تقدم الأنواع الجديدة من «الديناصورات القزمة» مزيدًا من الأدلة على «قاعدة الجزيرة»، التي تفترض أن الحيوانات التي تتطور على الجزر تصبح أصغر من نظيراتها في البر الرئيسي.
إذا كنت تفكر في ترانسيلفانيا، فقد تتخيل مكانًا يسكنه مصاصو الدماء والمستذئبون. الآن، يمكنك إضافة «الديناصورات القزمة» إلى تلك القائمة. حددت مجموعة من الباحثين مؤخرًا نوعًا جديدًا من الديناصورات من المنطقة، وأطلقوا عليها اسم ترانسيلفانياصورس بلاتيسيفالوس «Transylvanosaurus platycephalus»، أو «الزواحف ذات الرأس المسطح من ترانسيلفانيا». وهي جزء من مجموعة الديناصورات القزمة التي تطورت لتكون أصغر بكثير من أقاربها.
ترانسيلفانياصورس بلاتيسيفالوس هو أحد أفراد عائلة رابدودونتيديا «Rhabdodontidae»، وهي مجموعة من ديناصورات أورنيتوبود العاشبة التي عاشت منذ حوالي 70 مليون سنة خلال العصر الطباشيري المتأخر (145 مليون إلى 66 مليون سنة مضت). في هذه المرحلة من ماضي الأرض، تطورت النباتات المزهرة، ومعها الملقحات الأولى، وكان أسلاف الطيور القدامى بدأوا للتو بالطيران. انقسمت شبه القارة العملاقة بانجيا إلى عدة قارات أصغر وكانت أوروبا أرخبيلًا من الجزر الاستوائية، مثل إندونيسيا الحديثة أو جزر غالاباغوس.
في دراسة جديدة نُشرت على الإنترنت في 23 نوفمبر في مجلة علم الحفريات الفقارية، وصف الباحثون الأنواع المكتشفة حديثًا من شظايا عظام من الجبهة ومن الجزء السفلي الخلفي من الجمجمة. أثناء حياته، كان يبلغ طول ترانسيلفانياصورس بلاتيسيفالوس 6.5 قدمًا (2 مترًا) فقط. كان رأسه عريضًا ومسطحًا وعاش جنبًا إلى جنب مع الزواحف الأخرى، مثل التماسيح والسلاحف.
اقترح بحث سابق أن تنوع الديناصورات قد انخفض بالفعل بشكل كبير في هذه المرحلة من تاريخ الأرض، قبل الانقراض الجماعي الذي أنهى العصر الطباشيري. لكن قد يشير هذا الاكتشاف الجديد إلى أن أشكال الديناصورات المتنوعة كانت لا تزال جزءًا كبيرًا من مشهد أوروبا الطباشيري.
يقول فيليكس أوغستين، مؤلف الدراسة الرئيسي ومرشح الدكتوراه في جامعة توبنغن في ألمانيا في بيان: «مع كل نوع مُكتشَف حديثًا، ندحض الافتراض السائد بأن حيوانات العصر الطباشيري المتأخرة كان لديها تنوع منخفض في أوروبا».
والحجم الضئيل للديناصور يجعله أحدث عضو في ما يسمى بعائلة الديناصورات القزمة الموجودة في منطقة هاتيغ في رومانيا (ترانسيلفانيا هو الاسم التاريخي والثقافي للمنطقة في وسط رومانيا). ديناصورات هاتيغ القزمة هي مجموعة من الديناصورات التي أسرت علماء الحفريات منذ اكتشافها في أوائل القرن العشرين. في عام 2010، حددت مجموعة أخرى من الباحثين أنه خلال أواخر العصر الطباشيري كانت هناك جزيرة تمتد على حوالي 30900 ميل مربع (80 ألف كيلومتر مربع) تقع في منطقة هاتيغ حيث عثر العلماء على هذه الديناصورات القزمة.
تحتوي الجزر عادة على أنواع أصغر من المعتاد. يوجد اليوم الليمور القزم على جزيرة في شمال مدغشقر وثعالب قزمة في جزر كاليفورنيا. قبل عشرة آلاف عام، عاشت الفيلة القزمة وأفراس النهر القزمة على جزر في البحر الأبيض المتوسط. في دراسة نُشرت في عام 2021 في مجلة Nature Ecology and Evolution، حلل الباحثون آلاف التقارير عن تغيرات حجم الجسم لأكثر من ألف نوع ووجدوا أن «قاعدة الجزيرة» صحيحة عمومًا، فعلى مدى أجيال، تميل الحيوانات الكبيرة إلى أن تصبح أصغر عندما تكون معزولة في جزيرة.
يوجد بعض الفرضيات التي تفسر سبب انكماش الحيوانات على الجزيرة. قد يكون عدم وجود الحيوانات المفترسة الكبيرة يسمح للحيوانات بالبقاء صغيرة، بحسب عالمة الأنثروبولوجيا التطورية كاتلين تشيرين في عام 2016 في مجلة الأنثروبولوجيا Sapiens. كتبت تشيرين أن النظم البيئية للجزيرة قد تقدم تنوعًا أقل في الغذاء، مما يؤدي إلى توقف نمو بعض الحيوانات. وإذا لم تكن هناك حيوانات مفترسة كبيرة في الجزيرة، فلن تختفي تلك الحيوانات الصغيرة.
خلال أواخر العصر الطباشيري، كانت ديناصورات رابدودونتيديا هي العواشب الصغيرة إلى المتوسطة الأكثر شيوعًا في ما يعرف الآن بأوروبا. في الدراسة الجديدة، لاحظ الباحثون وجود أقارب ترانسيلفانياصورس بلاتيسيفالوس في فرنسا الحديثة، والتي كانت في ذلك الوقت جزيرة منفصلة. مع تشكل الأرخبيل وتقلب مستويات سطح البحر، سمحت الجسور البرية بين الجزر للديناصورات بالانتشار والتطور بمعزل عن بعضها البعض.
اقترح أوغستين: «قد يكونون تفرقوا بين الجزر عن طريق السباحة لمسافات قصيرة، إذ تمتلك الديناصورات أرجلًا قوية وذيل أقوى. معظم الأنواع، وخاصة الزواحف، يمكنها السباحة منذ الولادة».
ترجمة: ولاء سليمان
المصدر: livescience