النحل الطنَّان يسْعَى وراء الزهور التي يحمل رحيقها رائحة النِّيكوتين،ويبْدُو أن تلك المادة تُحسِّن ذاكرة النحل أيضًا. تقرير لكريستوفر إنتالياتا
نَسْتَمْتِعُ نَحْنُ البَشَرُ بِاحْتِساءِ القَهْوَةِ والشَّايِ كَيْ نَحْصُلَ عَلَى دُفْعَةِ النَّشاطِ القَوِيَّةِ الَّتِي يَمْنَحُها الكافيين لِلدِّماغِ. والنَّحْلُ أَيْضًا يَسْتَنْشِقُ أَحْيانًا الرَّحِيقَ الَّذِي يَحْتَوِي بِصُورَةٍ طَبِيعِيَّةٍ عَلَى الكافيين، والَّذِي يَبْدُو أَنَّهُ يُعَزِّزُ ذاكِرَتَهُ، غَيْرَ أَنَّ دِراسَةً حَدِيثَةً تُشِيرُ إِلَى أَنَّ النَّحْلَ يَسْتَمْتِعُ بِمادَّةٍ أُخْرَى مَأْلُوفَةٍ بِالنِّسْبَةِ لَنا يُنْتِجُها النَّباتُ: أَلا وَهِيَ النيكوتين.
فيَقُولُ لارس تشيتكا، أُسْتاذُ عِلْمِ البِيئَةِ السُّلُوكِيِّ والحِسِّيِّ في جامِعَةِ كوين ماري بِلندن: “اتَّضَحَ أَنَّهُ لَيْسَ البَشَرُ فَحَسْبُ، وإِنَّما النَّحْلُ أَيْضًا يَجِدُ صُعُوبَةً فِي التَّوَقُّفِ عَنْ تَناوُلِ النِّيكُوتين”.
دَرَسَ تشيتكا وزُمَلاؤُهُ النَّحْلَ الطَّنَّانَ وهُوَ يَتَرَدَّدُ عَلَى زُهُورٍ مُزَيَّفَةٍ تَحْتَوِي عَلَى مُسْتَوَياتٍ مُخْتَلِفَةٍ مِنَ النِّيكوتين، ووَجَدُوا أَنَّ تَرْكِيزاتِ النيكوتين المُرْتَفِعَةَ بِصُورَةٍ غَيْرِ طَبِيعِيَّةٍ تَدْفَعُ النَّحْلَ بَعِيدًا، فِي حِينِ أَنَّ المُسْتَوَياتِ الطَّبِيعِيَّةَ مِنْهُ تَجْذِبُ النَّحْلَ بِقُوَّةٍ. بَلْ وَوَجَدُوا أَنَّ النَّحْلَ يُمَيِّزُ لَوْنَ الوَرْدَةِ سَرِيعًا إِذا ما كانَتْ تُوَفِّرُ لَها جُرْعَةً مِنَ النِّيكوتين.
وفِي بَعْضِ الأَحْيانِ يَدْفَعُ النَّحْلُ ثَمَنًا باهِظًا لِهَذا التَّفْضِيلِ. “يَعُودُ النَّحْلُ مَرَّةً أُخْرَى إِلَى الزُّهُورِ الَّتِي قَدَّمَتْ لَهُ النِّيكوتين مِنْ قَبْلُ، حَتَّى وإِنْ لَمْ تَعُدْ تِلْكَ الزُّهُورُ تَحْتَوي عَلَى رَحِيق”.
وهَذا قَدْ يَمْنَحُ بَعْضَ النَّباتاتِ الَّتِي تَدْفَعُ بِالنِّيكوتين، مِثْلَ التَّبْغِ، مِيزَةً عَلَى غَيْرِها مِنَ النَّباتاتِ. “هَذا الأَمْرُ يَمْنَحُ هَذِهِ الأَنْواعَ مِنَ النَّباتاتِ مِيزَةً غَيْرَ عادِلَةٍ عَلَى غَيْرِها مِنَ النَّباتاتِ المُنافِسَةِ، إِذْ إِنَّها بِهَذا تَضْمَنُ وَلاءَ الحَشَراتِ المُلَقِّحَةِ حَتَّى لَو كانَتْ، فِي هَذِهِ الحالَةِ، تُقَدِّمُ لَها رَحِيقًا أَقَلَّ جَوْدَةً مِنْ غَيْرِها مِنَ النَّباتات”.
وقَدْ نُشِرَتِ النَّتائِجُ فِي دَوْرِيَّةِ “ساينتفك ريبورتس” Scientific Reports.
وإِذا كانَ الكافيين والنِّيكوتين لَهُما هَذا التَّأْثِيرُ عَلَى النَّحْلِ، فرُبَّما تُخَزِّنُ الصَّيْدَلِيَّاتُ الطَّبِيعِيَّةُ داخِلَ الزُّهُورِ مَوادَّ أُخْرَى تُساعِدُ عَلَى تَعْزِيزِ عَمَلِيَّةِ التَّلْقِيحِ أَيْضًا، وتَجْذِبُ النَّحْلَ إِلَيْها.
اقرأ أيضًا: هل دفعت معتقدات البَشر الدينية الدجاج إلى طريق تطوُّري جديد؟
تم نقل المقال من Scientific American بالتصرف.