طورت هذه المخلوقات مظاهر فريدة وقوى خارقة مثيرة للإعجاب وبعض العادات الغريبة.
1- الضفدع غير المرئي
تخفي معظم المخلوقات أعضاءها الداخلية تحت طبقات واقية متعددة من الجلد والأنسجة والعظام. ولكن ماذا لو كانت هذه الطبقات شفافة؟
بالنظر إلى ضفدع زجاجي من الأعلى، قد لا تلاحظ أي شيء خارج عن المألوف. لكن إذا قلبته، ستجس قلبًا صغيرًا سريع النبض، ووريدًا طويلًا أحمر، وقسم من الأمعاء المتشنجة التي تهضم الطعام المأكول. تطورت هذه البرمائيات لتملك بشرة رقيقة وشفافة للغاية.
لماذا تطورت هذه الضفادع لتكون شفافة؟ في حين أن الجلد الرقيق لهذه الضفادع يعرض تشريحها الداخلي بالكامل، عندما يسطع الضوء على الضفادع من أعلى فإن صورتها الظلية تصبح مشوشة للحيوانات المفترسة، وفقًا لدراسة نُشرت في 9 يونيو في مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم (Proceedings of the National Academy of Sciences).
تعيش هذه الضفادع في الغابات المطيرة في أمريكا الوسطى والجنوبية وتقضي معظم وقتها على أوراق الشجر. نظرًا لأن الضفادع محاطة بالخضرة المورقة، فإن معاطفها الخضراء النابضة بالحياة مثالية للتمويه. ووجدت الدراسة أن أرجلهم الأكثر شفافية تشوش حدود أجسامهم، مما يجعل من الصعب على الحيوانات المفترسة التعرف على شكل الضفادع.
2- علاقة الدبور بالتين
غالبًا ما تتشكل العلاقات غير المحتملة في البرية. فمثلًا وجدت دبابير التين منزلاً مناسبًا داخل ثمرة التين. فاكهة التين هي في الواقع حزمة من الأزهار الصغيرة التي تعتمد على دبابير التين في التلقيح. في المقابل، توفر زهرة التين منزلًا مريحًا وآمنًا للدبابير خلال حياتها القصيرة جدًا.
وفقًا لجمعية علم الحشرات الهولندية، تستعد إناث دبابير التين عندما تفقس «لشم» أشجار التين المستقبلة، أو تلك التي تكون أزهارها جاهزة للتلقيح. وبحسب وكالة خدمة الغابات التابعة للولايات المتحدة ستبحث الدبابير بشكل غريزي، عن الرائحة الخاصة المنبعثة من أزهار التين الأنثوية. بمجرد العثور على التين المطلوب، تحفر الدبابير طريقها إلى الزهرة الناعمة الحلوة من خلال فتحة في نهاية «فاكهة» التين. الحفرة صغيرة جدًا لدرجة أن العديد من الدبابير تفقد أجنحتها وأجزاء من هوائياتها. بمجرد دخولها إلى فاكهة التين، تكون إناث الدبابير محمية وبعيدة عن الأنظار، وقادرة على وضع بيضها. وفقًا لمجلة علم النيماتولوجيا، لن ترى الدبابير العالم الخارجي مرة أخرى. تموت الإناث بعد 24 ساعة فقط من وضع بيضها.
عندما تفقس دبابير التين، تتزاوج الذكور مع الإناث، قبل حفر طرق الهروب من التين للإناث. تقضي ذكور الدبابير حياتها بأكملها في التين وتموت بعد وقت قصير من إنتاج الأنفاق.
أبقى هذا السلوك الغريب هذا النوع من الدبابير على قيد الحياة لأكثر من 60 مليون عام، وفقًا لمقال نُشر في عام 2005 في مجلة Proceedings of the Royal Society B. يجب على التين شكر هذه الحشرات على استمرار وجودها، إذ تنشر حركتها من فاكهة تين إلى أخرى غبار الطلع الخاصة بها.
3- السمكة الماشية
تعتبر الأسماك الماشية المكسيكية (Ambystoma mexicanum)، والتي تسمى أيضًا قنافذ البحر، مخلوقات غريبة: لا تمتلك هذه «الأسماك» تسريحة شعر بارزة وشائكة فحسب، بل يمكنها أيضًا «المشي». عندما تقترب هذه الأسماك من قاع بحيرة أو قناة، تنبعث أربعة أرجل من جوانبهم للزحف باتجاه موطنهم المستنقعي في مكسيكو سيتي.
على الرغم من أنها تبدو مثل الأسماك مفرطة النمو، لكنها في الواقع من البرمائيات. غالبًا ما تبدأ البرمائيات حياتها مجهزة بخياشيم حتى تتمكن من التنفس تحت الماء حتى تنضج وتفقد خياشيمها، وتكون جاهزة للحياة على الأرض. لكن تحافظ قنافذ البحر على خياشيمها الصغيرة وتبقى في الماء، وهي ظاهرة تسمى استدامة المرحلة اليرقية، وفقًا لمقال في مجلة نيتشر.
لا تترك المياه مطلقًا، عُثر على قنافذ البحر في بحيرات سوتشيميلكو Xochimilco بالقرب من مدينة مكسيكو. يصل طولها إلى 12 بوصة (30 سم)، وتتغذى على الحشرات الصغيرة والديدان والرخويات والقشريات. تاريخياً، كانت هذه المخلوقات المبتسمة على قمة السلسلة الغذائية، لكن تهدد أنواع الأسماك الغازية، مثل البلطي وأسماك الكارب التي تأكل قنافذ البحر الصغيرة، إضافة إلى التلوث بقاءها الآن.
4- الذكور الحوامل
لا يتعين على الإناث دائمًا تحمل وطأة الحمل. وفقًا لمجلة Scientific American، بالنسبة لفرس البحر وأسماك الأنابيب وتنانين البحر، وأسماك السينغاتيادي Syngnathidae، فإن الذكور هم الجنس الذي يحمل الأجنة. تحمل فرس البحر وسمك الأنابيب صغارها داخل أكياس الحضنة، لتزويدها بالعناصر الغذائية مثل الدهون الغنية بالطاقة من خلال أنسجة الكيس، بينما يلتصق بيض تنانين البحر بالخارج من جهة ذيل الذكر.
هل هناك أي فائدة من هذا الترتيب؟ وفقًا لناشيونال جيوغرافيك National Geographic نظرًا لأن الإناث يمكن أن تركز فقط على صنع البيض (ترك أدوار تربية الأطفال الأخرى للذكور)، يمكن أن تلد فرس البحر في الصباح وتحمل مرة أخرى في المساء. يساعد هذا على زيادة أعداد الأنواع لزيادة فرصة البقاء على قيد الحياة.
تقل احتمالية استنزاف الطاقة من الإناث نتيجة لوقوع عبء الحمل على الذكور. فوفقًا لأكسفورد أكاديميك Oxford Academic تستهلك الإناث طاقة أكبر عادة في إنتاج البويضات مقارنة بالذكور في إنتاج الحيوانات المنوية. تنقسم بذلك صرف الطاقة بشكل أكثر توازنًا بين الجنسين.
5- أقران الطفيليات
يتنوع مظهر أسماك أبو الشص الذكور والإناث لدرجة أنك قد تعتقد أنهما نوعان مختلفان للوهلة الأولى. الإناث أطول بما يصل إلى 60 مرة وأثقل نصف مليون مرة من شركائهن الذكور. عندما لاحظ العلماء لأول مرة الذكور مع أنثى أبو الشص، اعتقدوا أنهم كانوا ينظرون إلى أم وصغارها، وفقًا لمقال نُشر في مجلة الجمعية الأمريكية لعلماء الأسماك وعلماء الزواحف.
الصور الأكثر شيوعًا الموجودة لأسماك أبو الشص هي للإناث. تتواجد أسماك أبو الشص الإناث في الغالب في أحلك أعماق المحيطين الأطلسي والقطب الجنوبي، وكأنها خارجة من أحد الكوابيس: قضبان ضوئية تتدلى من وجوهها وأنياب كبيرة بشكل مرعب تبرز من أفواهها.
لكن وصول الذكور يجعل كل شيء أكثر غرابة. عند التزاوج، يتصرف ذكر سمكة أبو الشص مثل الطفيلي، وفقًا لمجلة نيو ساينتست. يعض الذكر الصغير في جانب الأنثى المختارة، ويدمج جسده بجسمها حتى يتمكن من سرقة العناصر الغذائية منها عن طريق امتصاص دمها. وبما أن الذكر لا يحتاج إلى السباحة أو الرؤية، تبدأ عيناه وزعانفه وبعض الأعضاء الرئيسية في التدهور. بحسب مجلةLive Science يحصل على كل ما يحتاجه بجهد ضئيل، في حين أن مسؤولياته الوحيدة هي توفير الخلايا الإنجابية عندما يحين الوقت. يطلق بعد ذلك الذكر والأنثى الحيوانات المنوية والبويضات، على التوالي، في الماء للتخصيب.
6- قنديل البحر الخالد
هل تمنيت يومًا أن تعود بالزمن للوراء عندما كنت صغيرًا وتبدأ الحياة من جديد؟ مع مرور الوقت، صُممت أجسادنا للنمو والتقدم في العمر والموت في النهاية. ومع ذلك، لا تتبع كل الأنواع هذه الدورة، ومثال ذلك، أحد أنواع قنديل البحر الخالد هو توريتوبسيس دوهرني.
في حال أصيب قنديل البحر أثناء أحد المواجهات أو في حالات الجوع وعدم وجود مصادر غذائية يفعّل زر «إعادة الضبط»، وفقًا للمتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي (AMNH). يعود قنديل البحر البالغ إلى مرحلة نمو سابقة بعد تفعيله عملية إعادة الضبط هذه، ويتحول إلى شكل بوليبي (بشكل سليلة مخاطية). تتابع السليلة بعد ذلك دورة حياتها في النمو وتولد الكثير من قناديل البحر المتطابقة وراثيًا، أو المخلوقات ذات المجسات التي نسميها قنديل البحر. يعتقد العلماء أن قنديل البحر الخالد يستخدم عملية تسمى التمايز التبادلي لتحقيق هذا التجدد. تفسير المتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي لهذه العملية أنه يمكن لخلية بالغة تمايزت في نسيج معين أن تتحول إلى نوع مختلف من الخلايا المتمايزة عند قناديل البحر.
في أكبر حالاتها، لا يزيد عرض قناديل البحر البالغ عن 0.2 بوصة (5 ملم). اكتُشفت قناديل البحر هذه لأول مرة في عام 1883 في البحر الأبيض المتوسط ، لكنها اكتسبت لقب قنديل البحر الخالد فقط في منتصف التسعينيات. لاحظ طالب ألماني الظاهرة الغريبة بينما كان يدرسها في المختبر. بحسب ما نشره موقع The Biologist والجمعية الملكية لعلم الأحياء، عندما تعرض حيوان قنديل البحر البالغ للإجهاد، سقط في قاع الوعاء الذي يحتويه وعاد مباشرة إلى الشكل البوليبي، متخطيًا أي إخصاب أو مرحلة اليرقات. صاغها العلماء بجملة «فراشة تتحول مرة أخرى إلى يرقة».
يأمل الباحثون في معرفة آلية قناديل البحر في وصولها إلى الحياة الأبدية. وفقًا لمقال موقع The Biologist «يدرس العلماء الآن جينوم Turritopsis dohrnii وسيشكل فك شيفرته الخطوة الأولى في البحث عن مفتاح الخلود».
ترجمة: ولاء سليمان
المصدر: livescience