بها هذه الثدييات مع موائل سواحل معينة أدت إلى قدر لا يصدق من التنوع الفسيولوجي والوراثي بمرور الوقت.
يبدو أن سلالة الدلافين الشائعة التي تعيش بعيدًا عن الشاطئ تطورت في وقت متأخر عن أقربائها الأقرب إلى الشاطئ.
على الرغم من حقيقة أن العلماء يشكون في وجود العديد من الأنواع الفرعية التي تجاهلوها لكنهم حددوا عددًا قليلًا جدًا منها حتى الآن.
في الواقع، دلفين البحر الأسود قاروري الأنف (T. ponticus) ودلفين لاهيل قاروري الأنف (T. gephyreus)، الموجود قبالة شاطئ البرازيل، هما الوحيدان اللذان فصلهما العلماء رسميًا.
في شرق المحيط الهادئ، تحتل الدلافين ذات الأنف القاروري شكلًا مائيًا متنوعًا بشكل خاص، وربما أدت هذه الموائل المختلفة إلى تطور مجموعات الدلافين في اتجاهات منفصلة، متفرعة عن بعضها البعض جسديًا وجينيًا.
تشير دراسة أجريت عام 2020 حول الوراثة للدلافين قارورية الأنف في مصبات الأنهار في الإكوادور بقوة إلى وجود سلالات أخرى من الدلافين المهملة هناك والتي تحتاج إلى تصنيفها بشكل منفصل.
عندما حلل الباحثون في جامعة ميامي 135 جمجمة دلفين قاروري الأنف جمعوها من جميع أنحاء المحيط الهادئ، لاحظوا أيضًا وجود فرع في شجرة عائلة الدلفين بالقرب من الإكوادور، لكنه كان بعيدًا عن الشاطئ.
اليوم، من المقبول عمومًا أن الدلافين قارورية الأنف في شمال المحيط الهادئ المعتدل والدلافين قارورية الأنف قبالة الساحل الجنوبي لولاية كاليفورنيا تمثل كل منها نموذجًا بيئيًا فريدًا، وهي مجموعة مميزة شكلها نظامها البيئي المحلي. ومع ذلك، فإن الادعاءات بأن هذه التغييرات تمثل نوعًا فرعيًا متميزًا لا تزال مثيرة للجدل.
تجاهل العلماء الدلافين التي تسبح جنوبًا في منطقة المحيط الهادئ الاستوائية الشرقية نسبيًا. نظرًا لأن هذه المجموعة من السكان يترددون على المياه العميقة، بعيدًا عن سواحل أمريكا الجنوبية، فهم لم يُدرسوا بنفس القدر، ودرجة تمايزهم غير معروفة إلى حد كبير.
استنادًا إلى تحليل الجمجمة الحالي، يجادل الباحثون بأن دلافين منطقة المحيط الهادئ الاستوائية الشرقية فريدة من نوعها في الواقع.
إنها بعض أصغر الدلافين قارورية الأنف المعروفة على الإطلاق، على قدم المساواة مع أنواع أخرى محتملة تسمى دلافين تمانيند قارورية الأنف ( (T. erebennusالموجود في غرب شمال المحيط الأطلسي.
ربما نشأت الجمجمة الصغيرة وحجم الجسم بناءً على ما تفضل الثدييات تناوله ومدى دفء موطنها.
دلافين منطقة المحيط الهادئ الاستوائية الشرقية تتغذى في الغالب على الحبار والأسماك الصغيرة، وعلى الرغم من أنها تعيش في الخارج وتصطاد في المياه العميقة، لكن المحيط الذي تسبح فيه لا يزال أكثر دفئًا من ساحل كاليفورنيا، حيث تتدفق التيارات الباردة.
يناسب حجم الجسم الصغير هذه البيئة بشكل جيد؛ إذ يسمح بالتكيف مع الحرارة بشكل أكثر كفاءة.
ومن المثير للاهتمام، أن الباحثين في ميامي لاحظوا أيضًا بعض الاختلافات المورفولوجية الدقيقة في الدلافين قارورية الأنف التي تعيش قبالة سواحل كاليفورنيا. كان مظهر أولئك الذين يسبحون بالقرب من الشاطئ في خليج كاليفورنيا مختلفًا قليلاً عن أولئك الذين يعيشون بعيدًا عن الشاطئ.
لم يكن التناقض صارخًا تمامًا كما هو الحال بالنسبة لدلافين منطقة المحيط الهادئ الاستوائية الشرقية، لكن بحسب المؤلفين كانت هاتان المجموعتان في كاليفورنيا في المراحل الأولى من الانقسام.
هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات الجينية لتأكيد هذه النتائج، ولكن في جميع الاحتمالات، فإن الدلافين الشائعة لها قواسم مشتركة أقل مما كان يعتقد العلماء سابقًا.
كتب المؤلفون: «تتواصل أيضًا مشاهدة الدلافين قارورية الأنف جنوب منطقة المحيط الهادئ الاستوائية الشرقية، إلى شرق جنوب المحيط الهادئ، حيث يوجد المزيد من الأنماط البيئية الساحلية والبحرية».
ربما سنجد المزيد من الأنواع الفرعية في الجنوب.
نُشرت الدراسة في مجلة تطور الثدييات.
ترجمة: ولاء سليمان
المصدر: sciencealert