إنّ التعرُّض للمضادات الحيوية المُستخدمة قد يُكسِب البكتيريا المعدية مقاومةً ضد الأدوية الجديدة أيضًا ذات الصلة بالأدوية الأصلية. هذا ما يكشفه كريستوفر إنتالياتا.
ربّما كانت أشهر البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية هي بكتيريا Staphylococcus aureus المقاوِمة للميثيسيلين، أو كما يُطلق عليها MRSA. هذه البكتيريا حصينة ضد مجموعة من المضادات الحيوية، وقد تُسبب تلوُّث الدم أو الإصابة بالتهاب رئوي.. أو حتى الموت. وقد يفترض المرء أنّ هذه البكتيريا طورت مقاومة للميثيسيلين من خلال تعرُّضها له.
لكن لا يبدو الأمر كذلك. يبدو أنّ المُسبِّب لنشوء المقاومة هو مضاد حيوي ظهر مبكرًا وذو صلة كيميائية: وهو البنسلين. يقول ماثيو هولدن -المختص بعلم الأحياء الدقيقة الجزيئي بجامعة سانت أندروز في اسكتلندا-: “نعتقد أنّ الاستخدام المُبكر جدًّا للبنسلين هو ما دفع سُلالات البكتيريا إلى تطوير هذه الآليات”.
وقد عمل هولدن وفريقه على تحليل جينومات سُلالات مجففة بالتجميد من بكتيريا Staphylococcus aureus المقاوِمة للميثيسيلين، من ستينيات القرن الماضي حتى ثمانينياته. ويقول: “عمليًّا، ما كنا نفعله يُشبه علم الآثار الوراثي؛ من ناحية تفحّصنا للجينومات، ومقارنة تنوُّعاتها، واستخدام تلك المعلومات لإعادة بناء التاريخ التطوُّري على نحو فعّال”.
وقد اكتشفوا أنّ بكتيريا “ستاف”، على ما يبدو، اكتسبت جين مقاومة الميثيسيلين في منتصف أربعينيات القرن الماضي، أي قبل 15 عامًا من ظهور الميثيسيلين في الأسواق. وقد خلصوا إلى أنّ الاستخدام واسع النطاق للبنسلين هو ما أدى إلى تأقلم البكتيريا وتغيرها بهذا الشكل. وقد نُشِرت هذه النتائج في دورية “جينوم بيولوجي” Genome Biology.
بدأ استخدام الميثيسيلين في المملكة المتحدة عام 1959. وبعد أقل من عام، جرى الإبلاغ عن أول ظهور للمقاومة -والتي يتبيّن الآن أنّ سُلالات “ستاف” كانت قد اكتسبتها من قبل ذلك. وبالتطّلُّع قُدُمًا، يقول هولدن بأنّه سيكون من المفيد أن نراقب بحذر الخصائص الوراثية للسُلالات الموجودة اليوم؛ لنعرف أيُّها قد تكون جاهزةً لمقاومة أحدث مضاداتنا الحيوية حال تطويرها.
اقرأ أيضًا: الإنسان الأول هاجر إلى السعودية قبل 85 ألف سنة
تم نقل المقال من Scientific American بالتصرف.