تعطينا طريقة جديدة لتقدير الاختلافات الجينية الكامنة وراء الانتقاء الطبيعي إجابة مفاجئة. لوحظ في الأنواع المدروسة وجود تباين جيني إضافي أعلى بأربعة أضعاف مما كان متوقعًا، مما يشير إلى معدل تطور أسرع نسبيًا.
ومع ذلك، يوجد الكثير من الأسئلة التي لم تجب عنها الدراسة، ويقول المؤلفون إن آثارها يمكن أن تكون إما أخبارًا جيدة أو سيئة لبقاء الأنواع، اعتمادًا على ما إذا كان المعدل المقاس استجابة لتدخل بشري أم لا.
تُعرف الاختلافات الجينية بين الأفراد من نفس النوع باسم «وقود التطور». ومع ذلك، فإن قياسها يمثل تحديًا، إذ يمكننا بسهولة دراسة تنوع سمة معينة، مثل لون الفراء أو الأجنحة، لكن التنبؤ بالصفات التي ستثبت أهميتها للبقاء أكثر صعوبة. إذا ركزنا على بعض الخصائص، فقد يكون هناك شيء مختلف يتطور بدون أن يلاحظه أحد.
شرع فريق دولي كبير في تجنب هذه المشكلة من خلال النظر في الاختلافات في عدد النسل داخل النوع. سيكون القيام بذلك من نقطة الصفر عملية هائلة، لكنهم استندوا إلى الدراسات الحالية طويلة المدى لـ 19 مجموعة برية من 15 نوع من الثدييات والطيور، وأبلغوا عن تحليلهم في مجلة Science.
يعتمد البحث على الاعتراف بأن ما يهم الانتقاء الطبيعي هو القدرة على إنتاج أحفاد. السمات المحددة هي مجرد وسيلة لتحقيق ذلك، أي إذا أردت استكشاف التنوع، يجب عليك أن تنظر في عدد النسل الذي أنتجه كل فرد.
اعترف المؤلف الأول، الدكتور تيموثي بونيت، من الجامعة الوطنية الأسترالية أن المقياس ليس مثاليًا. يقول: «يمكن للفرد أن ينجب الكثير من الأطفال ولكن هؤلاء الأطفال بدون أي أهمية». قد يكون عدد الأحفاد أو أحفاد الأحفاد أكثر أهمية منهم.
ومع ذلك، يعتقد بونيه أن مقياس الفريق للنظر إلى جيل واحد فقط قد يكون «محصنًا نسبيًا» من التشويه من قبل الأشخاص الذين يفضلون الكمية على الجودة في التكاثر.
علاوة على ذلك، كان البحث بالفعل يتطلب الكثير. وقال بونيه في بيان «لإجراء هذه الدراسة، كنا بحاجة إلى معرفة متى ولد كل فرد، ومن يتزاوج معه، ومتى أنجب الأطفال، ومتى ماتوا».
وقال بونيه إن المشاريع بشكل فردي هي مهام هائلة، وتستمر لمدة 30 عامًا في المتوسط «وتزود الفريق بـ 2.6 مليون ساعة من البيانات الميدانية المذهلة» مجتمعة. علاوة على كل ذلك، احتاج مؤلفو الورقة البحثية بعد ذلك إلى إيجاد طرق للتحكم في العوامل غير الجينية مثل التعلم الاجتماعي في الأنواع التي تربي الصغار بشكل جماعي جزئيًا.
ليس من المستغرب وجود معدلات تطور مختلفة للأنواع المختلفة. ثبت أن الضباع التنزانية المرقطة هي الأسرع من بين خمسة عشر حيوان قورنت به، كان معدل تطورها يقارب أربعة أضعاف التقديرات السابقة. كان البعض الآخر أبطأ، لكن ما يزال ضعف ما كان متوقعًا. لم يلاحظ أي أنماط واضحة بشأن الأنواع التي تتطور بشكل أسرع، وهو أمر غير مفاجئ بالنظر إلى العينة الصغيرة.
بحسب بونيه، نحن نعلم مدى سرعة تطور الحيوانات على مدى ملايين السنين. «هذه المعدلات بطيئة للغاية، لكن ذلك نسخة متقنة من التطور. سجل الحفريات متناثر للغاية، وقد نجد عينة فقط كل بضع مئات الآلاف من السنين. إذا كان التطور مدفوعًا في اتجاه واحد لفترة ثم في اتجاه آخر فسوف نفقد ذلك».
كانت جميع الدراسات على الطيور والثدييات، لم يستثمر أحد الوقت اللازم لتتبع أسلاف مجموعات الزواحف أو الحشرات بمثل هذه التفاصيل. صرح بونيه: «من الصعب للغاية معرفة ما إذا كانت فروع الحياة الأخرى ستتمتع بنفس مستويات التباين، وبالتالي الاستجابات المماثلة للانتقاء الطبيعي». ويضيف: «لا توجد أسباب معروفة لاختلاف الأشياء [بين الحيوانات الأخرى]».
من الممكن تفسير النتائج على أنها أخبار جيدة. كلما تطورت الحيوانات بشكل أسرع، كانت فرصها في البقاء على قيد الحياة أفضل، وهو بالتأكيد الأكثر تحديًا في 65 مليون سنة.
لسوء الحظ، يوجد احتمال أكثر تشاؤمًا، فبحسب بونيه: «كافحت الحيوانات المدروسة بالفعل مع الظروف المتغيرة في الأنثروبوسين، وتسارعت معدلات تطورها استجابةً لذلك. إذا كان الأمر كذلك، فقد تحتوي التقديرات السابقة بالفعل على تقييمات دقيقة لتطور خط الأساس، لكن الأمور تغيرت بالفعل بالنسبة لمعظم الحياة على الأرض، مما يشير إلى مخاطر أكبر للانقراض».
قال بونيه: «لا يخبرنا ذلك بأي شيء عن المستقبل». لذلك، ستكون هناك حاجة إلى مزيد من البحث.
ترجمة: ولاء علي سليمان
المصدر: iflscience