النساء لن تشكر الجدات على حياتنا الطويلة فحسب، ولكن الأمر يتعداه؛ لأنهن ساعدن على أن يتطور الرجال للارتباط بزوجة واحدة. اقترحت دراسة جديدة هذه الفرضية.
اُقتُرِّحَتْ فرضية الجدة بواسطة البروفيسور (كريستين) وزملائِها في دراستها الأخيرة بُناءًا على ملاحظاتهم في ثمانينيات القرن الماضي على سكان مجموعة (هازدا-Hazda) البدائية ممن يعيشون على الصيد وجمع الثمار في تنزانيا.
لاحظوا أن النساء الأكبر سنًا في القبيلة يقضين أيامهن في جمع الطعام لأحفادهن، في حين أن كل الرئيسيات والثدييات باستثناء البشر يقومون بجمع طعامهم بأنفسهم بعد الفطام.
اقترحت (هاوكس) من قسم (الأنثروبولوجي) بجامعة (يوتا-Utah) أن الجدات حينما تساعد في إطعام أحفادهن بعد الفطام فإن بناتهن يستطعن إنتاج المزيد من الأطفال على مدى فترات أقل تباعدًا.
قاموا بعدها باستخدام النماذج الحاسوبية لتوضيح أنه بالسماح للإبنات بإنجاب المزيد من الأطفال فإن هؤلاء الإناث الأوائل ممن عِشن طويلًا كفاية ليصبحن جدات، يمررن جينات طول العمر لأحفادهن مما يعطيهم حياة ناضجة أطول كنتيجة لهذا.
أوضحت المحاكاة الحاسوبية للفريق أنه كنقطة بدء فإن 1% فقط من النساء اللاتي عشن حتى بلغن عمر الجدات، أصبح 43% من النساء البالغات جدات في خلال 24000-60000 عامًا، وهذا رقم يتماشى مع الموجود عند السكان البدائيين ممن يعيشون على الصيد وجمع الثمار اليوم.
استخدمت هاوكس وزملائها للدراسة الأخيرة النماذج الحاسوبية من جديد لفحص كيفية تأثير تطور مسألة وجود الجدة على التفاعل بين الذكر والأنثى.
في هذه الدراسة قارنوا المحاكات في النسبة العددية بين الذكر والأنثى في القردة العليا مع نسبتها بالتجمعات البشرية البدائية التي تعيش على الصيد وجني الثمار من إنسان العصر الحديث، ووجدوا أن النسبة بين الذكور المتاحين والإناث القابلة للإنجاب عبر ملايين السنين قد تضاعفت في وجود الجدة، وذلك بمتوسط حوالي 111 ذكر لكل أنثى.
يقول الباحث المساعد (بيتر كيم) من جامعة سيدني: «تعني الزيادة في طول العمر البشري أنه تصبح النساء غير قادرة على الإنجاب بعد انقطاع الطمث، يظل الرجال الأكبر سنًا قادرين على التكاثر».
يقول كيم: «نشأ عن هذا بمرور الوقت خللًا في معدلات الجنس بين الأفراد البالغين القادرين على التكاثر؛ مما زاد من التنافس بين الرجال على النساء التي ما زالت قادرة على الإنجاب».
زيادة المنافسة التي أدّت لتقليل النجاح في العثور على شريكة جعل من الأمر أكثر أهمية للعثور على شريكة والقيام بحمايتها.
يقول كيم: «أجابت الدراسة اللغز حول لماذا يُمثل البشر أنواعًا أحادية الزواج لهذا المدى البالغ، بينما الأنواع الأخرى ليست كذلك. وجود الجدات قاد التغيير في تاريخ الحياة البشرية وسَبَّب هذا وجود تحول في النسبة بين الذكور الخصبة والإناث الخصبة مما أدى لحدوث التحول التالي. فجأة أصبح السلوك الأمثل للذكور أن يرتبطوا بأنثى واحدة للبقاء معها وحمايتها والحصول على جميع أطفالهن من هذه الأنثى».
تم نقل المقال من مجلة الباحثون المصريون بالتصرف.
اقرأ أيضًا: البكتيريا قد تكون مقاومة للمضادات الحيوية المُطوَّرة حديثًا