كشفت دراسة عملية نشرتها دورية “نيتشر إيكولوجي آند إيفولوشن” اليوم، الإثنين 6 أغسطس، أسباب السلوك العدواني الذي تُمارسه “الثعالب الحمراء” المُدجنة تجاه البشر.
تتبَّع الفريق البحثي المشارك في الدراسة جينوم الثعلب الأحمر، وحددوا 103 مناطق جينومية قاموا باستهدافها، بما في ذلك العديد من الجينات المرتبطة بالاضطرابات العصبية، مثل التوحد و”اضطراب المزاج ثنائي القطب”؛ لمعرفة الأسباب التي تجعل الثعالب عدوانية في سلوكها تجاه البشر.
وتشير الدراسة إلى أن “هناك جينات عصبية وظيفية مسؤولة عن السلوك العدائي للثعالب الحمراء التي يتم ترويضها داخل المزارع، ويؤدي الجين المُسمى SorCS1 دورًا حاسمًا في تلك المسألة؛ لما له من دور رئيسي في الجهاز العصبي للثعالب الحمراء”.
وتنتمي “الثعالب الحمراء” إلى “اللواحم”، وهي رتبة من “الثدييات الحقيقية” انفصلت في مسارها التطوري عن الكلاب المنزلية قبل نحو 10 ملايين عام، وفشلت كل الجهود المبذولة لتدجينها حتى منتصف القرن الـ19، عندما تمكنت مجموعة من سكان “جزيرة الأمير إدوارد” من تدجينها بغرض الحصول على فرائها.
وبالرغم من تكيُّف “الثعالب الحمراء” مع بيئة المزرعة على مدى قرن من الزمان، ظل سلوكها مختلفًا تمامًا عن سلوك الكلاب في ظل ما تُظهره تلك الكائنات من خوفٍ وعدوانٍ تجاه البشر.
ويقول “جوجي تشانج” -الباحث في علوم الأحياء بجامعة كوبنهاجن وأحد مؤلفي الدراسة- في تصريحات لـ”للعلم”: “إن الفريق البحثي استخدم تقنيات الوراثة الجزيئية لرسم خريطة وراثية وتحديد مقاطع الحمض النووي لبناء خريطة الارتباط الوراثي QTL التي ساعدت على كشف سلوكيات الثعالب الحمراء”.
وفحص الباحثون ثلاث مجموعات من الثعالب الحمراء، الأولى تميزت بسلوك عدواني تجاه البشر، أما الثانية فتم تدجينها للتفاعل بصورة إيجابية مع الإنسان، وتميز سلوك المجموعة الثالثة بالهدوء، لكنها تخاف حين يقترب منها البشر، وفق “تشانج”.
ويضيف أن “الدراسة استغرقت 4 سنواتٍ كاملة، وتمكنَّا من تحديد الجين المسؤول عن النشاط العصبي الذي ينجم عنه السلوك العدواني للثعالب الحمراء عن طريق عقد مقارنات بين المجموعات الثلاث، واتضح أن المناطق العصبية في الثعالب الأكثر عدوانيةً تنشط بصورة أكبر مقارنة بنظيرتها عند الثعالب المُدجنة”.
وأعرب “تشانج” عن أمله في أن تنعكس النتائج بشكل إيجابي على البشر، مضيفًا أن “الجينات المرتبطة بالعدوان والقلق في الثعالب ترتبط أيضًا باضطرابات سلوكية بشرية، مثل التوحد وفرط الانتباه وانفصام الشخصية والاضطراب ثنائي القطب، النتائج التي توصلنا إليها قد تساعد في فهم تلك الاضطرابات عند البشر، خاصةً أن جينات الثعالب تتشابه مع جينات البشر حين نتحدث عن السلوك العدائي”.
تم نقل المقال من Scientific American بالتصرف.