مخلوقات مثل القشريات والتي عاشت خلال العصر الكمبري، تركت ورائها جهاز عصبي مركزي والذي كان يمتد في جميع أنحاء الجسم، مع كتل واضحة من الأنسجة.
أسلاف المفصليات
وفقًا للعالم المساعد في الدراسة خافيير أورتيغا هيرنانديز Javier Ortega-Hernández- وهو عالم أحياء بقسم علم الحيوان بجامعة كامبريدج بالمملكة المتحدة ، فإنّ كائنات الـ Chengjiangocaris kunmingensis عاشت في العصر الكمبري (وهي الفترة الجيولوجية التي تنوعت فيها أشكال الحياة علي الأرض بصورة سريعة) وكان ينتمون إلى فصيلة من أسلاف المفصليات تسمي fuxianhuiids. وكان لهذه الأسلاف من الحشرات، والعناكب، والقشريات رؤوس مدرعة، مع أجسام طويلة ومجزأة تحمل أسفلها أزواج عديدة من الأرجل، وكل جزء يحمل ثلاثة أو أربعة أزواج من الأرجل. وهذه المخلوقات عاشت في أعماق البحر، واستخدموا أطراف طويلة تتواجد بالقرب من رؤوسهم حتى يتمكنوا من وضع الطعام داخل أفواههم.
وقد أخبر خافيير مجلة (Live science) في رسالة بالبريد الإلكتروني «أن بعض الهياكل الضخمة يمكن أن يصل طولها إلى 15 سنتيمتر (6 إنشات)، ويمتلكون على الأقل ثمانبن رجل».
ولكن حتى الآن، لم يتم إلا اكتشاف القليل حول كيف تبدو هذه المخلوقات من الداخل. والحفريات عادة ما تزود العلماء بسجلات عن العظام، الأسنان، الأصداف، وغيرها من الأعضاء العظمية الصلبة، بينما تتفتت الأنسجة اللينة بسرعة كبيرة جدًا، مما يجعلها تتحلل بمرور الزمن ويصبح من الصعب الاحتفاظ بها. ولكن في بعض الأوقات تسود بعض الظروف والتي تسمح للأعضاء الأكثر حساسية بأن يتم تحجيرها وحفظها جيدًا.
وفقًا لـ أورتيغا فإنّ منطقة (زايشيبا بولاية كونمينغ بجنوب الصين the Xiashiba area، Kunming، South China) وهي المنطقة التي وُجدت فيها هذه العينات، مشهورة عالميًا لاحتوائها على حفريات لأجساد الحيوانات الرخوة. وقد أوضح أنّ هذه الحيوانات تم دفنها على الأرجح في رواسب دقيقة، في بيئة تفتقر للأكسجين، والذي من شأنه أن يحمي الهياكل من جامعي القمامة والميكروبات، ويساعد أيضًا على إبطاء عملية التحلل أو حتى إيقافها.
يقول خافيير «في نهاية المطاف، فإنّ الهياكل تم حفظها في السجل الأحفوري، والتحلل المحدود يسمح بالاحتفاظ بالتفاصيل المورفولوجية المدهشة».
المفأجاة الكبرى
قال الباحثون أنّ الدراسات سابقة لهذه الفترة، قدمت الحفريات على أنها دليلاَ على أدمغة أسلاف تلك المفصليات، ولكن هذه هي الدراسة الأولي من نوعها والتي تصف وبدقة الجهاز العصبي كاملًا في تلك الفترة القديمة، مع ذكر تفاصيل لم تكن معروفة من قبل.
وعندما فحص العلماء بدقة وعن كثب تلك العقد العصبية الضخمة، وجدوا ألياف يُقدر طولها بحوالي خمسة آلاف من المليميتر، »أقل من عرض شعرة الإنسان« كما وصفها أورتيغا.
وقد صرح أورتيغا لمجلة Live sciences «لقد اندهشنا كثيرًا عندما فحصنا تلك العينات تحت الميكروسكوب، ولاحظنا أنّ الألياف سلمية علي كلا الجانبين» وقال أيضًا «إنه من الصعب التصديق بأنّ شيئا صغيرًا جدًا سيمكن الاحتفاظ به إلى جانب الجهاز العصبي الرئيسي، وذلك بسبب التنظيم الدقيق والفريد من نوعه والغير موجود إلا في المفصليات الحية».
وضحَ أيضًا أورتيغا أنّ الحبل الشوكي، العقد العصبية، والعشرات من الأعصاب والتي تمتد على طول الجانبين يشبه التركيب العصبي للمفصليات الحديثة. ولكن في المفصليات التي توجد على قيد الحياة اليوم فإن عدد الأعصاب تبدو أقل بشكل ملحوظ.
وعدد هذه الأعصاب يبدو أكبر في الديدان المخملية –أبناء عمومة المفصليات- وهذا يفسر بأنّ هذه الميزة تعود إلى آخر سلف مشترك بين المجموعتين.
يقول أورتيغا أيضًا «من الممكن أنه كلما أصبحت المفصليات أكثر تخصصًا في وظيفتها، تمكنوا أيضًا من جعل جهازهم العصبي أكثر كفاءة عن طريق تقليل عدد الأعصاب» مشيرًا إلى أنّ هذه ليست سوى فرضية، مضيفًا «إنه سوف يكون موضوعًا مثيرًا للاهتمام لتناوله في الدراسات المسقبلية».
تم نقل المقال من مجلة الباحثون المصريون بالتصرف.
اقرأ أيضًا: هل سلكت الديناصورات طريق الفناء قبل الارتطام النيزكي؟