الانحدار مع التعديل
لقد عرّفنا التطور على أنه تحدر السلالة من سلفٍ مشتركٍ مع التعديلات. ولكن ما الذي تم تعديله فعلياً؟ فالتطور يحدث فقط عندما يكون هنالك تغيّرٌ في تكرار المورثات ضمن كتلةٍ سكانيةٍ مع مرور الوقت. إذ يمكن توريث هذه الاختلافات الوراثية ونقلها إلى الجيل التالي، وهذا ما يمثل الجوهر الحقيقيّ للتطور: تغيراتٌ طويلة المدى.
بمقارنة هذين المثالين على التغير في كتلٍ سكانيةٍ من الخنافس، أيهما مثالٌ على التطور؟
1- خنافسٌ بحميةٍ غذائيةٍ: لنتخيل عاماً أو عامين من الجفاف، حيث يوجد عددٌ قليلٌ من النباتات التي يمكن للخنافس أن تتغذى عليها. | |
تمتلك كل الخنافس نفس فرص النجاة والتكاثر، ولكن الخنافس في الكتلة السكانية ستكون أصغر بقليلٍ من الجيل السالف بسبب القيود الغذائية. | |
2– خنافس تمتلك لوناً مختلفاً أغلب الخنافس في الكتلة السكانية (لنفترض نحو 90%) تملك مورثاتٍ للون الأخضر اللامع، وعددٌ قليلٌ منها (10%) يملك مورثاً يجعلها تميل أكثر للون البنيّ. | |
تغيرت الأمور بعد عدة أجيال: فالخنافس البنية أصبحت أكثر شيوعاً مما كانوا ويمثلون حوالي 70% من العدد الكلي للخنافس. |
أيّ مثالٍ يوضح الانحدار مع التعديل (أيّ التغير في تكرار المورثات مع الوقت)؟
إن التغير في الوزن بالمثال الأول حدث بسبب عوامل بيئيةٍ، وهي تناقص الغذاء، وليس بسبب تغيّرٍ في تكرار المورثات. ولذلك فالمثال الأول ليس تطوراً. فحجم الجسم الضئيل في هذه الكتلة السكانية لم يُحدد وراثياً، وسوف ينتج هذا الجيل ضئيل الحجم خنافساً ستنمو إلى الحجم الطبيعيّ لو توافرت كمياتٌ طبيعيةٌ من الغذاء.
أما تغير اللون في المثال الثاني فهو بالتأكيد تطورٌ: فهذين الجيلين من نفس الكتلة السكانية اختلفا وراثياً. ولكن كيف حدث هذا؟
تم نقل المقال من مجلة السعودي العلمي بالتصرف.
اقرأ أيضًا: منهج التطور 101 – الآليات (مقدمة)