قد يبدو حيوان التوتارا الحديث (Sphenodon punctatus) (أو الطراطرة وهي أحد أنواع الزواحف التي تشبه السحلية) الموجود في نيوزيلندا مثل السحلية، لكنه في الواقع آخر بقايا نظام غامض وقديم من الزواحف المعروفة باسم رينكوسيفاليانس Rhynchocephalians. بلغ الرينكوسيفاليانس ذروته في العصر الجوراسي، ثم اختفى في الغالب من السجل الأحفوري. تستطيع هذه المخلوقات الغريبة ذات الفكوك التي تنزلق للخلف وللأمام والعين الثالثة في أعلى رؤوسها أن تعيش لأكثر من قرن، وتفضل المناخ البارد.
أدى تناقصها في أعقاب العصر الجوراسي إلى ظهور سجل أحفوري غير مكتمل، مما زاد من صعوبة إجراء دراسة كاملة للتوتارا وتطور سماتها غير العادية. في دراسة جديدة في مجلة Communications Biology، فحص تياغو سيموس (Tiago Simões) وهو زميل ما بعد الدكتوراه مع البروفيسور ستيفاني بيرس نوعًا جديدًا من السفينودونتاين sphenodontian من أوائل العصر الجوراسي لأمريكا الشمالية، وأظهروا أن التوتارا الحديثة تغيرت بنسبة قليلة جدًا عن سلفهم البالغ 190 مليون عام.
اكتشف سيموس وبيرس العينة في متحف هارفارد لعلم الحيوان المقارن (MCZ) حيث يعمل بيرس أمينًا لقسم الحفريات الفقارية. كان بيرس يفرز الحفريات في المتحف ووجد العينة. كانت هذه العينة موجودة في درج المتحف لعقود. اكتُشفت الحفرية في عام 1982 في شمال ولاية أريزونا في كاينتا. أطلق بيرس وسيموس اسم نافاجوسفينودون ساني Navajosphenodon sani على الحيوان، والذي يعني «الشيخوخة» بلغة النافاجو لقبيلة نافاجو التي تعيش في المنطقة التي عثروا فيها على الحفرية.
استخدموا التصوير المقطعي المحوسب لفحص الحفرية ثلاثي الأبعاد، ثم جمعوا بعد ذلك الجمجمة المفلطحة رقميًا للكشف عن هيكل الحيوان الكامل. على الرغم من أن الجسم كان يشبه السحلية، لكن هيكل الجمجمة يشبه التوتارا. كان لدى نافاجوسفينودون ساني صفوف متشابهة من الأسنان الحادة المتشابكة التي تمتد مباشرة من عظم الفك. ولديه ثقبين خلف العين وهي سمة أساسية تميز التواتارا عن السحالي، التي تملك ثقبًا واحدًا فقط. قال سيميس: «كل هذه السمات واضحة تمامًا للتوتارا الحديثة ولا تشبه ما نراه في أي زواحف حديثة أخرى».
يشكل نافاجوسفينودون ساني أول جمجمة شبه كاملة لأي حفرية من السفينودونتينات في أي مكان في العالم. وهي أيضًا من بين أقدم السفينودونتينات المعروفة، إضافة للسينوسفينودون من أوائل العصر الجوراسي المتوسط في المكسيك، مما يجعل بياناتها القحفية مفتاحًا للتعرف على ميزات الجمجمة لأحفوريات السبينودونتينات المحتملة. وضع سيموس وبيرس نافاجوسفينودون ساني بالقرب من قاعدة سلالة التوتارا باعتباره أول تشعب وأقدم إيلينودونتاين، وبالتالي امتد أصل هذا الفرع الحيوي إلى أواخر العصر الترياسي.
تظهر دراسة سيموس وبيرس أن أجسام التوتارا الحديثة ظهرت في العصر الجوراسي ولم تتغير كثيرًا خلال الـ 190 مليون سنة الماضية، مما يدعم أن هذه الزواحف هي «انشقاقات حية». يقول سيميس: «معدلات التطور البطيئة لا تعني بالضرورة غياب التطور».
قال بيرس: «لماذا تطورت التوتارا الحديثة وأنسابها ببطء شديد لفترة طويلة من الزمن هو سؤال أكبر وأصعب قليلاً». «إننا بحاجة إلى المزيد من الحفريات».
تم نقل المقال من harvard.edu بالتصرف.
ترجمة: ولاء سليمان
اقرأ أيضًا: نعلم وأخيرًا بفضل أحافير جديدة كيف تزاوجت ثلاثيات الفصوص