يمكن أن تعود أصول الطيور الحديثة إلى وحشيات الأرجل، فرع من أكلة اللحوم في شجرة عائلة الديناصورات.
ما القاسم المشترك بين العصافير والإوز والبوم مع الفيلوسيرابتور أو التيرانوصور ريكس؟ يمكن تتبع أصولها إلى مجموعة من الديناصورات ذات القدمين، معظمها آكلة لحوم تسمى الثيروبودات («وحشيات الأرجل») التي ظهرت لأول مرة منذ حوالي 231 مليون سنة، خلال أواخر العصر الترياسي.
تتشارك الطيور الأولى قواسمًا كثيرة مع أقاربها من الثيروبودات، بما في ذلك الريش ووضع البيض. ومع ذلك، فإن بعض السمات – كالطيران المستمر الذي يتطلب الطاقة – ميزت الطيور القديمة عن الثيروبودات الأخرى، وفي النهاية باتت المحدد الأساسي لسلالة الطيور الحديثة (رغم أن بعض الطيور الحديثة لا تطير).
اليوم، انقرضت جميع الديناصورات غير الطائرة منذ فترة طويلة. لكن هل ماتزال الطيور تعتبر ديناصورات حقيقية؟
باختصار: نعم.
قالت جوليا كلارك، عالمة الحفريات التي تدرس تطور الطيران والأستاذة في قسم العلوم الجيولوجية بجامعة تكساس في أوستن: «الطيور ديناصورات حية، تمامًا كما نحن البشر ثدييات حية».
على الرغم من الاختلافات الفيزيائية التي تميز جميع الثدييات عن الأنواع الأخرى، يمكن لكل حيوان في تلك المجموعة – حي ومنقرض – تتبع خصائص تشريحية معينة إلى سلف مشترك. ونفس الشيء ينطبق على الطيور، كما قالت كلارك لـ Live Science.
وقالت: «إنها شديدة التداخل مع الفرع من شجرة الديناصورات. جميع أنواع الطيور اليوم من نسل سلالة واحدة من الديناصورات: ديناصورات الثيروبود».
ما الذي يجعل الطير طيرًا؟
الطيور الحديثة تمتلك أجسامًا وأذيال يكسوها الريش وعظام كتف مهملة ومناقير عديمة الأسنان وأطراف أمامية أطول من الخلفية. لديها أيضًا صفيحة عظمية في نهاية أذيالها تسمى الصفيحة المحراثية. تحتوي الأنواع الأخرى من الثيروبودات المنقرضة على واحدة أو أكثر من هذه الميزات، إنما فقط الطيور الحديثة هي من تمتلك جميع هذه الخصائص، وفقًا لتاكويا إيماي، الأستاذ المساعد في معهد أبحاث الديناصورات في جامعة محافظة فوكوي في فوكوي، اليابان.
طائر بدائي من اليابان يُدعى Fukuipteryx يبلغ من العمر 120 مليون عام وصفه إيماي في نوفمبر 2019 وأقدم طائر معروف مع صفيحة محراثية. كانت البنية المحفوظة تشبه إلى حد كبير صفيحة المحراثية الدجاج الحديث، كما قال إيماي سابقًا لـLive Science . بعبارة أخرى، يمكن إرجاع بعض الهياكل في الطيور الحديثة إلى بعض أسلافها الأوائل.
ومع ذلك، قال جينغماي أوكونور، عالم الحفريات المتخصص في الطيور في عصر الديناصورات والانتقال من الديناصورات غير الطائرة، في معهد علم الحفريات الفقارية وعلم الإنسان القديم في بكين، الصين، إن الطيور البدائية مايزال لديها الكثير من القواسم المشتركة مع الثيروبودات غير الطائرة.
في الواقع، كانت الطيور المبكرة «وثيقة الشبه بالديناصورات» مقارنة بالطيور الحديثة، كما قال أوكونور لـ Live Science في رسالة بالبريد الإلكتروني. وقالت: «كان لبعض الطيور ذيول طويلة زاحفة وأسنان ومخالب على أيديها». ووفقًا لكلارك، فإن العديد من الديناصورات الثيروبودية التي لم تكن طيورًا امتلكت ريشًا حقيقيًا «ريش له جزء مركزي أسفل المنتصف وقصيبات متفرعة».
قال كلارك إن علماء الحفريات يميزون بين المجموعات الحيوانية من خلال قياسات دقيقة للاختلافات الدقيقة في العظام وأنسجة الجسم المتحجرة الأخرى، بما في ذلك «النتوءات الصغيرة والحديبات [انتفاخ مستدير على العظام] المرتبطة بإعادة تنظيم مجموعات العضلات المختلفة».
وأوضح أوكونور أن هذه البيانات المورفولوجية تُترجم إلى أرقام تُعالج بعد ذلك بخوارزميات لتحديد كيفية ارتباط الحيوانات. باستخدام هذه الخوارزميات ضمن نظام يعرف باسم التصنيف التفرعي، يمكن للخبراء التمييز بين الطيور القديمة وأقاربها من الثيروبودا.
الطيور الأولى
أقدم طائر معروف هو أركيوبتركس « Archaeopteryxالجناح القديم» الذي عاش منذ حوالي 150 مليون سنة في ما يعرف الآن بجنوب ألمانيا. بلغ وزنه حوالي رطلين (1 كيلوغرام) وبلغ طوله حوالي 20 بوصة (50 سم)؛ تظهر الأدلة الأحفورية أنه امتلك ريشًا على ذيله وجسمه. يشير شكل أطرافه الأمامية وريشه أيضًا إلى أنه كان قادرًا على الطيران ببذل الطاقة، وهي سمة مرتبطة بمعظم الطيور الحديثة. ومع ذلك، على عكس الطيور اليوم، احتفظت الأركيوبتركس بأصابع فردية شبيهة بالمخالب عند أطراف أجنحتها.
عُثر على حفريات الطيور من أوائل العصر الطباشيري (145.5 مليون إلى 65.5 مليون سنة) في شمال شرق الصين، مثل طائر كونفوشيوس، الذي عاش منذ حوالي 125 مليون سنة، وكان له منقار وريش ذيل طويل. ذكر Live Science سابقًا أن بعض أحافير طائر كونفوشيوس، الموصوفة في عام 2013، تضمنت عظام نخاعية، وهي نسيج إسفنجي موجود في إناث الطيور الناضجة جنسيًا.
قطعة أخرى من الأدلة الأحفورية تربط الطيور القديمة بأقاربها المعاصرة عن طريق نظامها الغذائي بشكل أقدم كرة شعر معروفة على الإطلاق، وهي كتلة من عظام الأسماك غير القابلة للهضم تقيأها طائر طباشيري في الصين منذ حوالي 120 مليون سنة.
قال أوكونور إن التحليق من السمات المميزة للطيور، ويتطلب أطرافًا أمامية كبيرة مغطاة بريش غير متجانس ومشدود بعضلات قوية.
قال أوكونور: «ضمن السلالة التي تتطور نحو الطيور، على الأرجح هي سلالة ضمن الترودونتيدات [عائلة من وحشيات الأرجل الشبيهة بالطيور]، فإن الطيران هو ما يفصل الطيور عن أقرب أقربائها من الديناصورات غير الطائرة (غالبًا الترودونتيدات)».
وقال كلارك أنه بعد تطور الطيران، فإن العظام الصغيرة في أجنحة الطيور «تقلصت واندمجت معًا لتعطي هذا الهيكل المتصلب الذي يدعم ريش الجناح».
بعد انقراض الديناصورات غير الطائرة في نهاية العصر الطباشيري، استمرت الطيور في التطور والتنوع، وطورت ميزات أكثر تخصصًا تتعلق بالطيران، مثل بنية استطالية في عظام الصدر (تسمى الزورق)، وعضلات الصدر القوية قال كلارك لتشغيل الضربة السفلية أثناء التحليق.
«نرى عضلات صدرية أكبر وأكبر مرتبطة بهذا القص الزورقي. وهذا التطور جاء بعد ظهور التحليق وما يزال موجودًا في الطيور الحية».
اليوم، ثمة قرابة 10000 نوع من الطيور في جميع أنحاء العالم. قد تكون الطيور صغيرة كالطائر الطنان أو كبيرة كالنعامة؛ قد تحلق كالنسر أو تغوص كالبطريق. ومع ذلك، فهي تنتمي إلى نفس مجموعة الديناصورات الثيروبودية التي فقست الأركيوبتركس قبل 150 مليون سنة.
لذا، في المرة القادمة التي تتساءل فيها عن شكل الديناصورات عندما سارت على الأرض، تأمل طيور النورس التي تتربص البطاطس المقلية على الشاطئ، أو الغراب الذي ينعق على السياج، أو أقرب حمامة تنقر الفتات على الرصيف.
ترجمة: حاتم زيداني
المصدر: livescience