أثبت علماء الأحياء، من خلال بيانات التحنيط، أن أمخاخ الطيور التي قُتلت برصاص الصيادين كانت أصغر حجمًا من أمخاخ الطيور التي ماتت بطرقٍ أخرى.. تقرير كريستوفر إنتالياتا.
إن التعبير المأثور “مخ عصفور”، الذي يشير إلى صِغَر أو قصور حجم المخ، ليس دقيقًا تمامًا. فانظر للغربان مثلًا والغُرابيات الأخرى، كطيور القيق والعقْعَق. يقول أندرس مولر -عالِم الأحياء التطورية في المركز القومي الفرنسي للبحث العلمي-: “إن كثيرًا من الغُرابِيّات لديها أمخاخ كبيرة نوعًا ما نسبةً إلى أحجام أجسادها، ويمكنها أن تقوم بأعمال مدهشة، ما يجعل من تعبير “مخ عصفور” هذا تعبيرًا مُبَسَّطًا بعض الشيء”، كما يقول. فبعض الطيور ذكيةً جدًّا إلى درجة تؤهلها لأن يُشارَ إليها مجازًا على أنها “رئيسياتٌ يكسوها الريش”.
لكن حتى بين أذكى أنواع الطيور، لا يزال هناك فروقٌ طبيعيةٌ في حجم المخ، وهو ما يُعتبَر عاملًا مُهِمًّا عندما يتعلق الأمر بعملية صيدها. عَمِلَ مولر بمحلٍّ للتحنيط في الدنمارك، يملك بياناتٍ عن 4000 طائر تقريبًا، كانت قد أُحضرت للمحل بغرض التحنيط، منذ عام 1960. كثيرٌ من تلك الطيور التقطها الناس بعد أن عثروا عليها نافِقةً، من جرّاء اصطدامها بنافذةٍ أو سلك كهربي. لكن 300 منها كانت قد أُسْقِطَتْ بالقنص.
عمل فريق مولر على مقارنة أحجام أمخاخ الطيور التي قُتلت بالصيد مع أحجام أمخاخ الطيور الأخرى. وحَرَصَ الفريق على ضَبْطِ المقارنة، باستبعاد عوامل الفرق في العمر، والجنس، وحجم الجسم، والنوع. فوجدوا أن أمخاخ الطيور التي تم اصطيادها كانت في الواقع أصغر حجمًا بنسبة خمسة بالمئة في المتوسط، عن أمخاخ الطيور التي ماتت بوسائل أخرى. ويقولون إن “الشيء المدهش هو أنك إذا أجريت مقارنةً مماثلةً لحجم الكبد أو القلب، لن تجد أيَّ اختلاف على الإطلاق. لذا فإن الأمر هنا يتعلق بالمخ فقط”. وقد نُشِرت النتائج في دورية “بيولوجي لترز” Biology Letters [Anders Pape Møller and Johannes Erritzøe, Brain size and the risk of getting shot].
يَفترِض الباحثون أن الأفراد ذوي الأمخاخ الأكبر حجمًا تملك ما أسْموه “قدرةً أعظم على الهرَب”، أي أنها كانت أفضل في الإفلات من القنص.
ومع بدء موسم الصيد، يُسدِي مولر ملحوظة للصيادين قائلًا: “عندما تجلسون إلى مائدة العشاء لتتناولوا البطة التي تسنّى لكم صيدها، فلتعلموا أنها في أحسن الأحوال كانت أحد الطيور ذات الأمخاخ الصغيرة نسبيًّا”. ولا شك أنها ملحوظةٌ تدعو للتأمل.
اقرأ أيضًا: الإنسان الأول هاجر إلى السعودية قبل 85 ألف سنة
تم نقل المقال من Scientific American بالتصرف.